سوره أنبياء















سوره أنبياء



«بَلْ عِبَادٌ مُکْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ»[1].

1/998- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام حديث طويل وفيه: وألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطاباً يدلّ علي انفراده وتوحيده، وبأنّ له أولياء تجري أفعالهم وأحکامهم مجري فعله، فهم العباد المکرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمرهم يعملون، قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ومن حلّ محلّه أصفياء اللَّه الذين قال: «فَأَيْنََما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ»[2] الذين قرنهم اللَّه بنفسه وبرسوله، وفرض علي العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه.[3].

2/999- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام في روايات الخاصّة: اختصم رجل وامرأة إليه، فعلا صوت الرجل علي المرأة، فقال له علي عليه‏السلام: إخسأ- وکان خارجياً-، فإذا

[صفحه 153]

رأسه رأس الکلب، فقال له رجل: يا أميرالمؤمنين صحت بهذا الخارجي فصار رأسه رأس الکلب فما يمنعک عن معاوية؟ فقال: ويحک لو أشاء أن آتي بمعاوية إلي هاهنا علي سريره لدعوت اللَّه حتّي فعل، ولکن للَّه خزّان لا علي ذهب ولا فضة ولاإنکار علي أسرار، تدبير اللَّه أما تقرأ: «بَلْ عِبَادٌ مُکْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ».[4].

3/1000- عن الأصبغ بن نباتة، قال: کنّا نمشي خلف علي عليه‏السلام ومعنا رجل من قريش، فقال: يا أميرالمؤمنين قد قتلت الرجال وأيتمت الأطفال وفعلت وفعلت، فالتفت إليه عليه‏السلام وقال: إخسأ فإذا هو کلب أسود، فجعل يلوذ به ويبصبص، فرآه عليه‏السلام فرحمه فحرّک شفتيه فإذا هو رجل کما کان، فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين أنت تقدر علي مثل هذا ويناويک معاوية؟ فقال عليه‏السلام: نحن عبادٌ مکرمون لا نسبقه بالقول ونحن بأمره عاملون.[5].

«يَا نَارُ کُونِي بَرْداً وَسَلَاماً»[6].

4/1001- عن علي [عليه‏السلام] في قوله تعالي: «يَا نَارُ کُونِي بَرْداً وَسَلَاماً» قال: لولا أنه قال: وسلاماً لقتله بردها.[7].

5/1002- عن علي [عليه‏السلام] في قوله تعالي: «يَا نَارُ کُونِي بَرْداً وَسَلَاماً» قال: بردت عليه حتّي کادت تؤذيه، حتّي قيل: «وَسَلَاماً» قال: لا تؤذيه.[8].

[صفحه 154]

«فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا کُفْرَانَ لِسَعْيِهِ»[9].

6/1003- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة وقد قال معترضاً: وأجده يقول: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا کُفْرَانَ لِسَعْيِهِ» ويقول: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَأَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدي»[10] أعلم في الآية الاُولي أنّ الأعمال الصالحة لا تکفّر، وأعلم في الثانية أنّ الإيمان والأعمال الصالحة لا تنفع إلّا بعد الاهتداء، قال عليه‏السلام: وأمّا قوله: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا کُفْرَانَ لِسَعْيِهِ» وقوله: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَأَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدي» فإنّ ذلک کلّه لا يغني إلّا مع الاهتداء، وليس کلّ من وقع عليه إسم الإيمان کان حقيقاً بالنجاة ممّا هلک به الغواة، ولو کان ذلک کذلک لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها باللَّه، ونجا سائر المقرّين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الکفر، وقد بيّن اللَّه ذلک بقوله: «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِکَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ»[11] وبقوله: «الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ»[12] [13].

«إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْني أُولئِکَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ»[14].

7/1004- محمّد بن العباس، قال: حدّثنا أبوجعفر الحسن بن علي بن الوليد القسري، بإسناده عن النعمان بن بشير، قال: کنّا ذات ليلة عند عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام سُمّاراً إذ قرأ هذه الآية: «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْني أُولئِکَ عَنْهَا

[صفحه 155]

مُبْعَدُونَ» فقال: أنا منهم، واُقيمت الصلاة قريب وهو يقول: «لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِيَما اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ»[15] ثمّ کبّر للصلاة.[16].

«وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»[17].

8/1005- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام حديث طويل وفيه يقول مجيباً لبعض الزنادقة: وأمّا قوله لنبيّه صلي الله عليه و آله: «وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» وإنّک تري أهل الملل المخالفة للإيمان ومن يجري مجراهم من الکفّار، مقيمين علي کفرهم إلي هذه الغاية، وانّه لو کان رحمةً عليهم لاهتدوا جميعاً ونجوا من عذاب السعير، فإنّ اللَّه تبارک اسمه إنّما عني بذلک أنّه جعله سبباً لأنظار أهل هذه الدار؛ لأنّ الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض، فکان النبي صلي الله عليه و آله منهم إذا صدع بأمر اللَّه وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من سائر الخليقة، وإن خالفوه هلکوا وهلک أهل دارهم بالآفة التي کانت بينهم، (کان نبيّهم) يتوعّدهم بها ويخوّفهم حلولها ونزولها بساحتهم، من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلک من أصناف العذاب الذي هلکت به الاُمم الخالية.

وإنّ اللَّه علم من نبيّنا صلي الله عليه و آله ومن الحجج في الأرض الصبر علي ما لم يطق مَن تقدّمهم من الأنبياء الصبر علي مثله، فبعثه اللَّه بالتعريض لا بالتصريح، وأثبت حجّة اللَّه تعريضاً لا تصريحاً بقوله في وصيّته: من کنت مولاه فهذا مولاه، وهو منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، وليس من خليقة النبي ولا من شيمته أن يقول قولاً لا معني له، فلزم الاُمّة أن تعلم أنّه لمّا کانت النبوّة والاُخوّة

[صفحه 156]

موجودتين في خليقة هارون وموسي ومعدومتين في مَن جعله النبي صلي الله عليه و آله بمنزلته انّه قد استخلفه علي اُمّته کما استخلف موسي هارون؛ حيث قال له: «اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي»،[18] ولو قال لهم: لا تقلّدوا الإمامة إلّا فلاناً بعينه، وإلّا نزل بکم العذاب، لأتاهم العذاب وزال باب الأنظار والإمهال.[19].

[صفحه 157]


صفحه 153، 154، 155، 156، 157.








  1. الأنبياء:27-26.
  2. البقرة:115.
  3. تفسير نور الثقلين 421:3؛ الاحتجاج 593:1 ح137.
  4. الخرائج والجرائح 172:1؛ تفسير نور الثقلين 421:3.
  5. الخرائج والجرائح 219:1؛ تفسير نور الثقلين 422:3؛ البحار 199:41؛ اثبات الهداة 546:4.
  6. الأنبياء:69.
  7. کنز العمال 468:2 ح4515.
  8. کنز العمال 468:2 ح4515.
  9. کنز العمال 468:2 ح4516.
  10. الأنبياء:94.
  11. الأنعام:82.
  12. المائدة:41.
  13. الاحتجاج 579:1 ح137؛ تفسير نور الثقلين 457:3؛ البحار 174:27.
  14. الأنبياء:101.
  15. الأنبياء:102.
  16. تفسير البرهان 72:3، کشف الغمّة باب ما نزل من القرآن في شأنه327: 1.
  17. الأنبياء:107.
  18. الأعراف:142.
  19. الاحتجاج 602:1 ح137؛ تفسير نور الثقلين 465:3؛ البحار 123:93.