نامه 047-وصيت به حسن و حسين











نامه 047-وصيت به حسن و حسين



[صفحه 169]

بيان: بغاه طلبه. و رواه عنه قبضه و صرفه. قوله- عليه‏السلام- الله الله اي اتقوا الله و اذکروا الله. قوله- عليه‏السلام- فلا تغبوا افواههم اي لاتجيعوهم بان تطعموهم يوما و تترکوهم يوما. و روي فلا تغيروا افواههم و المعني واحد، فان الجائع يتغير فمه. قوله- عليه‏السلام- فانه وصيه نبيکم الحمل للمبالغه، اي اوصاکم فيهم. و الفاه وجده.

[صفحه 169]

و قال الجوهري: يقال: مثلت بالحيوان اذا قطعت اطرافه و شوهت به، و مثلت بالقتيل اذا جدعت انفه و اذنه و مذاکيره او شيئا من اطرافه، فاما مثل بالتشديدي، للمبالغه. تذنيب: سئل الشيخ المفيد- قدس الله روحه- في المسائل العکبريه: الامام عندنا مجمع علي انه يعلم ما يکون، فما بال اميرالمومنين- عليه‏السلام- خرج الي المسجد و هو يعلم انه مقتول و قد عرف قاتله و الوقت و الزمان؟ و ما بال الحسين بن علي- عليهماالسلام- سارالي الکفوفه و قد علم انهم يخذلونه و لا ينصرونه و انه مقتول في سفرته تيک؟ و لم لما حصروا و عرف ان الماء قد منه منه و انه ان حفر اذرعا قريبه نبع الماء و لم يحفر و اعان علي نفسه حتي تلف عطشا؟ و الحسن - عليه‏السلام- وادع معويه و هادنه و هو يعلم انه ينکث و لا يفي و يقتل شيعه ابيه- عليه‏السلام-، فاجاب الشيخ- رحمه الله- عنها بقوله: و اما الجواب عن قوله ان الامام يعلم ما يکون فاجماعنا ان الامر علي خلاف ما قال، و ما اجمعت الشيعه علي اهدا القول. و انما اجماعهم ثابت علي ان الامام يعلم الحکم في کل مايکون دون ان يکون عالما باعيان ما يحدث و يکون علي التفصيل و التمييز، و هذا بسقط الاصل الذي بني عليه الاسوله باجمعها.

و لسنا نمنع ان يعلم الامام اعين ما يحدث و يکون باعلام الله- تعالي- له ذلک، فاما القول بانه يعلم کل ما يکون، فلسنا نطلقه و لا نصوب فائله، لدعواه فيه من غير حجه و لا بيان. و القول بان اميرالمومنين- عليه‏السلام- کان يعلم قاتله و الوقت الذي کان يقتل فيه فقد جاء الخبر متظاهرا انه کان يعلم في اذجمله انه مقتول، و جاء ايضا بانه يعلم قاتله علي التفصيل، فاما علمه بوقت قتله، فلم يات عليه اثر علي التحصيل و لو جاء به اثر لم يلزم فيه ما يظنه المعترضون، اذ کان لايمتنع ان يتعبده الله- تعالي- بالصبر علي الشهاده و الاستسلام للقتل، ليبلغه بذلک علو الدرجات ما لا يبلغه الا به، و لعلمه بانه يطيعه في ذلک طاعه لو کلفها سواه لم يردها. و لايکون بذلک اميرالمومنين- عليه‏السلام- ملقيا بيده الي التهلکه، و لا معينا علي نفسه معونه تستقبح في العقول. و اما علم الحسين- عليه‏السلام- بان اهل الکوفه خاذلوه، فلسنا نقطع علي ذلک، اذ لا حجه عليه من عقل و لا سمع، و لو کان عالما بذلک لکان الجواب عنه ما قدمناه في الجواب عن علم اميرالمومنين- عليه‏السلام- بوقت قتله و معرفه قاتله کما ذکرناه. و اما دعواه علينا انا نقول: ان الحسين- عليه‏السلام- کان عالما بمو

ضع الماء قادرا عليه، فلسنا نقول ذلک، و لا جاء به خبر، علي ان طلب الماء و الاجتهاد فيه يقضي بخلاف ذلک. و لو ثبت انه کان عالما بموضع الماء لم يمتنع في العقول ان يکون متعبدا بترک السعي في طلب الماء من حيث کان ممنوعا منه حسب ما ذکرناه في اميرالمومنين- عليه‏السلام- غير ان ظاهر الحال بخلاف ذلک علي ما قدمناه. و الکلام في علم الحسن- عليه‏السلام- بعاقبه موادعته معاويه بخلاف ما تقدم، و قد جاء الخبر بعلمه بدلک، و کان شاهدا الحال له يقضي به، غير انه دفع به عن تعجيل قتله و تسليم اصحابه له الي معاويه، و کان في ذلک لطف في بقثائه الي حال مضيه و لطف لبقاء کثير من شيعته و اهله و ولده، و دفع فساد في الدين هو اعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته. و کان- عليه‏السلام- اعلم بما صنع لما ذکرناه و بينا الوجوه فيه. انتهي کلامه- رفع الله مقامه-. اقول: و سال السيد مهنا بن سنان العلامه الحلي- نورالله ضريحه- عن مثل ذلک في اميرالمومنين- عليه‏السلام- فاجاب بانه يحتمل ان يکون- عليه‏السلام- اخبر بوقوع القتل في تلک الليله، و لم يعلم في اي وقت من تلک الليله او اي مکان يقتل، و ان تکليفه- عليه‏السلام- مغاير لتکليفنا، فجاز ان يکون بذل مهجته الشريفه ف

ي ذات الله- تعالي-، کما يجب علي المجاهد الثبات، و ان کان ثباته يفضي الي القتل. تذييل: راينا في بعض الکتب القديمه روايه في کيفيه شهادته- عليه‏السلام-. اوردنا منه شيئا مما يناسب کتابنا هذا علي وجه الاختصار. قال: روي الوالحسن علي بن عبدالله بن محمد البکري، عن لوط بن يحيي، عن اشياخه و اسلافه قالوا: لما توفي عثمان و بايع الناس اميرالمومنين- عليه‏السلام- کان رجل يقال له حبيب بن المنتجب واليا علي بعض اطراف اليمن من قبل عثمان، فاقره علي- عليه‏السلام- عل عمله، و کتب اليه کتابا يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله اميرالمومنين علي بن ابي‏طالب الي حبيب ابن المنتخب. سلام عليک. اما بعد، فاني احمد الله الذي لا اله الا هو، و اصلي علي محمد عبده و رسوله، و بعد، فاني وليتک ما کنت عليه لمن کان من قبل، فامسک علي عملک، و اني اوصيک بالعدل في رعيتک، والاحسان الي اهل مملکتک، و اعلم ان من ولي علي رقاب عشره من المسلمين و لم يعدل بينهم، حشره الله يوم القيامه و يداه مغلولتان الي عنقه، لا يفکها الا عدله في دارالدنيا، فاذا و رد عليک کتابي هذا فاقراه علي من قبلک من اهل اليمن، و خذلي البيعه عليمن حضرک من المسلمين فاذا بايع القوم مثل

بيعه الرضوان فامکث فيعملک، و انفذ اليمنهم عشره يکونون من عقلائهم و فصحائهم و قثاتهم، ممن يکون اشدهم عونا من اهل الفهم و الشجاعه عارفين بالله، عالمين باديانهم، و ما لهم و ما عليهم، و اجودهم رايا، و عليک و عليهم‏السلام. و طوي الکتاب و ختمه و ارسله مع اعرابي، فلما وصل اليه، قبله و وضعه علي عينيه و راسه، فلما قراه صعد المنبر فحمد الله و اثني عليه، و صلي علي محمد و آله ثم قال: ايها الناس! اعلموا ان عثمان قد قضي نحبه، و قد بايع الناس من بعده العبد الاصالح و الامام الناصح اخو رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- و ابن عمه، و کاشف الکرب عن وجهه، و زوج ابنته و وصيه، و ابوسبطيه اميرالمومنين علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام-، فما تقولون في بيعته و الدخول في طاعته؟ قال: فضج الناس بالبکاء و النحيب، و قالوا: سمعا و طاعه و حبا و کرامه الله و لرسوله و لاخي رسوله، فاخذ له البيعه عليهم عامه، فلما بايعوا قال لهم: اريد منکم عشره من روسائکم و شجعانکم انفذهم اليه کما امرني به، قالوا: سمعا و طاعه. فاختار منهم مائه ثم من المائه سبعين، ثم من السبعين ثلاثين، ثم من الثلاثين عشره، فيهم عبدالرحمن بن ملجم المرادي- لعنه الله-. و خرجوا من ساعتهم، فل

ما اتوه- عليه‏السلام- سلموا عليه و هنووه بالخلافه، فرد عليهم‏السلام و رحب بهم، فتقدم ابن ملجم و قام بين يديه و قال: السلام عليک ايها الامام العادل و البدر التمام، و الليث الهمام، و البطل الضرغام، و الفارس القمقام، و من فضله الله علي سائر الانام، صلي الله عليک و علي آلک الکرام، اشهد انک اميرالمومنين صدقا و حقا، و نک وصي رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- و الخليفه من بعده، و وارث علمه، لعن الله من جحد حقک و مقامک. اصبحت اميرها و عميدها، لقد اشتهر بين البريه عدلک، و هطلت شابيب فضلک و سحائب رحمتک و رافتک عليهم، و لقد انهضنا الامير اليک، فصررنا بالقدوم عليک، فبورکت بهذه الطلعه المرضيه، و هنئت بالخلافه في الرعيه. ففتح اميرالمومنين- عليه‏السلام- عينيه في وجهه، و نظر الي الوفد فقربهم و ادناهم فلما جلسوا دفعوا اليه الکتاب، ففضه و قراه و سر بما فيه، فامر لکل واحد منهم بحله يمانيه و رداء عدنيه و فرس عربيه، و امر ان يفتقدوا و يکرموا، فلما نهضوا قام ابن ملجم و وقف بين يديه و انشد: انت المهيمن و المهذب ذو الندي و ابن الضراغم في الطراز الاول الله خصک يا وصي محمد و حباک فضلا في الکتاب المنزل و حباک بالزهراء بنت محمد

حوريه بنت النبي المرسل ثم قال: يا اميرالمومنين ارم بنا حيث شئت لتري منا ما يسرک، فو الله ما فينا الا کل بطل اهيس، و حازم اکيس، و شجاع اشوس، ورثنا ذلک عن الاباء و الاجداد، و کذلک نورثه صالح الاولالد. قال: فاستحسن اميرالمومنين- عليه‏السلام- کلامه من بين الوفد فقال له: ما اسمک يا غلام؟ قال: اسمي عبدالرحمن. قال: ابن من؟ قال: ابن ملجم المرادي. قال له: امرادي انت؟ قال: نعم يا اميرالمومنين. فقال- عليه‏السلام-: انا لله و انا اليه راجعون، و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم. قال: و جعل اميرالمومنين- عليه‏السلام- يکرر النظر اليه و يضرب احدي يديه علي الاخري و يسترجع، ثم قال له: و يحک امراديانت؟ قال: نعم. فعندها تمثل- عليه‏السلام- يقول: انا انصحک مني بالوداد مکاشفه و انت من العادي اريد حياته و يريد قتلي عذيرک من خليلک من مراد قال الاصبغ بن نباته: لما دلخل الوفد الي اميرالمومنين- عليه‏السلام- بايعوه و بايعه ابن ملجم، فلما ادبر عنه دعاه اميرالمومنين- عليه‏السلام- ثانيا، فتوثق منه لالعهود و المواثيق ان لايغدر و لا ينکث، ففعل، ثم سارعنه. ثم استدعاه ثالثا، ثم توثق منه فقال ابن ملجم: يا اميرالمومنين ما رايتک فع

لت هذا باحد غيري. فقال: امض لشانک فما اراک تفي بما بايعت عليه. فقال له ابن ملجم: کانک تکره و فودي عليک لما سمعته من اسمي! و اني و الله لا حب الاقامه معک و الجهاد بين يديک، و ان قلبي محب لک، و اني و الله او الي وليک و اعادي عدوک. قال: فتبسم- عليه‏السلام- و قال له: بالله يا اخا مراد ان سالتک عن شي‏ء تصدقني فيه؟ قال: اي و عيشک يا اميرالمومنين! فقال له: هل کان لک دايه يهوديه فکانت اذا بکيث تضر بک و تلطم جبينک و تقول لک: اسکت! فانک اشقي من عاقر ناقه صالح و انک ستجني في کبرک جنايه عظيمه يعضب الله بها عليک و يکون مصيرک الي النار؟ فقال: قد کن ذلک، و لکنک و الله يا اميرالمومنين احبالي من کل احد. فقال اميرالمومنين- عليه‏السلام-: و الله ما کذبت و لا کذبت، و لقد نطقت حقا و قلت صدقا، و انت و الله قاتلي لا محاله، و ستخضب هذه من هذه- و اشار الي لحيته و راسه- و لقد قرب و قتک و حان زمانک. فقال ابن ملجم: و الله يا اميرالمومنين انک احب الي من کل ما طلعت عليه الشمس، و لکن اذا عرفت ذلک مني فسيرني الي مکان تکون ديارک من دياري بعيده. فقال- عليه‏السلام-: کن مع اصحابک حتي آذن لکم بالرجوع الي بلادکم ثم امرهم بالنزول في بني‏تميم، فاقا

موا ثلاثه ايام، ثم امرهم بالرجوع الي اليمن، فلما عزموا علي الخروج مرض ابن ملجم مرضا شديدا، فذهوا و ترکوه. فلما بري، اتي اميرالمومنين- عليه‏السلام- و کان لا يفارقه ليلال و لا نهارا، و يسارع في قضاء حوائجه، و کان- عليه‏السلام- يکرمه و يدعوه الي منزله و يقربه، و کان مع ذلک يقول له: انت قاتلي، و يکرر عليه الشعر: اريد حياته ويريد قتلي عذيرک من خليلک من مراد فيقول له: يا اميرالمومنين اذا عرفت ذلک مني فاقتلني. فيقول: انه لا يحل ذلک ان اقتل رجلا قبل ان يفعل بي شيئا. و في خبر آخر قال: اذا قتلتک فمن يقتلني؟ قال: فسمعت الشيعه ذلک، فوثب ملک الاشتر و الحارث بن العور و عيرهما من الشيعه فجردوا سيوفهم و قالوا: يا اميرالمومنين من هذا الکلب الذي تخاطبه بمثل هذا الخطاب مرارا؟ و انت امامنا و ولينا و ابن عم نبينا، فمرنا بقتله. فقال لهم: اغمدوا سيوفکم بارک الله فيکم و لاتشقوا عصا هذه الامه. اترون اني اقتل رجلا لم يصنع بي شيئا؟ فلما انصرف- عليه‏السلام- الي منزله اجتمت الشيعه و اخبر بعضهم بعضا بما سمعوا و قالوا: ان اميرالمومنين- عليه‏السلام- يغلس ال الجامع و قد سمعتم خطابه لهذا المرادي و هو ما يقول الا حقا، و قد علمتم عدله و اش

فاقه علينا، و نخاف ان يغتاله هذا المرادي، فتعالوا نقترع علي ان نحوطه کل ليله منا قبيله. فوقعت القرعه في الليله الاول و الثانيه و الثالثه علي اهل الکناس، فتقلدوا سيوفهم و اقبلوا في ليلتهم الي الجامع، فلما خرج- عليه‏السلام- راهم علي تلک الحاله، فقال: ما شانکم؟ فاخبروه، فدعا لهم و تبسم ضاحکا و قال: جئتم تحفظوني من اهل السماء ام من اهل الارض؟ قالوا: من اهل الارض. قال: ما يکون شي‏ء في السماء الا هو في الارض، و ما يکون من شي‏ء في الارض الا هو في السماء، ثم تلا قل: لن يصيبنا الا ما کتب الله لنا، ثم امرهم ان ياتوا منازلهم و لايعود و المثلها. ثم انه صعد الماذنه و کان اذا تنحنح يقول السامع: ما اشبهه بصوت رسول‏الله- صلي الله عليه و آله-! فتاهب الناس لصلاه الفجر، و کان اذا اذن يصل صوته الي نواحي الکوفه کلها، ثم نزل فصلي، و کانت هذه عادته. قال: و اقام ابن ملجم بالکوفه الي ان خرج اميرالمومنين- عليه‏السلام- الي غزاه النهروان، فخرج ابن ملجم معه و قاتل بين يديه قتالا شديدا، فلما رجع الي الکوفه و قد فتح الله علي يديه، قال ابن ملجم- لعنه الله-: يا اميرالمومنين! تاذن لي ان اتقدمک الي المصر لا بشر اهله بما فتح الله عليک من النصر؟

فقال له: ما ترجو بذلک؟ قال: الثواب من الله و الشکر من الناس، و افرح الاولياء و اکمد الاعداء. فقال له: شانک. ثم امر له بخلعه سنيه و عمامتين و فرسين و سيفلين و رمحين. فسار ابن ملجم و دخل الکوفه، و جعل يخترق ازقتها و شوارعها و هو يبشر الناس بما فتح الله علي اميرالمومنين- عليه‏السلام- و قد دخله العجب في نفسه، فانتهي به الطريق الي محله بني‏تميم فمر علي دار تعرف بالقبيله و هي اعلي داريها و کانت لقطام بنت سخينه بن عوف بن تيم اللات، و کانت موصوفه بالحسن و الجمال و البهاء و الکمال، فلما سمعت کلامه بعثت اليه و سالته النزول عنده ساعه لتساله عن اهلها، فلما قرب من منزلها و اراد النزول عن فرسه خرجت اليه، ثم کشفت له عن وجهها و اظهرت له محاسنها، فلما رآها اعجبته و هواها من وقته، فنزل عن فرسه ودخل اليها، و جلس في دهليز الدار و قد اخذت بمجامع قلبه، فبسطت له بساطا و وضعت له متکا و امرت خادمها ان تنزع اخفافه، و امرت له بماء فغسل وجهه و يديه، و قدمت الهي طعاما، فاکل و شرب، و اقبلت عليه و تروحه من الحر. فجعل لا يمل من اليظر اليها، و هي مع ذلک متبسمه في وجهه، سافره له عن نقابها، بارزه له عن جميع محاسنها ما ظهر منه و ما بطن! فقال ل

ها: ايتها الکريمه! لقد فعلت اليوم بي ما وجب به بل ببعضه علي مدحک و شکرک دهري کله، فهل من حاجه اتشرف بها و اسعي في قضائها؟ قال: فسالته عن الحرب و من قتل فيه. فجعل يخبرها و يقول: فلان قتله الحسن و فلان قتله الحسين، اليان بلغ قومها و عشيرتها، و کانت قطام- لعنها الله- علي راي الخوارج و قد قتل اميرالمومنين- عليه‏السلام- في هذا الحرب من قومها جماعه کثيره، منهم ابوها و اخوها و عمها. فلما سمعت منه ذلک صرحت باکيه، ثم لطمت خدها و قامت من عنده، و دخلت البيت و هي تندبهم طويلا. قال: فندم ابن ملجم، فلما خرجت اليه قالت: يعز علي فراقهم، من لي بعدهم؟ افلا ناصر ينصرني و ياخذل بثاري و يکشف عن عاري؟ فکنت اهل له نفسي و امکنه منها و من مالي و جمالي. فرق لها ابن ملجم و قال لها: غضي صوتک و ارفقي بنفسک فانک تعطين مرادک. قال: فسکتت من بکائها وطمعت في قوله، ثم اقبلت عليه بکلامها و هي کاشفه عن صدرها و مسبله شعرها. فلما تمکن هواها من قلبه، مال اليها بکليته، ثم جذبها اليه و قال لها: کان ابوک صديقا لي، و قد خطبتک منه فانعم لي بذلک، فسبق اليه الموت فزوجيني نفسک لاخذلک بثارک. قال: ففرحت بکلامه و قالت: قد خطبني الاشراف من قومي و سادات عشيرتي

فما انعمت الا لمن ياخذ لي بثاري، و لما سمعت عنک انک تقاوم الاقران و تقتل الشجعان فاحببت ان تکون لي بعلا و اکون لک اهلا. فقال لها: فانا و الله کفو کريم، فاقترحي علي ما شئت من مال و فعال. فقالت له: ان قدمت علي العطيه و الشرط فها انا بين يديک فتحکم کيف شئت. فقال لها: و ما العطيه و الشرط؟ فقالت له: اما العطيه فثلاثه آلاف دينار و عبد وقينه. فقال: هذا اناملي به، فما الشرط المذکور؟ قالت: نم علي فراشک حتي اعود اليک. ثم انها دخلت خدرها فلبست افخر ثيابها، و لبست قميصا رقيقا يري صدرها و حليها، و زادت قي الحل و الطيب و خرجت في معصفرها، فجعلت تباشره بمحاسنها ليري حسنها و جمالها، و ارخت عشره ذوائب من شعرها منظومه بالدر و الجوهر، فلما وصلت اليه ارخت لثامها عن وجهها، و رفعت معصفرها و کشفت عن صدرها و اعکانها و قالت: ان قدمت علي الشرط المشروط ظفرت بها جميعها و انت مسرور مغبوط. قال: فمد ابن ملجم عينيه اليها فحا عقله و هوي لجينه مغشيا عليه ساعه:، فلما افاق قال: يا منيه النفس ما شرطک فاذکريه لي؟ فاني سافعله و لو کان دونه قطع القفار و خوض البحار و قطع الرووس و اختلاس النفوس. قالت له الملعونه: شرطي عليک ان تقتل علي بن ابي‏طالب- عل

يه‏السلام- بضربه واحده بهذا السيف في مفرق راسه، ياخذ منه ما ياخذ و يبقي ما يبقي. فلما سمع ابن ملجم کلامها استرجع و رجع الي عقله و اغاظه و افله، ثم صاح باعلي صوته: ويحک! ما هذا الذي و اجهتني به؟ بئس ما خدثتک به نفسک من المحال، ثم طا طا راسه يسيل عرقا و هو متفکر في امره، ثم رفع راسه اليها و قال لها: و يلک من يقدر علي قتل اميرالمومنين علي بن ابي‏طالب؟ المجاب الدعاء، المنصور من السماء، و الارض ترجف من هيبته، و الملائکه تسرع الي خدمته، يا ويلک و من يقدر علي قتل علي بن ابي‏طالب و هو مويد من السمائ؟ و الملائکه تحوطه بکره و عشيه، و لقد کان في ايام رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- اذا قاتل يکون جبرئيل عن يمينه و ميکائيل عن يساره و ملک الموت بين يديه. فمن هو هکذا لا طاقه لاحد بقتله، و لا سبيل المخلوق علي اغتياله، و مع ذلک انه قد اعزني و اکرمني و احبني و رفعني و آثرني علي غيري، فلا يکون ذلک جزاوه مني ابدا، فان کان غيره قتلته لک شر قتله و لو کان افرس اهل زمانه، و اما اميرالمومنين فلا سبيل لي عليه. قال: فصبرت عنه حتي سکن غيظه و دخلت معه و في الملاعبه و الملاطفه، و علمت انه قدنسي ذلک القول، ثم قالت: يا هذا ما يمنعک من قتل

علي بن ابي‏طالب و ترغب في هذا المال و تتنعم بهذا الجمال؟ و ما انت باعف وازهد من الذين قاتلوه و قتلهم، و کانوا من الصوامين و القوامين، فلما نظروا اليه و قد قتل المسلمين ظلما و عدوانا اعتزلوه و حاربوه، و مع ذلک فانه قد قتل المسلمين و حکم بغير حکم الله و خلع نفسه من الخلافه و امره المومنين، فلما راوه قومي علي ذلک اعتزلوه، فقتلهم بغير حجه له عليهم. فقال لها ابن ملجم: يا هذه کفي عني، فقد افسدت علي ديني، و ادخلت الشک في قلبي، و ما ادري ما اقول لک و قد عزمت علي راي ثم انشد: ثلاثه آلاف و عبد و قينه و ضرب علي بالحسام المصمم فلا مهرا غلامن علي و ان غلا و لا فتک الا دون فتک ابن ملجم فاقسمت بالبيت‏الحرام و من اتي اليه جهارا من محل و محرم لقد افسدت عقلي قطام و انني لمنها علي شک عظيم مذمم لقتل علي خير من وطي‏ء الثري اخي العلم الهادي النبي المکرم ثم امسک ساعه و قال: فلم ارمهرا ساقه ذو سماحه کمهر قطام من فصيح و اعجم ثلاثه آلاف و عبد و قينه و ضرب علي بالحسام المصمم فلام مهرا غلا منعلي و ان غلا و لا فتک الا دون فتک ابن ملجم فاقسم بالبيت‏الحرام و من اتي اليه جهارا من محل و محرم لقد خاب من يس

عي بقتل امامه و ويل له من حر نار جهنم الي آخر ما انشد من الابيات. ثم قال لها: اجليني ليلتي هذه حتي انظر في امري و آتيک غدا بما يقوي عليه عزمي، فلما هم بالخروج اقبلت اليه و ضمته الي صدرها، و قبلت ما بين عينيه و امرته بالاستعجال في امرها، و سايرته الي باب الدار و هي نشجعه، و انشدت له ابيانا. فخرج الملعون من عندها و قد سلبت فواده و اذهبت رقاده و رشاده، فبات ليلته قلقا متفکرا، فمره يعاتب نفسه و مره يفکر في دنياه و آخرته. فلما کان وقت السحر اتاه طارق فطرق الباب، فلما فتحه اذا برجل من بني‏عمه علي نجيب، و اذا هو رسول من اخوته اليه يعزونه في ابيه و عمه و يعرفونه انه خلف مالا جزيلا، و انهم دعوه سريعا ليحوز ذلک المال، فلما سمع ذلک بقي متحيرا في امره، اذ جائه ما يشغله عما عظم عليه من امر قطام، فلم ييزل مفکرا في امره حتي عزم علي الخروج، و کان له اخوان لابيه و امه، و امه کانت من زبيد يقال لها عدنيه، و هي ابنه ابي علي بن ما شوج، و کان ابوه مراديا و کانوا يسکنون عجران صنعاء. فلما وصل اليالنجف، ذکر قطام و مزلتها في قلبه و رجع اليها، فلما طرق الباب اطلعت عليه و قالت: من الطارق؟ فعرفته علي حاله السفر، فنزلت اليه و سملنت عل

يه و سالته عن حاله، فاخبرها بخبره و وعدها بقضاء حاجتها اذا رجع من سفره، و تملکها جميع ما يجي‏ء به من المال، فعدلت عنه مغضبه فدنا منها و قبلها و ودعها، و حلف لها انه يبلغها مامولها في جميع ما سالته. فخرج و جاء الي اميرالمومنين- عليه‏السلام- و اخبره بما جاووا اليه لاجله، و ساله ان يکتب الي ابن المنتخب کتابا ليعينه علي استخلاص حقه، فامر کاتبه فکتب له ما اراد، ثم اعطاه فرسا من جياد خيله، فخرج و سار سيرا حثيثا حتي وصل الي بعض اوديه اليمن، فاظلم عليه الليل، فبات في بعضها، فلما مضي من الليل نصفه و اذا هو بزعقه عظيمه من صدر الوادي، و دخان يفور و نار مضرمه، فانزعج لذلک و تغير لونه، و نظر الي صدر الوادي و اذا بالدخان قد اقبل کالجبل العظيم و هو واقع عليه، و النار تخرج من جوانبه، فخر مغشيا عليه، فلما افاق و اذا بهاتف يسمع صوته و لايري شخصه و هو يقول: اسمع وع القول يا ابن ملجم انک في امر مهول معظم تضمر قتل الفارس المکرم اکرم من طاف و لبي و احرم ذاک علي ذو التقاء الاقدم فارجع الي الله لکيلا تندم فلما سمع توهم انه من طوارق الجن، و اذا بالهاتف يقول: يا شقي ابن الشقي اما ما اضمرت من قتل الزاهد العابد العادل الراکع

الساجد امام الهدي و علم التقي و العروه الوثقي فانا علمنا بما تريد ان تفعله بامير المومنين، و نحن من لاجن الذين اسملنا علي يديه، و نحن نازلون بهذا الوادي، فانا لا تدعک تبيت فيه، فانک ميشوم علي نفسک، ثم جعلوا يرمونه بقطع الجنادل، فصعد فوق شاهق فبات بقيه ليله. فلما اصبح سار ليلا و نهارا حتي وصل اليمين، و اقام عندهم شهرين و قلبه علي حر الجمر من اجل قطام، ثم انه اخذ الذي اصابه من المال و المتاع و الاثاث و الجواهر و خرج. فبينا هو في بعض الطريق اذ خرجت عليه حراميه فسايرهم و سايروه، فلما قربوا من الکوفه حاربوه و اخذوا جميع ما کان معه، و نجا بنفسه و فرسه و قليل من الذهب علي وسطه و ما کان تحته، فهرب علي وجهه حتي کاد ان يهلک عطشا، و اقبل سائرا في الفلاه مهموما جائعا عطشانا. فلاح له شبح فقصده، فاذا بيوت من ابيات الحرب، فقصد منها بيتا فنزل عندهم، و استسقاهم شربه ماء فسقوه، و طلب لبنا فاتوه به، فنام ساعه. فلما استيقظ اتاه رجلان و قدما اليه طعاما فاکل و اکلا معه، و جعلا يسالانه عن الطريق فاخبر هما، ثم قالا له: ممن الرجل؟ قال: من بني مراد. قالا: اين تقصد؟ قال: الکوفه. فقالا له: کانک من اصحاب ابي‏تراب؟ قال: نعم. فاحمرت اعينه

ما غيظا، و عز ما علي قتله ليلا، و اسرا ذلک و نهضا. فتبين له ما عزما عليه وندم علي کلامه، فبينما هو متحير اذ اقبل کلبهم و نام قريبا منهم، فاقبل اللعين يمسح بيده علي الکلب و يشفق عليه و يقول: مرجبا بکلب قوم اکرموني. فاستحسنا ذلک و سالاه: ما اسمک؟ قال: عبدالرحمن بن ملجم. فقالا له: ما رادت بصنعک هذا في کلبنا؟ فقال: اکرمته لاجلکم حيث اکرمتموني، فوجب علي شکرکم. و کان هذا منه خديعه و مکرا. فقالا: الله‏اکبر الان و الله وجب حقک علينا، و نحن نکشف لک عما في ضمائرنا، نحن قوم نري راي الخوارج، و قد قتل اعمامنا و اخوالنا و اهالينا مکما علمت، فلما اخبرتنا انک من ااصحابه عزمنا علي قتلک ف هذه الليله، فلما راينا صنعک هذا بکلبنا صفحنا عنک. و نحن الان نطلعک عل ما قد عزمنا عليه، فسالهما عن اسمائهما. فقال احدهما: اناالبرک بن عبدالله التميمي و هذا عبدالله بم عثمان العنبري صهري و قد نظرنا الي ما نحن عليه في مذهبنا فراينا ان فساد الارض و الامه کلها من ثلاثه نفر، ابوتراب و معاويه و عمرو بن العاص، فاما ابو تراب فانه قتل رجالنا کما رايت، و افتکرنا ايضا في الرجلين معاويه و ابن العاص و قد وليا علينا هذا الظالم الغشوم بشر بن ارطاه، يطرقنا

في کل وقت و ياخذ اموالنا، و قد عزمنا علي قتل هولاء الثلاثه، فاذا قتلنا هم توطات الارض، و اقعد الناس لهم اماما يرضونه. فلما سمع ابن ملجم کلامهما صفق باحدي يديه علي الاخري و قال: و الذي فلق الحبه و برا النسمه و تردي بالعظظمه اني لثالثکما، و اني مرافقکما علي رايکما و اني اکفيکما امر علي بن ابي‏طالب. فنظرا اليه متعجبين من کلامه. قال: و الله ما اقول لکما الا حقا، ثم ذکر لهما قصته. فلما سمعا کلمه عرفا صحته و قالا: ان قطام من قومنا، و اهله کانوا من عشيرتنا، فنحن نحمد الله علي اتفاقنا، فهذا لا يتم الا بالايمان المغلظه، فنرکب الان مطايانا و ناتي الکعبه و نتعاقد عندها علي الوفاء. فلما اصبحوا و رکبوا، حضر عندهم بعض قومهم فاشاروا عليهم و قالوا: لا تفعلوا ذلک فما منکم احد الا و يندم ندامه عظيمه. فلم يقبلوا و ساروا جميعا حتي اتوا البيت و تعاهدوا عنده. فقال البرک: انا لعمرو بن العاص. و قال العنبري: انا لمعاويه. و قال ابن ملجم- لعنه الله-: انا لعلي. فتحالفوا علي ذلک بالايمان المغلظه، و دخلوا المدينه و حلفوا عند قبر النبي- صلي الله عليه و آله- علي ذلک، ثم افترقوا و قد عينوا يوما معلوما يقتلون فيه الجميع. ثم سار کل منهم علي ط

ريقه. فاما البرک فاتي مصر و دخل الجامع و اقام فيه اياما، فخرج عمرو بن العاص ذات يوم الي الجامع و جلس فيه بعد صلاته، فجاء البرک اليه و سمل عليه، ثم حادثه في فنون الاخار و طرف الکلام و الاشعار، فشعق به عمرو بن العاص و قربه و ادناه، و صار ياکل معه علي مائده واحده فاقام الي الليله التي تواعدوا فيها. فخرج الينيل مصر و جلس مفکرا، فلما غربت الشمس اتي الجامع و جلس فيه فلما کان وقت الافطار افتقده عمرو بن العاص فلم يره. فقال لولده: ان هذه الليله ليست کالليالي، و قد احببت ان اقيم ليلتي هذه في الجامع رغبه فيما عند الله، و احب ان اشرک الامير في ذلک، فلما رجع اليه و اخبره بذلک سره سرورا عظيما و بعث اليه مائده فل و بات ليله ينتظر قدوم عمرو و کان هو الذي يصلي بهم، فلما کان عند طلوع الفجر اقبل الموذن الي باب عمرو، و اذن و قال: الصلاه- يرحمک الله- الصلاه، فانتبه فاتي بالماء و توضا و تطيب و ذهب ليخرج الي الصلاه فرلق فروقع علي جنبه فاعتوره عرق النساء فاشغلته عن الخروج، فقال: قدموا خارجه بن تميم القاضي يصلي بالناس، فاتي القاضي و دخل المحراب في غلس فجاء البرک فوقف خلفه و سيفه تحت ثيابه، و هو لا يشک انه عمرو، فامهله حتي سجد و جلس

من سجوده، فسل سيفه و نادي: لا حکم الا لله و لا طاعه لمن عصي الله، ثم ضربه بالسيف علي ام راسه، فقضي نحبه لوقته. فبادر الناس و قبضوا عليه و اخذوا سيفه من يده و اوجعوه ضربا شديدا و قالوا له: يا عدو الله قتلت رجلا مسلما ساجدا في محرابه. فقال: يا حمير اهل مصر انه يستحق القتل. قالوا: بماذا ويلک؟ قال: لسعيه في الفتنه، لانه الداهيه الدهماء الذي اثار الفتنه و نبذها و قواها، و زين لمعاويه محاربه علي. فقالوا له: يا ويلک! من تعني؟ قال: الطاغي الباغي الکافر الزنديق عمرو بن العاص الذي شق عصا المسلمين، و هتک حرمه الدين. قالوا: لقد خاب ظنک و طاش سهمک، ان الذي قتلته ما هو، انما هو خارجه. فقال: يا قوم المعذره الي الله و ليکم، فو الله ما اردت خارجه و انما اردت قتل عمرو، فاوثقوه کتافا و اتوا به الي عمرو. فلما رآه قال: اليس هذا هو صاحبنا الحجازي؟ قالوا له: نعم. قال: ما باله؟ قالوا: انه قد قتل خارجه. فدهش عمرو لذلک و قال: انا لله و انا ليه راجعون و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم. ثم التفت اليه و قال: يا هذا! لم فعلت ذلک؟ فقال له: و الله يا فاسق! ما طلبت غيرک و لا اردت سواک. قال: و لم ذلک؟ قال: انا ثلاثه تعاهدنا بمکه علي قت

لک و قتل علي بن ابي‏طالب و معاويه في هذه الليله، فان صدقا صاحباي فقد قتل علي بالکوفه و معاويه بالشام، و اما انت فقد سلمت. فقال عمرو: يا غلام احبسه حتي نکتب الي معاويه فحسبه حتي امره معاويه بقتله فقتله. و اما عبدالله العنبري، فقصد دمشق و استخبر عن معاويه فارشد اليه، فجعل يتردد الي داره فلا يتمکن من الدخول اليه، الي ان اذن معاويه يوما للناس اذنا عاما، فدخل اليه مع الناس و سلم عليه، و حادثه ساعه و ذکر له ملوک بني‏قحطان و من له کلام مصيب حتي ذکر له بني‏عمه- و هم اول ملوک قحطان- و شيئا من اخبارهم، فلما تفرقوا بقي عنده مع خواصه، و کان فصيحا خبيرا بانساب العرب و اشعارهم، فاحبه معاويه حبا شديدا، فقال: قد اذنت لک في کل وقت نجلس فيه ان تدخل علينا من غير مانع و لا دافع. فکان يتردد اليه الي ليله تسع عشره و کان قد عرف المکان الذي يصلي فيه معاويه، فلما اذن الموذن للفجر و اتي معاويه المسجد و دخل محرابه ثار اليه بالسيف و ضربه، فراغ عنه، فاراد ضرب عنقه فانصاع عنه فوقع السيف في اليته، و کانت ضربته ضربه جبان. فقال معاويه: لا يفوتنکم الرجل، فاستخلف بعض اصحابه للصلاه، و نهض الي داره. و اما العنبري فاخذه الناس و اوثقوه و اتوا به

الي معاويه و کان مغشيا عليه، فلما افاق قال له: ويلک يا لکع! لقد خاب ظني فيک، ما الذي حملک علي هذا؟ فقال له: دعني من کلامک، اعلم اننا ثلاثه تحالفنا علي قتلک و قتل عمرو بن العاص و علي بن ابي‏طالب فان صدق صاحباي فقد قتل علي و عمرو، و اما انت فقد روغ اجلک کروغک الثعلب! فقال له معاويه: علي رغم انفک! فامر به الي الحبس. فاتاه الساعدي- و کان طبيبا- فلما نظر اليه قال له: اختر احدي الخصلتين: اما ان احمي حديده فاضعها موضع السيف، و اما ان اسقيک شربه تقطع منک الولد و تبرا منها، لان ضربتک مسمومه. فقال معاويه: اما النار فلا صبر لي عليها، و اما انقطاع الولد فان في يزيد و عبدالله ما تقربه عيني! فسقاه الشربه فبري‏ء و لم يولد له بعدها. و اما ابن ملجم- لعنه الله- فانه سارحتي دخل الکوفه، و اجتاز علي الجامع، و کان اميرالمومنين- عليه‏السلام- جالسا علي باب کنده، فلم يدخله و لم يسلم عليه، و کان الي جانبه الحسن و الحسين- عليهماالسلام- و معه جماعه من اصحابه. فلما نظروا الي ابن ملجم و عبوره قالوا: الاتري الي ابن ملجم عبر و لم يسلم عليک؟ قال: دعوه فان له شانا من الشان، و الله ليخضبن هذه من هذه- و اشار الي لحيته و هامته- ثم قال: ما من ا

لموت لانسان نجاء کل امري‏ء لا بد ياتيه الفناء تبارک الله و سبحانه لکل شي‏ء مده و انتهاء يقدر الانسان في نفسه امرا وياتيه عليه القضاء لا تامنن الدهر في اهله لکل عيش آخر و انقضاء بيناتري الانسان في غبطه يمسي و قد حل عليه القضاء ثم جعل يطيل النظر اليه حتي غاب عن عينه، و اطرق الي الارض يقول: انا لله و انا اليه راجعون و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم. قال: و سار ابن ملجم حتي وصل الي دار قطام، و کانت قد ايست من رجوعه اليها، و عرضت نفسها علي بني‏عمها و عشيرتها و شرطت عليهم قتل اميرالمومنين- عليه‏السلام- فلم يقدم احد علي ذلک، فلما طرق الباب قالت: من الطارق؟ قال: انا عبدالرحمن ففرحت قطام به و خرجت اليه و اعتنقته و ادخلته دارها، و فرشت له فرش الديباج و احضرت له الطعام و المدام، فاکل و شرب حتي سکر، و سالته عن حاله فحدثها بجميع ما جري له في طريقه، ثم امرته بالاغتسال و تغيير ثيابه، ففعل ذلک، و امرت جاريه لها ففرشت الدار بانواع الفرش، و احضرت له شرابا و جواري، فشرب مع الجوار و هن يلعبن له بالعيدان و المزامير و المعازف و الدفوف. فلما اخذ الشراب منه اقبل عليها و قال: ما بالک لا تجالسيني و لا تحادث

يني يا قره عيني! و لا تماز حيني! فقالت له: بلي سمعا و طاعه، ثم انها نهضت و دخلت الي خدرها، و لبست افخر ثيابها و تزينت و تطيبت و خرجت اليه، و قد کشفت له عن راسها و صدرها و نهودها و ابرزت له عن فخذيها، و هي في طاق غلاله رومي يبين له منها جميع جسدها و هي تتبختر في مشيتها، و الجوار حولها يلعبن، فقام الملعون و اعتنقها و ترشقها و حملها حتي اجلسها مجلسها، و قد بهت و تحير، و استحوذ عليه الشيطان، فضربت بيدها علي زر قميصها فحلته، و کان في حلقها عقد جوهر ليست له قيمه، فلما اراد مجامعتها لم تمکنه من ذلک. فقال: لم تمانعيني عن نفسک و انا و انت علي العهد الذي عاهدتک عليه من قتل علي؟ و لو احببت لقتلت معه شبليه الحسن و الحسين! ثم ضرب يده علي هميانه فحله من وسطه و رماه اليها، و قال: خذيه فان فيه اکثر من ثلاثه آلاف دينار و عبد وقينه. فقالت له: و الله لا امکنک من نفسي حتي تحلف لي بالايمان المغلظه انک تقتله. فحملته القساوه علي ذلک، و باع آخرته بدنياه! و تحکم الشيطان فيه بالايمان المغلظه انه يقتله و لو قطعوه اربا اربا. فمالت اليه عند ذلک و قبلته و قبلها، فاراد وطيها فمانعته، و بات عندها تلک الليله من غير نکاح، فلما کان من الغد تزو

ج بها سرا و طاب قلبه. فلما افاق من سکرته ندم علي ما کان منه، و عاتب نفسه و لعنها. فلم تزل تراوغه في کل ليله و تعده بوصالها. فلما دنت الليله الموعوده مديده اليها ليضاجعا و يجامعها فابت عليه و قالت: ما يکون ذلک الا ان تفي بوعدک. و کان الملعون اعتل عله شديده فبري‏ء منها، و کانت الملعونه لا تمکنه من نفسها مخافه ان تبرد ناره فيخل بقضاء حاجتها. فقال لها: يا قطام في هذه الليله اقتل لک علي بن ابي‏طالب. و اخذ سيفه و مضي به الي الصيقل فاجاد صقاله، و جاء به اليها، فقالت: اني اريد ان اعمل فيه سما. قال: و ما تصنع بالسم؟ لو وقع علي جبل لهده. فقالت: دعني اعمل فيه السم فانک لو رايت عليا لطاش عقلک و ارتعشت يداک، و ربما ضربته ضربه لاتعمل فيه شيئا، فاذا کان مسموما فان لم تعمل الضربه عمل السم. فقال لها: يا ويلک! اتخوفيني من علي؟ فو الله الا ارهب عليا و لا غيره! فقالت له: دعني من قولک هذا و ان عليا ليس کمن لا قيت من الشجعان، فاطرت في مدحه و ذکرت شجاعته، و کان غرضها ان يحمل الملعون علي الغضب، و يحرضه علي الامر، فاخذت السيف و انفذته الي الصيقل، فسقاه السم و رده الي غمده. و کان ابن ملجم قد خرج في ذلک اليوم يمشي في ازقه الکوفه، فلقي

ه صديق له و هو عبدالله بن جابر الحارثي، فسلم عليه و هناه بزواج قطام، ثم تحادثا ساعه فحدثه بحديثه من اوله الي آخره، فسر بذلک سرورا عظيما، فقال له: انا اعاونک. فقال ابن ملجم: دعني من هذا الحديث، فان عليا اروغ من الثعلب و اشد من الاسد. ثم مضي ابن ملجم- لعنه الله- يور في شوارع الکوفه، فاجتاز علي اميرالمومنين- عليه‏السلام- و هو جالس عند ميثم التمار، فخطف عنه کيلا يراه، ففطن به فبعث خلفه رسولا فلما اتاه وقف بين يديه و سلم عليه و تضرع لديه، فقال- عليه‏السلام- له: ما تعمل ههنا؟ قال: اطوف في اسواق الکوفه و انظر اليها. فقال- عليه‏السلام -: عليک بالمساجد فانها خير لک من البقاع کلها، و شرها سواق ما لم يذکر اسم الله فيها. ثم حادثه ساعه و انصرف. فلما ولي جعل اميرالمومنين- عليه‏السلام- يطيل النظر اليه و يقول: يا لک من عدو لي من مراد، ثم قال- عليه‏السلام-: اريد حياته و يريد قتلي و يابي الله الا ان يشاء ثم قال- عليه‏السلام-: يا ميثم! هذا و الله قاتل لا محاله، اخبرني به حبيبي رسول‏الله- صلي الله عليه و آله-. فقال ميثم: يا اميرالمومنين! فلم لا تقتله انت قبل ذلک؟ فقال: يا ميثم! لايحل القصاص قبل الفعل. فقال ميثم: يا مولاي! اذا ل

م تقتله فاطرده. فقال: يا ميثم! لو لا آيه في کتاب الله يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده‏ام الکتاب و ايضا انه بعد ما جني جنايه فيوخذبها، و لا يجوز ان يعاقب قبل الفعل. فقال ميثم: جعل الله يومنا قبل يومک، و لا ارانا الله فيک سوء ابدا، و متي يکون ذلک يا اميرالمومنين؟ فقال- عليه‏السلام-: ان الله تفرد بخمسه اشياء لايطلع عليها نبي مرسل و لا ملک مقرب، فقال عز من قائل: ان الله عنده علم الساعه الايه. ياميثم هذه خمسه لا يطلع عليها الا الله- تعالي-، و ما اطلع عليها نبي و لا وصي و لا ملک مقرب. يا ميثم! لا حذر من قدر. يا ميثم! اذا جاء القضاء فلا مفر. فرجع ابن ملجم و دخل علي قطام- لعنهما الله-، و کانت تلک الليله ليله تسع عشره من شهر رمضان. قالت ام کلثوم بنت اميرالمومنين- صلوات الله عليه-: لما کانت ليله تسع عشره من شهر رمضان قدمت اليه عند افطاره طبقا فيه قرصان من خبز الشعير و قصعه فيها لبن و ملح جريش، فلما فرغ من صلاته اقبل علي فطوره، فلما نظر اليه و تامله حرک راسه و بکي بکاء شديدا عاليا، و قال: يا بنيه! ما ظننت ان بنتا تسوء اباها کما قد اسات انت الي. قالت: و ماذا يا اباه؟ قال: يا بنيه! اتقدمين الي ابيک ادامين في فرد طبق واحد

؟ اتريدين ان يطول وقوفي غدا بين يدي الله- عز و جل- يوم القيامه؟ انا اريد ان اتبع اخي و ابن عمي رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- ما قدم اليه ادا مان في طبق واحد الي ان قبضه الله، يا بنيه! ما من رجل طاب مطعمه و مشربه و ملبه الا طال و قوفه بين يدي الله- عز و جل - يو م القيامه. يا بنيه! ان الدنيا في حلالها حساب و في حرامها عقاب! و قد اخبرني حبيبي رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- ان جبرئيل- عليه‏السلام- نزل اليه و معه مفاتيح کنوز الارض و قال: يا محمد! السلام يقروک السلام و يقول لک: ان شئت صيرت معک جبال تهامه ذهبا و فضه، و خذ! هذه مفاتيح کنوز الارض و لا ينقص ذلک من حظک يوم القيامه. قال: يا جبرئيل و ما يکون بعد ذلک؟ قال: الموت. فقال،: اذا لا حاجه لي في الدنيا، دعني اجوع يوما و اشبع يوما. فاليوم الذي اجوع فيه اتضرع الي ربي و اساله، و اليوم الذي اشبع فيه اشکر ربي و احمده. فقال له جبرئيل: وفقت لکل خير يا محمد! ثم قال- عليه‏السلام-: يا بنيه! الذنيا دار غرور و دار هوان، فمن قدم شيئا وجده. يا بنيه! و الله لا آکل شيئا حتي ترفعين احد الادامين، فلما رفعته تقدم الي الطعام فاکل قرصا واحدا بالمالح الجريش، ثم حمد الله و اثني عليه

، ثم اقام الي صلاته، فصلي و لم يزل راکعا و ساجدا و مبتهلا و متضرعا الي الله- سبحانه- و يکثر الدخول و الخروج و هو ينظر الي السماء و هو قلق يتململ. ثم قرا سوره يس حتي ختمها. ثم و قد هنيئه و انتبه مرعوبا، و جعل يمسح و جهه بثوبه، و نهض قائما علي قدميه و هو يقول: اللهم! بارک لنا في لقائک و يکثر من قول لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم. ثم صلي حتي ذهب بعض الليل، ثم جلس للتعقيب، ثم نامت عيناه و هو جالس، ثم انتبه من نومته مرعوبا. قالت ام‏کلثوم: کاني به و قد جمع اولاده و اهله و قال لهم: في هذا الشهر تفقدوني. اني رايت في هذه الليله رويا هالتني و اريد ان اقصها عليکم. قالوا: و ما هي؟ قال: اني رايت الساعه رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- في منامي و هو يقول لي: يا اباالحسن! انک قادم الينا عن قريب. يجي‏ء اليک اشقاها فيخضب شيبتک من دم راسک. و انا و الله مشتاق اليک، و انک عندنا في العشر الاخر من شهر رمضان، فهلم الينا فما عندنا خير لک و ابقي. قال: فلما سسمعوا کلامه، ضجوا بالبکاء و النحيب و ابدوا العويل، فاقسم عليهم بالسکوت فسکتوا. ثم اقبل يوصيهم و يامرهم بالخير و ينهاهم عن الشر. قالت ام‏کلثوم: و لم يزل تلک الليله قائما و ق

اعدا و راکعا و ساجدا، ثم يخرج ساعه بعد ساعه يقلب ف السماء و ينظر في الکواکب و هو يقول: و الله ما کذبت و لا کذبت، و انها الليله التي و عدت بها، ثم يعود الي مصلاه و يقول: اللهم! بارک لي في الموت و يکثر من قول انا لله و انا اليه راجعون- و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم، و يصلي علي النبي و آله، و يستغفر الله کثيرا. قالت ام‏کلثوم: فلما رايته فث تلک الليله قلقا متململا کثير الذکر و الاستغفار ارقت معه ليلتي و قلت: يا ابتاه! ما لي اراک هذه الليله لا تذوق طعم الرقاد؟ قال: يا بنيه! ان اباک قتل الابطال و خاض الاهوال و ما دخل الخوف له جوف، و ما دخل في قلبي رعب اکثر مما دخل في هذه الليله ثم قال: انا لله و انا اليه راجعون. فقلت: يا اباه! مالک تنعي نفسک منذ الليله؟ قال: يا بنيه! قد قرب الاجل و انقطع الامل. قالت ام‏کلثوم: فبکيت. فقال الي: يا بنيه! لا تبکين، فاني لم اقل ذلک الا بما عهد الي النبي- صلي الله عليه و آله- ثم انه نعس و طوي ساعه، استيقظ من نومه و قال: يا بنيه! اذا قرب وقت الاذان فاعلميني. ثم رجع الي ما کان عليه اول الليل من الصلاه و الدعاء و التضرع الي الله- سبحانه و تعالي-. قالت ام کلثوم: فجعلت ارقب وقت ال

اذان، فلما لاح الوقت اتيته و معي اناء فيه ماء، ثم ايقظته، فاسبغ الوضوء و قام و لبس ثيابه و فتح بابه، ثم نزل الي الدار و کان في الدار اوز قد اهدي الي اخي الحسين- عليه‏السلام- فلما نزل خرجن ورائه و رفرفن و صحن في وجهه، و کان قبل تلک الليله لم يصحن، فقال- عليه‏السلام-: لا اله الا الله صوراخ تتبعها نوائح، و في غداه غد يظهر القضاء. فقلت له: يا اباه! هکذا تتطير؟ فقال: يا بنيه! ما منا اهل البيت من يتطير و لايتطير به، و لکن قول جري علي لساني، ثم قال: يابنيه! بحقي عليک الا ما اطلقتيه، فقد حبست ما لي له لسان و لا يقدر علي الکلام اذا جاع او عطش، فاطعميه و اسقيه و الا خلي سبيله ياکل من حشائش الارض، فلما وصل الي الباب فعالجه ليفتحه فتعلق الباب بمئزره فانحل مئزره حتي سقط، فاخذه وشده و هو يقول: اشدد حيازيمک للموت فان الموت لاقيکا و لا تجزع من الموت اذا حل بناديکا و لا تغتر بالدهر و ان کان يواتيکا کما اضحکک الدهر کذاک الدهر يبکيکا ثم قال: اللهم! بارک لنا في الموت، اللهم! بارک لي في لقائک. قالت ام کلثوم: و کنت امشي خلفه، فلما سمعته يقول ذلک. قلت: و اغوثاه يا ابتاه اراک تنعي نفسک منذ الليله. قال: يا بنيه! ما هو بنعاء

و لکنها دلالات و علامات للموت تتبع بعضها بعضا فامسکي عن الجواب، ثم فتح الباب و خرج. قالت ام‏کلثوم: فجئت الي اخي الحسن- عليه‏السلام- فقلت يا اخي: قد کان من امر ابيک الليله کذا و کذا، و هو قد خرج في هذا الليل الغلس فالحقه، فقام الحسن بن علي- عليه‏السلام- و تبعه، فلحق به قبل ان يدخل الجامع فقال يا اباه: ما اخرجک في هذه الساعه و قد بقي من الليل ثلثه؟ فقال: يا حبيبي و يا قره عيني! خرجت لرويا رايتها في هذه الليله اهالتني و از عجتني و اقلقتني، فقال له: خيرا رايت و خيرا يکون فقصها علي، فقال- عليه‏السلام-: يا بني! رايت کان جبرئيل- عليه‏السلام- قد نزل عن السماء علي جبل ابي‏قبيس فتناول منه حجرين و مضي بهما الي الکعبه و ترکهما علي ظهرها، و ضرب احدهما علي الاخر فصارت کالرميم، ثم ذرهما في الريح، فما بقي بمکه و لا بالمدينه بيت الا و دخله من ذلک الرماد. فقال له: يا ابت! و ما تاويلها؟ فقال: يا بني! اين صدقت روياي فان اباک مقتول، و لا يبقي بمکه حينئذ و لا بالمدينه بيت الا و يدخله من ذلک غم و مصيبه من اجلي. فقال الحسن- عليه‏السلام-: و هل تدري متي يکون ذلک يا ابت؟ قال: يا بني! ان الله يقول: و ما تدري نفس ماذا تکسب غدا و ما تدري

نفس باي ارض تموت. و لکن عهد الي حبيبي رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- انه يکون في العشر الاواخر من شهر رمضان، يقتلني ابن ملجم المرادي. فقلت له: يا ابتاه! اذا علمت منه ذلک فاقتله. قال: يا بني! لا يجوز القصاص الا بعد الجنايه و الجنايه لم تحصل منه. يا بني! لواجتمع الثقلان الانس و الجن علي ان يدفعوا ذلک لما قدروا. يا بني! ارجع الي فراشک. فقال الحسن- عليه‏السلام-: يا ابتاه! اريد امضي معک الي موضع صلاتک. فقال له: اقسمت بحقي عليک الا ما رجعت الي فراشک لئلا يتنغص عليک نومک، و لا تعصني في ذلک. قال: فرجع الحسن- عليه‏السلام- فوجد اخته ام‏کلثوم قائمه خلف الباب تنتظره، فدخل فاخبرها بذلک، و جلسا يتحادثان و هما محزونان حتي غلب عليهما النعاس، فقاما و دخلا الي فذاشهما و ناما. قال الو مخنف و غيره: و سار اميرالمومنين- عليه‏السلام- حتي دخل المسجد، و القناديل قد خمد ضووها، فصلي في المسجد ورده و عقب ساعه، ثم انه قم و صلي رکعتين، ثم علا الماذنه و وضع سبا بتيه فث اذنيه و تنحنح ثم اذن، و کان- عليه‏السلام- اذا اذن لم يبق في بلده الکوفه بيت الا اخترقه صوته. قال الراوي: و اما ابن ملجم، فبات في تلک الليله يفکر في نفسه، و لايدري ما يصنع،

فتاله يعاتب نفسه و يوبخها و يخاف من عقبي فعله، فيهم ان يرجع عن ذلک و تاره يذکر قطام- لعنهاالله- و حسنها و جمالها و کثره مالها فتميل نفسه اليها، فبقي عامه ليله يتقلب علي قراشه و هو يترنم بشعره ذلک اذا اتته الملعونه و نامت معه في فراشه، و قالت له: يا هذا! من يکون علي هذا العزم يرقد؟ فقال لها: و الله اني اقتله لک الساعه. فقالت: اقتله و ارجع الي قرير العين مسرورا، و افعل ما تريد فاني منتظهر لک. فقال لها: بلاقتله وارجع اليک سخين العين محزونا منحوسا محسورا. فقالت: اعوذ بالله من تطيرک الوحش. قال: فوثب الملعون کانه الفحل من الابل، قال: هلمي الي بالسيف، ثم انه اتزر بمئزر و اتشح بازار، و جعل السيف تحت الازارمع بطنه، و قال: افتتحي لي الباب ففي هذه الساعه اقتل لک عليا. فقامت فرحه مسروره و قبلت صدره، و بقي يقبلها و يترشفها ساعه، ثم راودها عن نفسها. فقالت له: هذا علي اقبل الي الجامع و اذن، فقم اليه فاقتله ثم عد الي فها انا منتظره رجوعک. فخرج من الباب و هي خلفه تحرضه بهذه الابيات: اقول اذا ما حيه اعيت الرقا و کان ذعاف الموت منه شرابها رسسنا اليها في الظلام ابن ملجم همام اذا ما الحرب شب لها بها فخذها علي! فوق راسک ض

ربه بکف سعيد سوف يلقي ثوابها قال الراوي: فالتفت اليها و قال لها: افسدت و الله الشعر في هذا البيت الاخر. قالت: و لم داک؟ قال لها: هلا قلت: بکف شقي سوف يلقي عقابها. قال مصنف هذا الکتاب- قدس روحه-: هذا الخبر غير صحيح، بل انا کتبناه کما وجدناه. و الروايه الصحيحه انه بات ف المسجد و معه رجلان: احدهما شبيب بن بحيره و الاخر وردان بن مجالد، يساعدانه علي قتل علي- عليه‏السلام - فلما اذن- عليه‏السلام- و نز ل من الماذنه و جعل يسبح الله و يقدسه و يکبره و يکثر من الصلاه علي النبي- صلي الله عليه و آله-، قال الراوي: و کان من کرم اخلاقه- عليه‏السلام- انه يتفقد النائمين في المسجد و يقول للنائم: الصلاه- يرحمک الله- الصلاه، قم الي الصلاه المکتوبه عليک، ثم يتلو- عليه‏السلام-: ان الصلاه تنهي عن الفحشاء و المنکر ففعل ذلک کما کان يفعله علي مجاري عادته مع النائمين في المسجد، حت اذا بلغ الي الملعون فرآه نائما علي وجهه قال له: يا هذا! قم من نومک هذا فانهانومه يمقتها الله، و هي نومه الشيطان و نومه اهل النار، بل نم علي يمينک فانها نومه العلماء او علي يسارک فانها نومه الحکماء و لا تنم علي ظهرک فانها نومه الانبياء. قال: فتحرک الملعون کا

نه يريد ان يقوم و هو من مکانه لا يبرح، فقال له اميرالمومنين- عليه‏السلام-: لقد هممت بشي‏ء تکاد السماوات يتفطرن منه و تنشق الارض و تخر الجبال هدا، و لو شئت لا نباتک بما تحت ثيابک. ثم ترکه و عدل عنه الي محرابه، و قام قائما يصلي، و کان- عليه‏السلام- يطيل الرکوع و السجود في الصلاه کعادته في الفرائض و النوافل حاضرا قلبه. فلما احس به فنهض الملعون مسرعا و اقبل يمشي حتي وقف بازاء الاسطوانه التي کان الامام- عليه‏السلام- يصلي عليها، فامهله حتي صلي الرکعه الاولي و رکع و سجد السجده الاولي منها و رفع راسه، فعند ذلک اخذ السيف و هزه، ثم ضربه علي راسه المکرم الشريف، فوقعت الضربه علي الضربه التب ضربه عمرو بن عبدود العامري، ثم اخذت الضربه الي مفرق راسه الي موضع السجود، فلما احس الامام بالضرب لم يتاوه و صبروا احتسب، و وقع علي وجهه و ليس عنده احد قائلا: بسم الله و بالله و علي مله رسول‏الله ثم صاح و قال: قتلني ابن ملجم، قتلني اللعين ابن اليهوديه و رب الکعبه، ايها الناس! لا يفوتنکم ابن ملجم. و سار السم في راسه و بدنه و ثار جميع من في المسجد في طلب الملعون، و ما جوابا لسلاح فما کنت اري الا صفق الايدي علي الهامات و علوا الصرخات، و

کان ابن ملجم ضربه ضربه خائفا مرعوبا، ثم ولي هاربا و خرج من المسجد، و احاط الناس باميرالمومنين- عليه‏السلام- و هو في محرابه يشد الضربه و ياخذ التراب و يضعه عليها. ثم تلاقوله- تعالي-: منها خلقناکم و فيها نعيدکم و منها نخرجکم تاره اخري ثم قال- عليه‏السلام-: جاء امر الله و صدق رسول‏الله- صلي الله عليه و آله-، ثم انه لما ضربه الملعون ارتجت الارض و ما جت البحار و السماوات، و اصطفقت ابواب الجامع، قال: و ضربه اللعين شبيب بن بجره فاخطاه و وقعت الضربه في الطاق. قال الراوي: فلما سمع الناس الضجه ثار اليه کل من کان في المسجد، و صاروا يدورون و لا يدورون اين يذهبون من شده الصدمه و الدهشه، ثم احاطوا باميرالمومنين - عليه‏السلام- و هو يشد راسه بمئزره، و الدم يجري علي وجهه و لحيته، و قد خضبت بدمائه و هو يقول: هذا ما وعد الله و رسوله و صدق الله و رسوله. قال الراوي: فاصطفقت ابواب الجامع، و ضجت الملائکه في السماء بالدعاء، و هبت ريح عاصف سوداء مظلمه، و نادي جبرئيل- عليه‏السلام- بين السماء و الارض بصوت يسمعه کل مستيقظ: تهدمت و الله ارکان الهدي، و انطمست و الله نجوم السماء و اعلام التقي، و انفصمت و الله العروه الوثقي، قتل ابن عم محمد

المصطفي، قتل الوصي المجتبي، قتل علي المرتضي، قتل و الله سيد الاوصياء، قتله اشقي الاشقياء. قال: فلما سمعت ام کلثوم نعي جبرئيل فلطمت علي وجهها و خدها و شقت جيبها و صاحت: وا ابتاه و اعلياه وا محمداه وا سيداه، ثم اقبلت الي اخويها الحسن و الحسين فايقظتهما و قالت لهما: لقد قتل ابو کما: فقاما يبکيان، فقال لها الحسن- عليه‏السلام-: يا اختاه کفي عن البکاء حتي نعرف صحه الخبر کيلا تشمت الاعداء فخرجا فاذا الناس ينوحون و ينادون: وا اماماه وا اميرالمومنيناه، قتل و الله امام عابد مجاهد لم يسجد لصنم، کان اشبه الناس برسول‏الله- صلي الله عليه و آله- فلما سمع الحسن و الحسين- عليهماالسلام- فصلي بالناس، و علي النهوض و تاخر عن الصف و تقدم الحسن- عليه‏السلام- فصلي الناس، و اميرالمومنين- عليه‏السلام- يصلي ايمائا من جلوس، و هو يمسح الدم عن وجهه و کريمه الشريف، يميل تاره و يسکن اخري، و الحسن- عليه‏السلام- ينادي: وا انقطاع ظهراه يعز و الله علي ان اراک هکذا. ففتح عينه و قال: يا بني! لا جزع علي ابيک بعد اليوم، هذا جدک محمد المصطفي و جدتک خديجه الکبري و امک فاطمه الزهراء و الحور العين محدقون منتظرون قدم ابيک، فطب نفسا و قر عينا و کف عن ال

بکاء فان الملائکه قد ارتفعت اصواتهم الي السماء. قال: ثم ان الخبر شاع في جوانب الکوفه و انحشر الناس حتي المخدرات خرجن من خدرهن الي الجامع ينظرن الي علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام-. فدخل الناس الجامع فوجدوا الحسن و راس ابيه في حجره، و قد غسل الدم عنه و شد الضربه و هي بعدها تشخب دما، و وجهه قد زاد بياضا بصفره، و هو يرمق السماء بطرفه و لسانه يسبح الله و يوحده، و هو يقول: اسالک يا رب الرفيع الاعلي. فاخذ الحسن- عليه‏السلام- راسه في حجره فوجده مغشيا عليه، فعندها بکي بکاء شديدا و جعل يقبل وجه ابيه و ما بين عينيه و موضع سجوده، فسقط من دموعه قطرات علي وجه اميرالمومنين- عليه‏السلام-، ففتح عينيه فرآه باکيا. فقال له: يا بني يا حسن! ما هذا البکائ؟ يا بني! لا روع علي ابيک بعد اليوم، هذا جدک محمد المصطفي و خديجه و فاطمه و الحور العين محدقون منتظرون قدوم ابيک، قطب نفسا و قر عينا، و اکفف عن البکاء فان الملائکه قد ارتفعت اصواتهم الي السماء. يا بني! اتجزع علي ابيک و غدا تقتل بعدي مسموما مظلوما؟ و يقتل اخوک بالسيف هکذا، و تلحقان بجدکما و ابيکما و امکما. فقال له الحسن- عليه‏السلام-: يا ابتاه! ما تعرفنا من قتلک و من فعل بک هذا؟ قال:

قتلني ابن اليهوديه عبدالرحمن بن ملجم المرادي. فقال: يا اباه! من اي طريق مضي؟ قال: لا يمضي احد في طلبه فانه سيطلع عليکم من هذا الباب- و اشار بيده الشريفه الي باب کنده-. قال: و لم يزل السم يسري في راسه و بدنه، ثم اغمي عله ساغه و الناس ينتظرون قدوم الملعون من باب کنده، فاشتغل الناس بانظر الي الباب، و برتقبون قدوم الملعون. و قد غص المسجد بالعالم ما بين باک و محزون، فما کان الا ساعه و اذا بالصيحه قدارتفعت و زمره من الناس و قد جاووا بعدو الله ابن ملجم مکتوفا، و هذا يلعنه و هذا يضربه. قال: فوقع الناس بعضهم علي بعض ينظرون اليه، فاقبلوا باللعين مکتوفا و هذا يلعنه و هذا يضربه، و هم ينهشون لحمه باسنانهم و يقولون له: يا عدو الله! ما فعلت؟ اهلکت امه محمد و قتلت خير الناس، و انه لصامت و بين يديه رجل يقال له حذيفه النخعي بيده سيف مشهور، و هو يرد الناس عن قتله، و هو يقول: هذا قاتل الامام علي- عليه‏السلام - حتي ادخلوه المسجد. قال الشعبي: کاني انظر اليه و عيناه قد طارتا في ام راسه کانهما قطعتا علق، و قد وقعت في وجهه ضربه قد هشمت وجهه و انفه، و الدم يسيل علي لحيته و علي صدره، و هو ينظر يمينا و شمالا و عيناه قد طارتا في ام راسه،

و هو اسمر اللون حسن الوجه، و في وجهه اثر السجود! و کان علي راسه شعر اسود منشورا علي وجهه کانه الشيطان الرجيم، فلما حاذاني سمعته يترنم بهذه الابيات: اقول لنفسي بعد ما کنت انهاها و قد کنت اسناها و کنت اکيدها ايا نفس اکفي عن طلابک و اصبري و لا تطلبي هما عليک يبيدها فما قبلت نصحي و قد کنت ناصحا کنصح و لو دغاب عنها وليدها فما طلبت الا عنائي و شقوتي فيا طول مکثي في الجحيم بعيدها فلما جاووا به اوقفوه بين يدي اميرالمومنين- عليه‏السلام- فلما نظر اليه الحسن- عليه‏السلام- قال له: يا ويلک يا لعين يا عدو الله! انت قاتل اميرالمومنين و مثکلنا امام المسلمين هذا جزاوه منک حيث آواک و قربک و ادناک و آثرک علي غيرک؟ و هل کان بئس الامام لک حتي جازيته هذا الجزاء يا شقي؟ قال: فلم يتکلم بل دمعت عيناه! فانکب الحسن- عليه‏السلام- علي ابيه يقبله، و قال له: هذا قاتلک يا اباه قد امکن الله منه، فلم يجبه و کان نائما، فکره ان يوقظه من نومه، ثم التفت الي ابن ملجم و قال له: يا عدو الله هذا کان جزاوه منک بواک و ادناک و قربک و حباک و فضلک علي غيرک؟ هل کان بئس الامام لک حتي جازيته بهذا الجزاء يا شقي الاشقيائ؟ فقال له الملعون: يا ا

با محمد! افانت تنقذ من في النار؟ فعند ذلک ضجت الناس بالبکاء و النحيب، فامرهم الحسن- عليه‏السلام- بالسکوت. ثم التفت الحسن- عليه‏السلام- الي الذي جاء به حذيفه- رضي الله عنه-، فقال له: کيف ظفرت بعدو الله و اين لقيته؟ فقال: يا مولاي! ان حديثي معه لعجيب، و ذلک اني کنت البارحه نائما في داري و زوجتي الي جانبي و هي من غطفان، و انا راقد و هي مستيقظه، اذ سمعت هي الزعقه و ناعيا ينعي اميرالمومنين- عليه‏السلام- و هو يقول: تهدمت و الله ارکان الهدي، و انطمست و الله اعلام التقي، قتل ابن عم محمد المصطفي، قتل علي المرتضي، قتله اشقي الاشقياء. فايقظتني و قالت لي: انت نائم و قد قتل امامک علي بن ابي‏طالب؟! فانتبهت من کلامها فزعا مرعوبا و قلت لها: يا وليک! ما هذا الکلام، رض الله فاک، لعل الشيطان قد القي في سمعک هذا او حلم القي عليک، يا ويلک! ان اميرالمومنين ليس لاحدمن خلق الله- تعالي- قبله تبعه و لا ظلامه، و انه لليتيم کالاب الرحيم، و للارمله کالزوج العطوف، و بعد ذلک فمن ذا الذي يقدر علي قتل اميرالمومنين و هو الاسد الضرغام و البطل الهمام و الفارس القمقام؟ فاکثرت علي و قالت: اني سمعت ما لم تسمع و علمت ما لم تعلم. فقلت لها: و ما سمع

ت؟ فاخبرتني بالصوت فقالت لي: سمعت ناعيا ينادي باعلي صوته تهدمت و الله ارکان الهدي، و انطمست و الله اعلام التقي، قتل ابن عم محمد المصطفي، قتل علي المرتضي، قتله اشقي الاشقياء ثم قالت: ما اظن بيتا في الکوفه الا و قد دخله هذا الصوت. قال: فبينما انا و هي في مراجعه الکلام و اذا بصيحه عظيمه و جلبه و ضجه عظيمه و قائل يقول: قتل اميرالمومنين فحس قلبي بالشر، فمددت يدي الي سيفي و سللته من غمده و اخذته، و نزلت مسرعا و فتحت باب داري و خرجت، فلما صرت في وسط الجاده فنظرت يمينا و شمالا و اذا بعدو الله يجول فيها يطلب مهربا فلم يجد، و اذا قد انسدت الطرقات في وجهه فلما نظرت اليه و هو کذلک رابني امره، فناديته: يا ويلک من انت؟ و ما تريد لا ام لک في وسط هذا الدرب تمر و تجي‏ئ؟ فتسمي بغير اسمه، و انتمي الي غير کنيته. فقلت له: من اين اقبلت؟ قال: من منزلي. قلت: و الي اين تريد تمضي في هذا الوقت؟ قال: الي الحيره. فقلت: و لم الا تقعد حتي تصلي مع اميرالمومنين- عليه السلام- صلاه الغداه و تمضي في حاجتک؟ فقال: اخشي ان اقعد للصلاه فتفوتني حاجتي. فقلت: يا ويلک اني سمعت صيحه و قائلا يقول: قتل اميرالمومنين- عليه‏السلام- فهل عندک من ذلک خبر؟ قال:

لاعلم لي بذلک. فقلت له: و لم لا تمضي معي حتي تحقق الخبرو تمضي في حاجتک؟ فقال: انا ماض في حاجتي و هي اهم من ذلک. فلما قال لي مثل ذلک القول قلت: يا لکع الرجال! حاجتک احب اليک من التجسس لاميرالمومنين- عليه‏السلام- و امام المسلمين؟ و اذا و الله يا لکع! مالک عند الله من خلاق. و حملت عليه بسيفي و هممت ان اعلو به فراغ عني، فبينما انا اخاطبه و هو يخاطبني اذهبت ريح فکشفت ازاره، و اذا بسيفه يلمع تحت الازار کانه مرآه مصقوله فلما رايت بريقه تحت ثيابه قلت: يا ويلک، ما هذا السيف المشهور تحت ثيابک؟ لعلک انت قاتل اميرالمومنين؟ فاراد ان يقول: لا، فانطق الله لسانه بالحق فقال: نعم. فرفعت سيفي و ضربته، فرفع هو سيفه و هم ان يعلوني به، فانحرفت عنه فضربته علي ساقيه، فاوقفته و وقع لحينه، و وقعت عليه و صرخت صرخه شديده و اردت آخذ سيفه فما نعني عنه، فخرج اهل الحيره فاعانوني عليه حتي او ثقته کتافا و جئتک به، فها هو بين يديک، جعلني الله فداک فاصنع ما شئت. فقال الحسن- عليه‏السلام-: الحمد الله الذينصر وليه و خذل عدوه، ثم انکب الحسن- عليه‏السلام- عل ابيه يقبله و قال له: يا اباه هذا عدو الله و عدوک قد امکن الله منه، فلم يجبه و کان نائما، فکر

ه ان يوقظه من نومه، فرقد ساعه ثم فتح- عليه السلام- عينيه و هو يقول: ارفقوا بي يا ملائکه ربي. فقال له الحسن - عليه‏السلام-: هذا عدو الله و عدوک ابن ملجم قد امکن الله منه و قد حضربين يديک. قال: ففتح اميرالمومنين- عليه السلام- عينيه و نظر اليه و هو مکتوف و سيفه معلق في عنقه، فقال له بضعف و انکسار صوت و رافه و رحمه: يا هذا! لقد جئت عظيما و ارتکبت امرا عظيما و خطبا جسيما ابئس الامام کنت لک حتي حازيتي بهذا الجزائ؟ الم اکن شفيقا عليک و آيرتک علي غيرک و احسنت اليک و زدت في اعطائک؟ الم يکن يقال لي فيک کذا و کذا فخليت لک السبيل و منحتک عطائي و قد کنت اعلم انک قاتلي لا محاله؟ و لکن رجوت بذلک الاستظهار من الله- تعالي- عليک يا لکع و عل ان ترجع عن غيک، فغلبت عليک الشقاوه فقتلتني يا شقي الاشقياء. قال: فدمعت عينا ابن ملجم- لعنه الله تعالي- و قال: يا اميرالمومنين! افانت تنقذ من في النار؟ قال له: صدقت، ثم التفت- عليه‏السلام- الي ولده الحسن- عليه‏السلام- و قال له: ارفق يا ولدي باسيرک و ارحمه، و احسن اليه و اشفق عليه، الاتري الي عينيه قد طارتا في ام راسه و قلبه يرجف خوفا و رعبا و فزعا. فقال له الحسن- عليه‏السلام-: يا اباه! قد ق

تلک هذا اللعين الفاجر و افجعنا فيک و انت تامرنا بالرفق به؟! فقال له: نعم يا بني! نحن اهل بيت لا نزداد علي المذنب الينا الا کرما و عفوا، و الرحمه و الشفقه من شيمتنا لا من شيمته، بحقي عليک فاطعمه يا بني مما تاکله، و اسقه مما تشرب، و لا تقيد له قدما، و لا تغل له يدا، فان انا مت فاقتص منه بان تقتله و تضربه ضربه واحده و تحرقه بالنار، و لا تمثل بالرجل فاني سمعت جدک رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- يقول: اياکم و المثله و لو بالکلب العقور. و ان انا عشت فانا اولي بالعفو عنه، و انا اعلم بما افعل به، فان عفوت فنحن اهل بيت لا نزداد علي المذنب الينا الا عفوا و کرما. قال مخنف بن حنيف: اني و الله ليله تسع عشره في الجامع في رجال نصلي قريبا من السده التي يدخل منها اميرالمومنين- عليه‏السلام- فبينا نحن نصلي اذ دخل اميرالمومنين- عليه‏السلام- من السده و هو ينادي: الصلاه، ثم صعد الماذنه فاذن، ثم نزل فعبر علي قوم نيام في المسجد فناداهم: الصلاه. ثم قصد المحراب، فما ادري دخل في الصلاه‏ام لا اذ سمعت قائلا يقول: الحکم لله لا لک يا علي، قال: فسمعت عند ذلک اميرالمومنين- عليه‏السلام- يقول: لا يفوتنکم الرجل، قال: فشد الناس عليه و انا معهم،

و اذا هو وردان بن مجالد، و اما ابن ملجم- لعنه الله- فانه هرب من ساعته و داخل الکوفه و راينا اميرالمومنين- عليه‏السلام- مجروحا في راسه. قال محمد بن الحنيفه: ثم ان ابي- عليه‏السلام- قال: احملوني الي موضع مصلاي في منزلي، قال: فحملناه اليه و هو مدنف و الناس حوله، و هم في امر عظيم باکين محزونين، قد اشرفوا علي الهلاک من شده البکاء و النحيب. ثم التفت اليه الحسين- عليه‏السلام- و هو يبکي، فقال له: يا ابتاه! من لنا بعذک؟ لا کيومک الا يوم رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- من اجلک تعلمت البکاء يعزوا لله عي ان اراک هکذا. فناداه- عليه‏السلام- فقال: يا حسين يا ابا عبدالله! ادن مني، فدنا منه و قد قرحت اجفان عينيه من البکاء فمسح الدموع من عينيه و وضع يده علي قلبه و قال له: يا بني! ربط الله قلبک بالصبر، و اجزل لک و لاخوتک عظيم الاجر، فسکن روعتک و اهدا من بکائک فان الله قد آجرک علي عظيم مصابک، ثم ادخل- عليه‏السلام- الي حجرته و جلس في محرابه. قال الراوي: و اقبلت زينب و ام کلثوم حتي جلستا معه علي فراشه، و اقبلتا تندبانه و تقولان: يا ابتاه! من للصغير حتي يکبر؟ و من للکبير بين الملا؟ يا ابتاه! حزننا عليک طويل، و عبرتنا لا ترقا. قال:

فضج الناس من وراء الحجره بالبکاء و النحيب، و فاضت دموع اميرالمومنين- عليه‏السلام- عند ذلک، و جعل يقلب طرفه و ينظر الي اهل بيته و اولاده، ثم دعا الحسن و الحسين- عليهماالسلام- و جعل يحضنهما و يقبلهما، ثم اغمي عليه ساعه طويله و افاق، و کذلک کان رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- يغمي عليه ساعه طويله و يفيق اخري، لانه- صلي الله عليه و آله- کان مسموما، فلما افاق ناوله الحسن- عليه‏السلام- قعبا من لبن، فشرب منه قليلا ثم نحاه عن فيه و قال: احملوه الي اسيرکم، ثم قال الحسن- عليه‏السلام-: بحقي عليک يا بني الا ما طيبتم مطعمه و مشربه، و ارفقوا به الي حين موتي، و تطعمه مماتا کل و تسقيه مما تشرب حتي تکون اکرم منه، فعند ذلک حملوا اليه اللبن و اخبروه بما قال اميرالمومنين- عليه‏السلام- في حقه، فاخذ اللعين و شربه. قال: و لما حمل اميرالمومنين- عليه‏السلام- الي منزله جاووا باللعين مکتوفا الي بيت من بيوت القصر فحبسوه فيه. فقالت له ام‏کلثوم و هي تبکي: يا ويلک! اما ابي، فانه لا باس عليه، و ان الله مخزيک في الدنياو الاخره، و ان مصيرک الي النار خالدا فيها. فقال لها ابن ملجم- لعنه الله-: ابکي ان کنت باکيه، فو الله لقد اشتريت سيفي هذا بال

ف و سممته بالف، و لو کانت ضربتي هذه لجميع اهل الکوفه ما نجا منهم احد. و في ذلک يقول الفرزدق: فلا غرو للاشراف ان ظفرت بها ذئاب الاعادي من فصيح و اعجمي فحربه وحشي سقت حمزه الردي و حتف علي من حسام ابن ملجم قال محمد بن الحنيفه- رضي الله عنه-: و بتنا ليله عشرين من شهر رمضان مع ابي و قد نزل السم الي قدميه، و کان يصلي تلک الليله من جلوس، و لم يزل يوصينا بوصاياه و يعرينا عن نفسه و يخبرنا بامره و تبيانه الي حين طلوع الفجر، فلما اصبح استاذن الناس عليه، فاذن لهم بالدخول، فدخلوا عليه و اقبلوا يسلمون عليه، و هو يرد عليهم‏السلام. ثم قال: ايها الناس! اسالوني قبل ان تفقدوني و خففوا سوالکم لمصيبه امامکم. قال: فبکي الناس عند ذلک بکاء شديدا، و اشفقوا ان يسالوه تخفيفا عنه، فقام اليه حجر بن عدي الطائي و قال: فيا اسفي علي المولي التقي ابوالاطهار حيدره الزکي قتله کافر حنث زنيم لعين فاسق نغل شقي فيلعن ربنا من حاد عنکم و يبرء منکم لعنا و بي لانکم بيوم الحشر ذخري و انتم عتره الهادي النبي فلما بصر... سمع شعره قال هله: کيف لي بک اذا دعيت الي البرائه مني، فما عساک ان تقول؟ فقال: و الله يا اميرالمومنين لو قطعت بال

سيف اربا اربا و اضرم لي النار و القيت فيها لا ثرت ذلک علي البرائه منک. فاتوه بلبن في قعب، فاخذه و شربه کله، فذکر الملعون ابن ملجم و انه لم يخلف له شيئا، فقال- عليه‏السلام-: و کان امر الله قدرا مقدورا اعلموا اني شربت الجميع و لم ابق لاسيرکم شيئا من هذا، الا و انه آخر رزقي من الدنيا، فبالله عليک يا بني الا ما اسقيته مثل ما شربت، فحمل اليه ذلک فشربه. قال محمد بن الحنيفه- رضي الله عنه-: لما کانت ليله احدي و عشرين و اظلم الليل و هي الليله الثانيه من الکائنه جمع ابي اولاده و اهل بيته و ودعهم، ثم قال لهم: الله خليقتي عليکم و هو حسبي و نعم الوکيل، و اوصاهم الجميع منهم بلزوم الايمان و الاديان و الاحکام التي اوصاه بها رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- فمن ذلک ما نقل منه- عليه‏السلام- انه اوصي به الحسن و الحسين- عليهماالسلام- لما ضربه الملعون ابن ملجم و هي هذه: اوصيکما بتقوي الله، و ساقها الي آخذر ما مر بروايه السيد الرضي. قال: ثم تزايد و لوج السم في جسده الشريف، حتي نظرنا الي قدميه و قد احمرتا جميعا، فکبر ذلک علينا و ايسنامنه، ثم اصبح ثقيلا، فدخل الناس عليه، فامرهم و نهاهم و اوصاهم، ثم عرضنا عليه الماکول و المشروب فابي

ان يشرب، فنظرنا الي شفتيه و هما يختلجان بذکر الله- تعالي- و جعل جبينه يرشح عرقا و هو يمسحه بيده قلت: يا ابت! اراک تمسح جبينک. فقال: يا بني! اني سمعت جدک رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- يقول: ان المومن اذا نزل به الموت و دنت و فاقه عرق جبينه و صار کاللولو الرطب و سکن انينه. ثم قال: يا اباعبدالله و ياعون! ثم نادي اولاده کلهم باسمائهم صغيرا و کبيرا واحدا بعد واحد، و جعل يودعهم و يقول: الله خليفتي عليکم استودعکم الله و هم يبکون. فقال له الحسن- عليه‏السلام-: يا ابه! ما دعاک الي هذا؟ فقال له: يا بني! اني رايت جدک رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- في منامي قبل هذه الکائنه بليله، فشکوت اليه ما انا فيه من التذلل و الاذي من هذه الامه، فقال لي: ادع عليهم، فقلت: اللهم! ابدلهم بي شرا مني و ابدلني بهم خيرا منهم، فقال لي: قد استجاب الله دعاک، سينقلک الينا بعد ثلاث، و قد مضت الثلاث، يا ابامحمد! اوصيک- و يا اباعبدالله!- خيرا، فانتما مني و انا منکم. ثم التفت الي اولاده الذين من غير فاطمه - عليهاالسلام- و اوصاهم ان لا يخالفوا اولاد فاطمه يعني الحسن و الحسين- عليهماالسلام-. ثم قال: احسن الله لکم العزاء، الا و اني منصرف عنکم، و راح

ل في ليلتي هذه، و لا حق بجبيبي محمد- صلي الله عليه و آله- کما وعدني، فاذا انا مت يا ابامحمد! فغسلني و کفني و حنطني ببقيه حنوط جدک رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- فانه من کافور الجنه جاء به جبرئيل - عليه‏السلام- اليه، ثم ضعني علي سريري، و لا يتقدم احد منکم مقدم السرير، و احملوا موخره و اتبعوا مقدمه، فاي موضع وضع المقدم فضعوا الموخر، فحيث قام سريري فهم وموضع قبري. ثم تقدم يا ابا محمد و صل علي يا بني يا حسن و کبر علي سبعا، و اعلم انه لا يحل ذلک علي احد غيري الا علي رجل يخرج في آخرالزمان اسمه القائم المهدي، من ولد اخيک الحسين يقيم اعوجاج الحق، فاذا انت صليت علي يا حسن فنح السرير عن موضعه، ثم اکشف التراب عنه فتري قبرا محفورا و لحدا مثقوبا و ساجه منقوبه، فاضجعني فيها، فاذا اردت الخروج من قبري فافتقدني فانک لا تجدني، و اني لا حق بجدک رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- و اعلم يا بني ما من نبي يموت و ان کان مدفونا بالمشرق و يموت وصيه بالمغرب الا و يجمع الله- عز و جل- بين روحيهما و جسديهما، ثم يفترقان فيرجع کل واحد منهما الي موضع قبره و الي موضعه الذي حط فيه. ثم اشرج اللحد باللبن و اهل التراب علي ثم غيب قبري، و کان غرضه-

عليه‏السلام- بذلک لئلا يعلم بموضع قبره احد من بني‏اميه، فانهم لو علموا بموضع قبره لحفروه و اخرجوه و احرقوه کما فعلوا بزيد ابن علي بن الحسين - عليه‏السلام-. ثم يا بني! بعد ذلک اذا اصبح الصباح، اخرجوا تابوتا الي ظهر الکوفه علي ناقه، و اامر بمن يسيرها بما عليه کانها تريد المدينه، بحيث يخفي علي العامه موضع قبري الذي تضعني فيه، و کاني بکم و قد خرجت عليکم الفتن من ههنا و ههنا فعليکم بالصبر فهو محمود العاقبه. ثم قال: يا ابامحمد و يا اباعبدالله! کاني بکما و قد خرجت عليکما من بعدي الفتن من ههنا، فاصبرا حتي يحکم الله و هو خيرالحاکمين. ثم قال: يا اباعبدالله انت شهيد هذه الامه، فعليک بتقوي الله و الصبر علي بلائه، ثم اغمي عليه ساعه، و افاق و قال: هذا رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- و عمي حمزه و اخي جعفر و اصحاب رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- و کلهم يقولون: عجل قدومک علينا فانا اليک مشتافون، ثم ادار عينيه في اهل بيته کلهم و قال: استودعکم الله جميعا، سددکم الله جميعا، حفظکم الله جميعا، خليفتي عليکم الله و کفي بالله خليفه. ثم قال: و عليکم‏السلام يا رسل ربي، ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون- ان الله مع الذين اتقوا و اذين هم

محسنون. و عرق جبينه و هو يذکر الله کثيرا، و ما زال يذکر الله کثيرا و يتشهد الشهادتين، ثم استقبل القبله و غمض عينيه و مد رجليه و يديه و قال: اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريک له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله، ثم قضي نحبه- عليه‏السلام- و کانت وفاته في ليله احدي و عشرين من شهر رمضان، و کانت ليله الجمعه سنه اربعين من الهجره. قال: فعند ذلک صرخت زينب بنت علي- عليه‏السلام - و ام‏کلثوم و جميع نسائه، و قد شقوا الجيوب و لطموا الخدود، و ارتفعت الصيحه في القصر، فعلم اهل الکوفه ان اميرالمومنين- عليه‏السلام- قد قبض، فاقبل النساء و الرجال يهرعون افواجا افواجا، و صاحوا صيحه عظيمه، فارتجت الکوفه باهلها و کثر البکاء و النحيب، و کثر الضجيج بالکوفه و قبائلها و دورها و جميع اقطارها، فکان ذلک کيوم مات فيه رسول‏الله- صلي الله عليه و آله-، فلما اظلم الليل تغير افق السماء و ارتجت الارض و جميع من عليها بکوه و کنا نسمع جلبه و تسبيحا في الهواء، فعلمنا انها من اصوات الملائکه، فلم يزل کذلک الي ان طلع الفجر، ثم ارتفعت الاصوات و سمعنا هاتفا بصوت يسمعه الحاضرون و لا يرون شخصه يقول: بنفسي و ما لي ثم اهلي و اسرتي فداء لمن اضحي قتيل ابن مل

جم علي رقي فوق الخلائق في الوغي فهدت به ارکان بيت‏المحرم علي اميرالمومنين و من بکت لمقتله البطحا و اکناف زمزم يکاد الصفا و المشعران کلاهما يهدا و بان النقص في ماء زمزم و اصبحت الشمس المنير ضياوها لقتل علي لونها لون دلهم و ظل له افق السماء کابه کشقه ثوب الونه لون عندم و ناحت عليه الجن اذ فجعت به حنينا کشکلي نوحها بترنم و اضحي اليها الجود و النبل مقتما و کان التقي في قبره المتهدم و اضحي التقي و اخيروا لحلم و النهي و بات العلي في قبره المتهدم يکاد الصفا و امستجار کلاهما يهدا و بان النقص في ماء زمزم لفقد علي خبر من وطي‏ء الحصي اخا العالم الهادي النبي المعظم فالمعني عند ذلک ان السماوات و الارض و الملائکه و الجن و الانس قد بکت و رثته في تلک الليله، و سمعنا في الهواء جلبه عظيمه و تسبيحا و تقديسا، فعلمنا انها اصوات الملائکه، فلم تزل کذلک حتي بدا الصباح، فارتفعت الاصوات فخرجنا و اذا بصائح في الهواء و هو يقول: يا للرجال لعظم هول مصيبه قد حت فلي مصابها بالهازل و الشمس کاسفه لفقد امامنا خير الخلائق و الامام العادل يا خير من رکب المطي و من مشي فوق الثري من حا في اوناعل

يا سيدي و لقد هددت قوائنا و الحق اصبح خاضعا للباطل قال محمد بن الحنفيه: ثم اخذنا في جهازه ليلا و کان الحسن- عليه‏السلام- يغسله و الحسين- عليه‏السلام- يصب الماء عليه، و کان- عليه‏السلام- لا يحتاج الي من يقلبه، بل کان يتقلب کما يريد الغاسل يمينا و شمالا، و کانت رائحته اطيب من رائحه المسک و العنبر، ثم نادي الحسن- عليه‏السلام- باخته زينب و ام کلثوم و قال: يا اختاه! هلمي بحنوط جدي رسول‏الله- صلي الله عليه و آله-، فبادرت زينب مسرعه حتي اته به. قال الراوي: فلما فتحته فاحت الدار و جميع الکوفه و شوارعها لشده رائحه ذلک الطيب، ثم لفوه بخمسه اثواب اکما امر- عليه‏السلام- ثم وضعوه علي السرير، و تقدم الحسن و الحسين- عليهماالسلام- الي السرير من موخره و اذا مقدمه قد ارتفع و لا يري حامله، و کان حاملاه من مقدمه جبرئيل و ميکائيل، فما مر بشي‏ء علي وجه الارض الا انحني له ساجدا و خرج السرير من مايل باب کنده، فحملا موخره و سارا يتبعان مقدمه. قال ابن الحنفيه- رضي الله عنه -: و الله لقد نظرت الي السرير و انه ليمر بالحيطان و النخل فتنحني له خشوعا، و مضي مستقيما الي النجف ال موضع قبره الان، قال: و ضجت الکوفه بالبکاء والنحيب، و خرجن

النساء يتبعنه الا طمات حاسرات، فمنعهم الحسن- عليه‏السلام- يقول: لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم، انا لله و انا اليه راجعون. يا اباه وا انقطاع ظهراه، من اجلک تعلمت البکاء، الي الله المشتکي. فلما انتهيا الي قبره و اذا مقدم السرير قد وضع، فوضع الحسن- عليه‏السلام- موخره ثم قام الحسن- عليه‏السلام- و صلي عليه و الجماعه خلفه، فکبر سبعا کما امره به ابوه- عليه‏السلام- ثم زحزحنا سريره و کشفنا التراب و اذا نحن بقبر محفور و لحد مشقوق و ساجه منقوره مکتوب عليها: هذا ما ادخره له جده نوح النبي للعبد الصالح الطاله المطهر. فلما ارادوا نزوله سمعوا هاتفا يقول: انزلوه الي التربه الطاهره، فقد اشتاق الحبيب الي الحبيب، فدهش الناس عند ذلک و تحيروا، و الحد اميرالمومنين- عليه‏السلام- قبل طلوع الفجر. قال الراوي: لما الحد اميرالمومنين- عليه‏السلام- وقف صعصعه بن صوحان العبدي- رضي الله عنه- علي القبر، و وضع احدي يديه علي فواده و الاخري قد اخذ بها التراب و يضرب به راسه، ثم قال: بابي انت و امي يا اميرالمومنين، ثم قال: هنيئا لک يا ابا الحسن، فلقد طاب مولدک، و قوي صبرک، و عظم جهادک، و ظفرت برايک، و ربحت تجارتک، و قدمت علي خالقک، فتلقاک

الله ببشارته، و حفتک ملائکته، و استقررت في جوار المصطفي، فاکرمک الله بجواره، و لحقت بدرجه اخيک المصطفي، و شربت بکاسه الاوفي، فاسال الله ان يمن علينا باقتفائنا اثرک و العمل بسيرتک، و الموالاه لاوليائک، و المعاداه لاعدائک، و ان يحشرنا في زمره اوليائک، فقد نلت مالم ينله احد، و ادرکت ما لم يدرکه احد، و جاهدت في سبيل ربک بين يدي اخيک المصطفي حق جهاده، و قمت بدين الله حق القيام، حتي اقمت السنن، و ابرت الفتن و استقام الاسلام، و انتظم الايمان، فعليک مني افضل الصلاه و السلام، بک اشتد ظهر المومنين، و اتضحت اعلام السبل، و اقيمت السنن، و ما جمع الاحد مناقبک و خصالک، سبقت الي اجابه النبي- صلي الله عليه و آله- مقدما موثرا، و سارعت الي نصرته، و وقيته بنفسک، و رميت سيفک ذا الفقار في مواطن الخوف و الحذر، قصم الله بک کل جبار عنيد، و ذل بک کل ذي باس شديد و هدم بک حصون اهل الشرک و الکفر و العدوان و الردي، و قتل بک اهل الضلال من العدي، فهنيئا لک يا اميرالمومنين، کنت اقرب الناس من رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- قربا و اولهم سلما، و اکثرهم عليما و فهما، فهنيئا لک يا اباالحسن، لقد شرف الله مقمک و کنت اقرب الناس الي رسول‏الله- صلي ا

لله عليه و آله- نسبا، و اولهم اسلاما، و اوفاهم يقينا، و اشدهم قلبا، و ابذلهم لنفسه مجاهدا، و اعظمهم في الخير نصيبا، فلا حرمنا الله اجرک و لا اذلنا بعدک، فوالله لقد کانت حياتک مفتاح للخير و مغالق للشر، و ان يومک هذا مفتاح کل شر و مغلاق کل خير، و لو ان الناس قبلوا منک لاکلوا من فوقهم و من تحت ارجلهم، و لکنهم آثروا الدنيا علي الاخره. ثم بکي بکاء شديدا و ابکي کل من کان معه، و عدلوا الي الحسن و الحسين و محمد و جعفر و العباس و يحيي و عون و عبدالله- عليهم‏السلام- فعزوهم في ابيهم- صلوات الله عليه-، و انصرف الناس، و رجع اولاد اميرالمومنين- عليه‏السلام- و شيعتهم الي الکوفه، و لم يشعر بهم احد من الناس، فلما طلع الصباح و بزغت الشمس اخرجوا تابوتا من دار اميرالمومنين- عليه‏السلام- و اتوا به الي المصلي بظاهر الکوفه، ثم تقدم الحسن- عليه‏السلام- و صلي الله، و رفعه علي ناقه و سرها مع بعض العبيد. قال الراوي: فلما کان الغداه اجتمعوا لاجلقتل الملعون، قال الو مخنف: فلما رجع الحسن- عليه‏السلام- دخلت عليه ام‏کلثوم و اقسمت عليه ان لايترک الملعون في الحياه ساعه واحده، و کان قد عزم علي تاخيره ثلاثه ايام، فاجابها لي ذلک، و رج لوقته و س

اعته، و جمع اهل بيته و اهل البصائر من اصحاب اميرالمومنين- عليه‏السلام- الذين کانوا علي عهد رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- کصعصعه و الاحنف و ما اشبهما- رضي الله عنهم- و تشاوروا في قتل ابن ملجم- لعنه الله تعالي- فکل اشار بقتله في ذلک اليوم، و اجتمع رايهم عليقتله فيالمکان الذي ضرب فيه الامام علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام-. قال الراوي: ثم انه لما رجع اولاد اميرالمومنين- عليه‏السلام- و اصحابه الي الکوفه و اجتمعوا لقتل اللعين عدو الله ابن ملجم فقال عبدالله بن جعفر: اقطعوا يديه و رجليه و لسانه و اقتلوه بعد ذلک، و قال ابن الحنفيه- رضي الله عنه-: اجعلوه غرضا للنشاب و احرقوه لالنار، و قال آخر: اصلبوه حيا حتي يموت، فقال الحسن- عليه‏السلام-: انا ممتثل فيه ما امرني به اميرالمومنين- عليه‏السلام- اضربه ضربه بالسيف حتي يموت فيها، و احرقه بالنار بعد ذلک. قال: فامر الحسن- عليه‏السلام- ان ياتوه به، فجاووا به کنتوفا حتي ادخلوا الي الموضع الذي ضرب فيه الامام علي بن ابي‏طالب - عليه‏السلام-، و الناس يلعنونه و يو بخونه، و هو ساکت لا يتکلم. فقال الحسن- عليه‏السلام-: يا عدو الله! قتلت اميرالمومنين- عليه‏السلام- و امام امسلمين، و اعظمت

الفساد في الدين. فقال لهما: يا حسن و يا حسين! عليکما السلام ما تريدان تصنعان بي؟ قالا له: نريد قتلک کما قتلت سيدنا و مولانا. فقال لهما: اصنعا ما شئتما ان نصنعا، و لا تعنفا من استزله الشيطان فصده عن السبيل، و لقد زجرت نفسي فلم تنزجر! و نهيتها فلم تنته! فدعها تدوق و بال امرها و لها عذاب شديد، ثم بکي. فقال له: يا ويلک! ما هذه الرقه؟ اين کانت حين وضعت قدمک و رکبت خطيئتک؟ فقال ابن ملجم- لعنه الله-: استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذکر الله اولئک حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون. و لقد انقضي التوبيخ و المعايره، و انما قتلت اباک و حصلت بين يديک، فاصنع ما شئت و خذ بحقک بني کيف شئت، ثم برک علي رکبتيه و قال: يا ابن رسول‏الله! الحمد لله الذي اجري قتلي علي يديک. فرق له الحسن- عليه‏السلام- لان قلبه کان رحيما- صلي الله عله-. فقام الحسن- عليه‏السلام- و اخذ السيف بيده و جرده من غمده فهزبه حتي لاح الموت في حده ثم ضربه ضربه اداربها عنقه فاشتد زحام الناس عليه، و علت اصواتهم، فلم يتمکن من فتح باعه فارتفع السيف الي باعه فابراه فانقلب عدو الله علي فقاه يحور في دمه. فقام الحسين- عليه‏السلام- الي اخيه و قال: يا اخي اليس الاب

واحدا و الام واحده ولي نصيب في هذه الضربه ولي في قتله حق؟ فدعني اضربه ضربه اشقي بها بعض ما اجده. فناوله الحسن- عليه‏السلام- السيف فاخذه و هزه و ضربه علي الضربه التي ضربه الحسن- عليه‏السلام- فبلغ الي طرف انفه، و قطع جانبه الاخر، و ابتدره الناس بعد ذلک باسيافهم، فقطعوه اربا اربا، و عجل الله بروحه الي النار و بئس القرار، ثم جمعوا جثته و اخرجوه من المسجد، و جمعوا له حطبا و احر قوه بالنار، و قيل: طرحوه في حفره و طموه بالتراب، و هو بعوي کعوي الکلاب في حفرته الي يوم القيامه. و اقبلوا الي قطام الملعونه الفاسقه الفاجره فقطعوها بالسيف اربا اربا، و هبوا دارها، ثم اخذوها و اخرجوها الي ظاهر الکوفه و احرقوها بالنار، و عجل الله بروحها الي النار و غضب الجبار. و اما الرجلان اللذان تحالفا معه فاحدهما قتله معاويه بن ابي‏سفيان بالشام، و الاخر قتله عمرو بن العاص بمصر- لا رضي الله عنها-. و اما الرجلان اللذان کانا مع ابن ملجم بالجامع يساعدانه علي قتل علي- عليه‏السلام- فقتلا من ليلتهما، لعنهما الله و حشرهما محشرالمنافقين الظالمين في جهنم خالدين مع السالفين. قال الو مخنف: فلما فرغوا من اهلاکهم و تلهم اقبل الحسن و الحسين- عليهماالسلا

م- الي المنزل، فالتفت بهم ام‏کلثوم و انشدت تقول هذه الابيات لما سمعت بقتله، و قيل: انها لام الهيثم بنت العربان الخثعميه، و قيل: للاسود الدولي شعرا يقول: الا يا عين جودي و اسعدينا الا فابکي اميرالمومنينا و تبکي ام‏کلثوم عليه بعبرتها و قد رات اليقينا الاقل للخوارج حيث کانوا فلا قرت عيون الحاسدينا و ابکي خير من رکب المطايا و حث بها و اقري الظاعنينا و ابکي خير من رکب المطايا و فارسها و من رکب السفينا و من لبس النعال و من حفاها و من قرا المثاني و المئينا و من صام الهجير و قام ليلا و ناجي الله خير الخالقينا امام صادق بر تقي فقيه قد حوي علما و دينا شجاع اشوس بطل همام و مقدام الاوساد في العرينا کمي باسل قرم هزبر حمي اروع ليث بطينا فعمرو قاده في الاسر لما طعا و سقي ابن ود منه حينا و مرحب قده بالسيف قدا و عفر ذا الخمار علي الجبينا و بات علي الفراش يقي اخاه و لم يعبا بکيد الکافرينا و يدعو للجماعه من عصاه و يقضي بالفرائض مستبينا و کل مناقب الخيرات فيه و حب رسول رب العالمينا مضي بعد النبي فدته نفسي ابوحسن و خير الصالحينا اذا استقبلت وجه ابي‏حسين رايت البد

ر فاق الناظرينا و کنا قبل مقتله بخير نري مولي رسول‏الله فينا يقيم الحق لا يرتاب فيه و ينهک قطع ايدي السارقينا و ليس بکاتم علما لديه و لم يخلق من المتجبرينا افي الشهر الحرام فجعتمونا بخيرالخلق طرا اجمعينا و من بعد النبي فخير نفس ابوحسن و خير الصالحينا فلو انا سئلنا المال فيه بذلنا المال فيه مو البنينا کان الناس اذ فقدوا عليا نعام جال في بلد سنينا فلا والله لا انسي عليا و حسن صلاته في الراکعينا لقد علمت قريش حيث کانت بانک خيرها حسبا و دينا الا فابلغ معاويه بن حرب فلا قرت عيون الشامتينا و قل للشامتين بنا رويدا سيلقي الشمتون کما لقينا قتلتم خير من رکب المطايا و ذللها و من رکب السفينا الا فابلغ معاويه بن حرب بان بقيه الخلفاء فينا قال فلم يبق احد في المسجد الا انتحت و بکي لبکائها، و کل من کان حاضرا من عدو و صديق، و لم ارباکيه و لا باکيا اکثر من ذلک اليوم. اقول: روي البرسي في مشارق الانوار عن محدثي اهل الکوفه ان اميرالمومنين- عليه‏السلام- لما حمله الحسن و الحسين- عليهماالسلام- علي سريره الي مکان البئر المختلف فيه الي نجف الکوفه و جدوا فارسا يتضوع من رائحه المسک،

فسلم عليهما ثم قال للحسن- عليه‏السلام-: انت الحسن بن علي رضيع الوحي و التنزيل و فطيم العلم و الشرف الجليل خليفه اميرالمومنين و سيد الوصيين؟ قال: نعم. قال: سلماه الي و امضيا في دعه الله. فقال له الحسن- عليه‏السلام-: انه اوصي الينا ان لا نسلم الا الي احد رجلين: جبرئيل او الخضر فمن انت منهما؟ فکشف انقاب فاذا هو اميرالمومنين- عليه‏السلام- ثم قال للحسن- عليه‏السلام-: يا ابامحمد! انه لا تموت نفس الا و يشهدها افما يشهد جسده؟. قال: و روي عن الحسن بن علي - عليهماالسلام- ان اميرالمومنين قال للحسن و الحسين- عليهماالسلام-: اذا وضعتما ني في الضريح فصليا رکعتين قبلان تهيلا علي التراب، و انظرا ما يکون، فلما وضعاه في الضريح المقدس فعلا ما امرا به، و نظر او اذا الضريح مغطي بثوب من سندس، فکشف الحسن- عليه‏السلام- مما يلي وجه اميرالمومنين، فوجد رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- و آدم و ابراهيم يتحدثون مع اميرالمومنين- عليه‏السلام- و کشف الحسين مما يلي رجليه فوجد الزهراء و حواء و مريم و آسيه- عليهن‏السلام- ينحن علي اميرالمومنين- عليه‏السلام- و يندبنه. بيان: لم ارهذيني الخبرين الا من طريق البرسي، و لا اعتمد علي ما يتفرد بنقله و لا

اردهما لو رود الاخبار الکثيره الداله علي ظهورهم بعد موتهم في اجسادهم المثالهي، و قد مرت في کتاب المعاد و کتاب الامامه.


صفحه 169، 169.