خطبتها حين اجتمعت عندها نساء المهاجرين والأنصار















خطبتها حين اجتمعت عندها نساء المهاجرين والأنصار



1/8825- (أبوالحسن) علي بن محمّد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني، قال: أخبرنا أبوعبداللَّه جعفر بن محمّد بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال: حدّثنا محمّد بن علي الهاشمي، قال: حدّثنا عيسي بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي‏طالب، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال:

لما حضرت فاطمة سلام اللَّه عليها الوفاة دعتني، فقالت: أمنفّذ أنت وصيّتي وعهدي؟ قال: قلت: بلي اُنفذها، فأوصت إليه وقالت: إذا أنا متُّ فادفنّي ليلاً ولا تؤذننّ رجلين- ذکرتهما-.

قال: لما اشتدّت علّتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار، فقلن: کيف أصبحتِ يا بنت رسول‏اللَّه من علّتکِ؟

فقالت: أصبحت واللَّه عائفة لدنياکم، قالية لرجالکم، لفظتهم قبل أن عجمتهم،

[صفحه 46]

وشنئتهم بعد أن سبرتهم، فقبحاً لفلول الحَد و خور القناة، وخطل الرأي، وبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط اللَّه عليهم وفي العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلّدتهم رِبقتها وشننت عليهم عارتها، فجدعاً وعقراً وسحقاً للقوم الظالمين.

ويحهم أنا زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوّة ومهبط الوحي الأمين، والطبين بأمر الدنيا والدين، ألا ذلک هو الخسران المبين، وما نقموا من أبي‏الحسن، نقموا واللَّه منه نکير سيفه وشدّة وطأته، ونکال وقعته، وتنمّره في ذات اللَّه عزّوجلّ، واللَّه لو تکافّوا عن زمام نبذه رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله إليه لاعتلقه، ولَسار بهم سيراً سجحاً لا يکلم خشاشه ولا يتعتع راکبه، ولأوردهم منهلاً خيراً فضفاضاً تطفح ضفّتاه (ولا يترنق جانباه)، ولأصدرهم بطاناً قد تخيّر لهم الريّ، غير متحلٍّ منه بطائل ولا يحظي من الدنيا بنائل، غير ريّ الناهل وشبعة الکافل، ولبان لهم الزاهد من الراغب، والصادق من الکاذب، «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَي آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَکَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلکِنْ کَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا کَانُوا يَکْسِبُونَ»،.[1] «وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا کَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ».[2].

ألا هلمّ فاستمع وما عشت أراک الدهر عجباً، وإن تعجب فعجب قولهم، ليت شعري إلي أيّ سناد استندوا وعلي أيّ عمادٍ اعتمدوا، وبأيّة عروة تمسّکوا، وعلي أيّ ذريّة أخدموا واحتنکوا، لبئس المولي ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلاً، استبدلوا الذنابي واللَّه بالقوادم، والعجز بالکاهل، فرغماً لمعاطِس قوم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ألا إنّهم هم المفسدون ولکن لا يشعرون، ويحهم «أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَي فَمَا لَکُمْ کَيْفَ تَحْکُمُونَ».[3].

[صفحه 47]

أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثمّ احتلبوا مل‏ء القَعب دماً عبيطاً وذعافاً مبيداً، هنا لک يخسر المبطلون ويَعرف التالون غبّ ما أسّس الأوّلون، ثمّ طيبوا عن دنياکم أنفساً، واطمئنّوا للفتنة جأشاً، وأبشروا بسيفٍ صارم، وسطوة معتدٍ غاشم، وبهَرَجٍ شامل، واستبداد من الظالمين، يدع فيئکم زهيداً وجمعکم حصيداً، فيا حسرةً لکم وأنّي بکم وقد عميت عليکم أنلزمکموها وأنتم لها کارهون[4].

[صفحه 48]


صفحه 46، 47، 48.








  1. الأعراف: 96.
  2. الزمر: 51.
  3. يونس: 35.
  4. معاني الأخبار: 355؛ البحار 159:43.