الحديث بلفظ الطبري و صوره السبع











الحديث بلفظ الطبري و صوره السبع



أخرج الطبري في تأريخه 2 ص 216 عن إبن حميد قال: حدثنا سلمة قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبدالغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، عن عبدالله بن العباس عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية علي رسول الله صلي الله عليه وآله: وأنذر عشيرتک الاقربين[1] دعاني رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: يا علي؟ إن الله أمرني أن أنذر عشيرتک الاقربين فضقت بذلک ذرعا وعرفت اني متي ابادئهم بهذا الامر أري منهم ما أکره فصمت عليه حتي جاء جبريل فقال: يا محمد؟ إنک إلا تفعل ما تؤمر به يعذبک ربک. فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملا لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبدالمطلب حتي اکلمهم وابلغهم ما امرت به. ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه: أبوطالب وحمزة والعباس وأبولهب فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله

[صفحه 279]

صلي الله عليه وآله حذية من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: خذوا بسم الله فأکل القوم حتي مالهم بشيئ حاجة وما أري إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده وإن کان الرجل الواحد منهم ليأکل ما قدمت لجميعهم، ثم قال: إسق القوم. فجئتهم بذلک العس فشربوا حتي رووا منه جميعا، وأيم الله إن کان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله صلي الله عليه وآله أن يکلمهم بدره أبولهب إلي الکلام فقال: لقدما سحرکم صاحبکم. فتفرق القوم ولم يکلمهم رسول الله صلي الله عليه وآله فقال الغد: يا علي؟ إن هذا الرجل سبقني إلي ماقد سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن اکلمهم فعدلنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم أجمعهم إلي. قال: ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل کما فعل بالامس، فأکلوا حتي مالهم بشيئ حاجة ثم قال: إسقهم. فجئتهم بذلک العس فشربوا حتي رووا منه جميعا ثم تکلم رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: يا بني عبدالمطلب؟ إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتکم به، إني قد جئتکم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالي أن أدعوکم إليه فأيکم يوازرني علي هذا الامر علي أن يکون أخي ووصيي وخليفتي فيکم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا وقلت وإني لاحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، و أعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا: أنا يا نبي الله؟ أکون وزيرک عليه. فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيکم فاسمعوا له وأطيعوا قال: فقام القوم يضحکون ويقولون لابي طالب: قد أمرک أن تسمع لابنک وتطيع.

وبهذا اللفظ أخرجه أبوجعفر الاسکافي المتکلم المعتزلي البغدادي المتوفي 240 في کتابه نقض العثمانية[2] وقال: إنه روي في الخبر الصحيح. ورواه الفقيه برهان الدين[3] في أنباء نجباء الابناء ص 46 -48. وإبن الاثير في «الکامل» 2 ص 24. وأبوالفدا عماد الدين الدمشقي في تاريخه 1 ص 116. وشهاب الدين الخفاجي في «شرح الشفا» للقاضي عياض 3 ص 37 وبتر آخره وقال: ذکر في دلايل البيهقي وغيره بسند صحيح. والخازن علاء الدين البغدادي في تفسيره ص 390. و

[صفحه 280]

الحافظ السيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 6 ص 392 نقلا عن الطبري وفي ص 397 عن الحفاظ الستة: إبن إسحاق. وإبن جرير. وإبن أبي حاتم. وإبن مردويه وأبي نعيم. والبيهقي. وإبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 3 ص 254. وذکره المؤرخ جرجي زيدان في تاريخ التمدن الاسلامي 1 ص 31. والاستاذ محمد حسين هيکل في حياة محمد ص 104 من الطبعة الاولي.

ورجال السند کلهم ثقات إلا أبومريم عبدالغفار بن القاسم فقد ضعفه القوم وليس ذلک إلا لتشيعه فقد أثني عليه إبن عقدة وأطراه وبالغ في مدحه کما في لسان الميزان ج 4 ص 43، وأسند إليه وروي عنه الحفاظ المذکورون وهم أساتذة الحديث، وأئمة الاثر، والمراجع في الجرح والتعديل، والرفض والاحتجاج، ولم يقذف أحد منهم الحديث بضعف أو غمز لمکان أبي مريم في إسناده، واحتجوا به في دلايل النبوة والخصايص النبوية.

وصححه أبوجعفر الاسکافي وشهاب الدين الخفاجي کما سمعت وحکي السيوطي في «جمع الجوامع» کما في ترتيبه 6 ص 396 تصحيح إبن جرير الطبري له. علي أن الحديث ورد بسند آخر رجاله کلهم ثقات کما يأتي، أخرجه أحمد في مسنده 1 ص 111 بسند رجاله کلهم من رجال الصحاح بلا کلام وهم: شريک. الاعمش. ألمنهال. عباد.

وليس من العجيب ما هملج به إبن تيمية من الحکم بوضع الحديث فهو ذلک المتعصب العنيد، وإن من عادته إنکار المسلمات، ورفض الضروريات، وتحکماته معروفة، وعرف منه المنقبون أن مدار عدم صحة الحديث عنده هو تضمنه فضايل العترة الطاهرة.



صفحه 279، 280.





  1. سورة الشعراء آية 214.
  2. راجع شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 3 ص 263.
  3. محمد بن محمد بن محمد بن ظفر المکي المغربي المولود 497 والمتوفي 567-65.