اخبار السيد وملحه
1- روي أبوالفرج في «الاغاني» 7 ص 250 باسناده عن رجل قال: کنت أختلف إلي إبني قيس، وکانا يرويان عن الحسن[1] فلقيني السيد يوما وأنا منصرف من عندهما، فقال: أرني ألواحک أکتب فيها شيئا وإلا أخذتها فمحوت ما فيها. فأعطيته ألواحي فکتب فيها. [صفحه 261] لشربة من سويق عند مسغبة أشد مما روي حبا إلي بنو مما رواه فلان عن فلانهم 2- جلس السيد يوما إلي قوم فجعل ينشدهم وهم يلغطون. فقال: قد ضيع الله ما جمعت من أدب لا يسمعون إلي قول أجيئ به أقول ما سکتوا: إنس فإن نطقوا 3- إجتمع السيد في طريقه بامرأة تميمية إباضية، فأعجبها وقالت: اريد أن أتزود بک ونحن علي ظهر الطريق. قال: يکون کنکاح ام خارجة قبل حضور ولي وشهود، فاستضحکت وقالت: ننظر في هذا، وعلي ذلک فمن أنت؟ فقال: إن تسأليني بقومي تسألي رجلا حولي بها ذو کلاع في منازلها والازد أزد عمان الاکرمون إذا بانت کريمتهم عني فدارهم لي منزلان بلحج منزل وسط ثم الولاء الذي أرجو النجاة به فقالت: قد عرفناک ولا شيئ أعجب من هذا يمان وتميمية، ورافضي وإباضية، فکيف يجتمعان؟ فقال: بحسن رأيک في، تخسو نفسک، ولا يذکر أحدنا سلفا ولا مذهبا. قالت: أفليس التزويج إذا علم انکشف معه المستور، وظهرت خفيات الامور؟؟!! قال: أعرض عليک اخري. قالت: ما هي؟ قال: ألمتعة التي لا يعلم بها أحد. قالت: تلک اخت الزنا. قال: اعيذک بالله أن تکفري بالقرآن بعد الايمان. قالت: فکيف؟ قال: قال الله تعالي: فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليکم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة. فقالت: ألا تستخير الله واقلدک إن کنت صاحب قياس؟! قال: قد فعلت. فانصرفت معه وبات معرسا بها، وبلغ أهلها من الخوارج أمرها، فتوعدوها بالقتل وقالوا: تزوجت بکافر؟! فجحدت ذلک ولم يعلموا بالمتعة. فکانت [صفحه 262] مدة تختلف إليه علي هذه السبيل من المتعة وتواصله حتي إفترقا. قول السيد في صدر القصة: يکون کنکاح ام خارجة: ايعاز إلي المثل الساير: أسرع من نکاح ام خارجة. يضرب به في السرعة، وام خارجة هي عمرة بنت سعد بن عبدالله بن قدار بن ثعلبة کان يأتيها الخاطب فيقول: خطب. فتقول: نکح. فيقول: انزلي. فتقول: أنخ. قال المبرد: ولدت ام خارجة للعرب في نيف وعشرين حيا من آباء متفرقة، وکانت هي إحدي النساء اللاتي إذا تزوجت واحدة ألرجل فأصبحت عنده کان أمرهااليها إن شاءت أقامت وإن شاءت ذهبت، وعلامة إرتضائها للزوج أن تعالج له طعاما إذا أصبح. 4- قال علي بن المغيرة: کنت مع السيد علي باب عقبة بن سلم ومعنا إبن لسليمان إبن علي ننتظره وقد اسرج له ليرکب، إذ قال إبن سليمان بن علي يعرض بالسيد: أشعر الناس والله الذي يقول: محمد خير من يمشي علي قدم فوثب السيد وقال: أشعر والله منه الذي يقول: سائل قريشا إذا ما کنت ذاعمه من کان أعلمها علما؟! وأحلمها إن يصدقوک فلن يعدو أبا حسن ثم أقبل علي الهاشمي فقال: يا فتي؟ نعم الخلف أنت لشرف سلفک، أراک تهدم شرفک، وتثلب سلفک، وتسعي بالعدواة علي أهلک، وتفضل من ليس أصلک من أصله علي من فضلک من فضله، وسأخبر أميرالمؤمنين عنک بذا حتي يضعک، فوثب الفتي خجلا ولم ينتظر عقبة بن سلم. وکتب إليه صاحب خبره بما جري عند الرکوبة حتي خرجت الجائزة للسيد. 5- روي أبوسليمان الناجي: أن السيد قدم الاهواز وأبوبجير بن سماک الاسدي يتولاها وکان له صديقا، وکان لابي بجير مولي يقال له يزيد بن مذعور يحفظ شعر السيد وينشده أبا بجير، وکان أبوبجير يتشيع. فذهب السيد إلي قوم من إخوانه [صفحه 263] بالاهواز فنزل بهم وشرب عندهم فلما أمسي إنصرف، فأخذه العسس[2] فحبس. فکتب من غده بهذه الابيات وبعث بها إلي يزيد بن مذعور، فدخل علي أبي بجير و قال: قد جني عليک صاحب عسسک مالاقوام لک به. قال: وما ذلک؟! قال: إسمع هذه الابيات کتبها السيد من الحبس، فأنشده يقول: قف بالديار وحيها يا مربع إن الديار خلت وليس بجوها ولقد تکون بها أوانس کالدمي[3] . حور نواعم لا تري في مثلها فعرين بعد تألف وتجمع فاسلم فإنک قد نزلت بمنزل تأتي هواک إذا نطقت بحاجة قل للامير إذا ظهرت بخلوة :هب لي الذي أحببته في أحمد يختص آل محمد بمحبة ويقول فيها: قم يابن مذعور فأنشد نکسوا لولا حذار أبي بجير أظهروا لا تجزعوا فلقد صبرنا فاصبروا إذ لا يزال يقوم کل عروبة[4] . مستحفز في غيه متتابع ليسر مخلوقا ويسخط خالقا فلما سمعها أبوبجير دعا صاحب عسسه فشتمه وقال: جنيت علي مالا يدلي [صفحه 264] به. إذهب صاغرا إلي الحبس وقل: أيکم أبوهاشم؟ فإذا أجابک فأخرجه واحمله علي دابتک وامش معه صاغرا حتي تأتيني به. ففعل، فأبي السيد ولم يجبه إلي الخروج إلا بعد أن يطلق له کل من اخذ معه، فرجع إلي أبي بجير فأخبره، فقال: ألحمد لله الذي لم يقل: أخرجهم وأعط کل واحد منهم مالا. فما کنا نقدر علي خلافه، إفعل ما أحب برغم أنفک الآن. فمضي فخلي سبيله وسبيل کل من کان معه ممن اخذ في تلک الليلة، وأتي به إلي أبي بجير: فتناوله بلسانه وقال: قدمت علينا فلم تأتنا وأتيت بعض أصحابک الفساق، وشربت ما حرم عليک حتي جري ما جري. فاعتذر من ذلک إليه؟ فأمر له أبوبجير بجائزة سنية وحمله وأقام عنده مدة.
روي أبوالفرج وغيره شطرا وافيا من أخبار السيد وملحه ونوادره لو جمعت ليأتي کتابا ونحن نضرب عن ذکر جميعها صفحا ونقتصر منها بنبذة يسع لذکرها المجال.
وأکلة من ثريد لحمه واري
قيس ومما روي صلت بن دينار
داک الذي کان يدعوهم إلي النار
بين الحمير وبين الشاء والبقر
وکيف تستمع الانعام للبشر؟!
قلت: الضفادع بين الماء والشجر
في ذروة العز من أحياء ذي يمن
وذو رعين وهمدان وذو يزن
عدت مآثرهم في سالف الزمن
داري وفي الرحب من أوطانهم وطني
منها ولي منزل للعز في عدن
من کبة النار للهادي أبي حسن
وصاحباه وعثمان بن عفانا
من کان أثبتها في الدين أوتادا؟!
حلما؟! وأصدقها قولا وميعادا؟!
إن أنت لم تلق للابرار حسادا
واسأل وکيف يجيب من لا يسمع؟!
إلا الضوايح والحمام الوقع
جمل وعزة والرباب ويوزع
أمثالهن من الصيانة أربع
والدهر- صاح- مشتت ما تجمع
عند الامير تضر فيه وتنفع
فيه وتشفع عنده فيشفع
منه ولم يک عنده من يسمع
وبنيه إنک حاصد ما تزرع
في الصدر قد طويت عليها الاضلع
خضع الرقاب بأعين لا ترفع
شنآنهم وتفرقوا وتصدعوا
سبعين عاما والانوف تجدع
منکم بصاحبنا خطيب مصقع
في الشتم مثله بخيل يسجع
إن الشقي بکل شر مولع
صفحه 261، 262، 263، 264.