جنايات علي الحديث











جنايات علي الحديث



منها: ما ارتکبه الطبري في تفسيره 19 ص 74 فإنه بعد روايته له في تاريخه کما سمعت قلب عليه طهر المجن في تفسيره فأثبته برمته حرفيا متنا وإسنادا غير أنه أجمل القول فيما لهج به رسول الله صلي الله عليه وآله في فضل من يبادر إلي تلقي الدعوة

[صفحه 288]

بالقبول قال فقال: فأيکم يوازرني علي هذا الامر علي أن يکون أخي وکذا وکذا؟!. وقال في کلمته صلي الله عليه وآله الاخيرة: ثم قال: إن هذا أخي وکذا وکذا.

وتبعه علي هذا التقلب إبن کثير الشامي في البداية والنهاية 3 ص 40 وفي تفسيره 3 ص 351 فعل إبن کثير هذا وثقل عليه ذکر الکلمتين وبين يديه تاريخ الطبري وهو مصدره الوحيد في تاريخه وقد فصل فيه الحديث تفصيلا لانه لا يروق إثبات النص لامير المؤمنين بالوصية والخلافة الدينية، والدلالة عليه والاشارة إليه. وهل هذه الغاية مقصد الطبري حينما حرف الکلم عن مواضعه في التفسير بعد ما جاء به صحيحا في التأريخ علي حين غفلة عنها؟! أنا لا أدري، لکن الطبري يدري. وأحسبک أيها القارئ جد عليم بذلک.

ومنها: خزاية فاضحة تحملها محمد حسين هيکل حيث أثبت الحديث کما أوعزنا إليه في الطبعة الاولي من کتابه- حياة محمد- ص 104 بهذا اللفظ:

نزل الوحي: أن أنذر عشيرتک الاقربين. واخفض جناحک لمن اتبعک من المؤمنين. وقل إني أنا النذير المبين. فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشرکين، و دعا محمد عشيرته إلي طعام في بيته وحاول أن يحدثهم داعيا إياهم إلي الله فقطع عمه أبولهب حديثه. واستنفر القوم ليقوموا. ودعاهم محمد في الغداة کرة اخري. فلما طعموا قال لهم: ما أعلم إنسانا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتکم به قد جئتکم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني ربي أن أدعوکم إليه فأيکم يوازرني هذا الامر وأن يکون أخي ووصيي وخليفتي فيکم؟! فأعرضوا عنه وهموا بترکه لکن عليا نهض وما يزال صبيا دون الحلم وقال: أنا يا رسول الله؟ عونک أنا حرب علي من حاربت. فابتسم بنو هاشم وقهقه بعضهم وجعل نظرهم يتنقل من أبي طالب إلي ابنه ثم انصرفوا مستهزئين. اه .

فإنه أسقط من الحديث أولا ما فرع به رسول الله صلي الله عليه وآله کلامه من قوله لعلي: فأنت أخي ووصيي ووارثي. ثم نسب إلي أميرالمؤمنين ثانيا انه قال: أنا يا رسول الله عونک أنا حرب علي من حاربت. ليته دلنا علي مصدر هذه النسبة في لفظ أي محدث أو مؤرخ من السلف؟! وراقه أن يحکم في الحضور في تلک الحفلة بتبسم بني هاشم

[صفحه 289]

وقهقهة بعضهم ولم نجد لهذا التفصيل مصدرا يعول عليه.

ومهما لم يجد هيکل وراءه من يأخذه بمقاله، ولم يرهناک من يناقشه الحساب في تقولاته وتصرفاته أسقط منه ما يرجع إلي أميرالمؤمنين عليه السلام في الطبعة الثانية سنة 1354 ص 139، ولعل السر فيه لفتة منه إلي غاية إبن کثير وأمثاله بعد النشر، أو أن اللغط والصخب حول القول قد کثرا عليه هناک من مناوئي العترة الطاهرة، فأخذته أمواج اللوم والعتب حتي إضطرته إلي الحذف والتحريف. أو ان العادة المطردة في جملة من المطابع عاثت في الکتاب فغض عنها الطرف صاحبه لاشتراکه معها في المبدء أو عجزه عن دفعها. وعلي أي فحي الله الشعور الحي، والامانة الموصوفة، والحق المضاع المأسوف عليه.

أسفي علي بسطاء الامة الاسلامية وإعتنائهم بمثل هذه الکتب المشحونة بزخرف القول وأباطيل الکلم المموهة وقد جاءت بذات الرعد والصليل[1] وسيل بالامة و هي لا تدري[2] ثم أسفي علي مصر وحملة علمها المتدفق، وعلي تآليفها القيمة، وکتابها النزهاء، فإنها راحت ضحية تلکم الشهوات والميول، ضحية تلکم النفوس الخائرة، ضحية تلکم الکفريات المبيدة للمجتمع، ضحية تلکم الاقلام المستأجرة وقد إتخذت الباطل دغلا، وشغرت لها الدنيا برجلها[3] .

قل هل ننبأکم بالاخسرين أعمالا ألذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا

[صفحه 290]



صفحه 288، 289، 290.





  1. مثل يضرب لمن جاء بشر وعر.
  2. مثل يضرب للساعي الغافل.
  3. يضرب لمن ساعدته الدنيا فنال منها حظه.