ترجمة العبدي الكوفي











ترجمة العبدي الکوفي



أبومحمد سفيان بن مصعب العبدي الکوفي. من شعراء أهل البيت الطاهر المتزلفين إليهم بولائه وشعره، ألمقبولين عندهم لصدق نيته وانقطاعه إليهم، وقد ضمن شعره غير يسير من مناقب مولانا أميرالمؤمنين الشهيرة، وأکثر من مدحه ومدح ذريته الاطيبين وأطاب، وتفجع علي مصائبهم ورثاهم علي ما انتابهم من المحن، ولم نجد في غير آل الله له شعرا.

إستنشده الامام الصادق صلوات الله عليه شعره کما في رواية ثقة الاسلام الکليني في «روضة الکافي» باسناده عن أبي داود المسترق عنه قال: دخلت علي أبي عبدالله عليه السلام فقال: قولوا لام فروة: تجيئ فتسمع ما صنع بجدها. قال: فجاءت فقعدت خلف الستر ثم قال: فأنشدنا. قال: فقلت:

فر وجودي بدمعک المسکوب. ............

قال: فصاحت وصحن النسآء فقال أبوعبدالله عليه السلام: ألباب. فاجتمع أهل

[صفحه 295]

المدينة علي الباب قال: فبعث إليهم أبوعبدالله: صبي لنا غشي عليه فصحن النسآء. و استنشد شعره الامام أبا عمارة المنشد کما في «الکامل لابن قولويه» ص 105 باسناده عن أبي عمارة قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا عمارة؟ أنشدني للعبدي في الحسين عليه السلام قال: فأنشدته فبکي ثم أنشدته فبکي ثم أنشدته فبکي. قال: فوالله ما زلت أنشده ويبکي حتي سمعت البکاء من الدار. ألحديث.

عده شيخ الطايفة في رجاله من أصحاب الامام الصادق ولم يک صحبته مجرد الفة معه، أو محض اختلاف إليه، أو أن عصرا واحدا يجمعهما لکنه حظي بزلفة عنده منبعثة عن صميم الود وخالص الولاء، وايمان لا يشوبه أي شائبة حتي أمر الامام عليه السلام شيعته بتعليم شعره أولادهم وقال: إنه علي دين الله. کما رواه الکشي في رجاله ص 254 بإسناده عن سماعة قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا معشر الشيعة علموا أولادکم شعر العبدي فإنه علي دين الله.

وينم عن صدق لهجته، واستقامة طريقته في شعره، وسلامة معانيه عن أي مغمز، أمر الامام عليه السلام إياه بنظم ما تنوح به النسآء في المأتم کما رواه الکشي في رجاله ص 254.

وکان يأخذ الحديث عن الصادق عليه السلام في مناقب العترة ألطاهرة فينظمه في الحال ثم يعرضه عليه کما رواه إبن عياش في « مقتضب الاثر » عن أحمد بن زياد الهمداني قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي عن الحسن بن علي سجاده عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال: کنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال: جعلني الله فداک ما تقول في قوله تعالي ذکره: و علي الاعراف رجال يعرفون کلا بسيماهم؟![1] قال: هم الاوصياء من آل محمد الاثني عشر لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه. قال: فما الاعراف جعلت فداک؟! قال: کثائب من مسک عليها رسول الله والاوصياء يعرفون کلا بسيماهم. فقال سفيان: أفلا أقول في ذلک شيئا؟! فقال من قصيدة:


أيا ربعهم هل فيک لي اليوم مربع؟!
وهل لليال کن لي فيک مرجع؟!

[صفحه 296]

يقول فيها:


وأنتم ولاة الحشر والنشر والجزاء
وأنتم ليوم المفزع الهول مفزع


وأنتم علي الاعراف وهي کثائب
من المسک رياها بکم يتضوع


ثمانية بالعرش إذ يحملونه
ومن بعدهم في الارض هادون أربع


والقارئ إذا ضم بعض ما ذکرنا من حديث المترجم له إلي الآخر يقف علي رتبة عظيمة له من الدين تقصر دون شأوها الوصف بالثقة، ويشاهد له في طيات الحديث والتأريخ حسن حال وصحة مذهب تفوق شؤون الحسان، فلا مجال للتوقف في ثقته کما فعله العلامة الحلي، ولا لعده من الحسان کما فعله غيره، ولا يبقي لنسبته إلي الطيارة (أي الغلو والارتفاع في المذهب) وزن کما رآه أبوعمر والکشي في شعره، ولم نجد في شعره البالغ إلينا إلا المذهب الصحيح، والولاء المحض لعترة الوحي، والتشيع الخالص عن کل شائبة سوء.

ويزيدک ثقة به وإعتمادا عليه رواية مثل أبي داود المنشد سليمان بن سفيان المسترق المتسالم علي ثقته عنه، وأبوداود هو شيخ الاثبات الاجلة نظرآء الحسن بن محبوب، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وعلي بن الحسين بن فضال. کما أن إفراد مثل الحسين بن محمد بن علي الازدي الکوفي المجمع علي ثقته وجلالته تأليفه في أخبار المترجم له وشعره عده النجاشي في فهرسته ص 49 من کتبه يؤذن بموقفه الشامخ عند أعاظم المذهب، وينبؤ عن إکبارهم محله من العلم والدين.



صفحه 295، 296.





  1. سورة الاعراف. آية 46.