الجاحظ في سطور















الجاحظ في سطور



الجاحظ هو عمرُو بن بحر بن محبوب، الکنانيّ؛ ولاءً، لأنّ جدّه کان حَمَّالاً لأحدِ بني کنانة، في البصرة التي کانت مولداً ومسکناً له ولأهله.

وُلِدَ - علي أکثر مايُقالُ: - عام «160 ه» وتوفّي عام «255 ه».

فعاشَ في مدارس البصرة، وبين علمائها، فأخذ اللغة والأدب من الأصمعيّ وأبي عبيدة، والنحوَ من الأخفش، والحديثَ من الحجّاج بن محمد، والفقهَ من أبي‏يوسف صاحب أبي حنيفة، والکلامَ من النظّام؛ ولهذا انتسب إلي الاعتزال. حتي کان له مذهبٌ فيه.

ثمّ علّم الأطفال، وتنقل بين بغداد والبصرة، وانقطع إلي الأدب فاشتهر بلُغته الخاصّة بين هُواته، وتخصّص بالنقد؛ فکان من ألذع النقّاد، واتّصل بالحکام؛ من أمراء ووزراء، حتّي الخلفاء.

کَتَبَ بأُسلوبه الخاصّ المتميّز؛ فخلّد تراثاً يُعدّ من أشهر کُتُب الأدب النقديّ، وأهمّ أعماله يدور بين الاختيار للجيّد الرائع، وبين التبکيت بالأسلوب اللاذع.

تدخّل في موضوعات شتّي، مما يَعنيه ولا يَعنيه، في کلّ موضوع وفنٍّ؛ فخبطَ وتناقض واتّهم بالانتهازيّة تارةً، وبالارتزاق علي ما يکتب؛ أخري.

وما عنده من خيرٍ فهو حصيلة ما قرأ، وممن سبق من بلغاء العرب وفصحائهم من جاهليين، وأمراء الکلام والحکمة من عظماء المسلمين، وفي مقدّمة أولئک الإمامُ أميرُ المؤمنين عليه السلام حيث تزهرُ کلماتُه في تراث الجاحظ بشکلٍ ملحوظ.

وسواء صرّح الجاحظ بنسبتها إلي الإمام؛ أم أغفلها! و سواء حرّف نسبتها أم انتحلها لنفسه؟! فإنّ کلام الإمام - الذي هو إمام الکلام - متميّزٌ باللمعان بين صفحات الجاحظ وسطور کتبه، تملؤها الروحُ العلويّةُ المقدّسةُ، مما ألجأ الجاحظَ إلي الاعتراف بذلک في غير ما موضعٍ، ومن ذلک هذه الکلمات المِائة، مع حکمه عليها بقوله: «کلُّ کلمةٍ منها بِأَلْفِ کلمةٍ مِن محاسنِ کلام العربِ، لمْ تُسْمَعْ - قَطُّ - من غيره».

وسيأتي أنّ هذه الکلمات کانت مبثوثةً في کتبه ومسوّداته، فلا بدّ أن يجدها المتتبّعُ في ما خلّفه الجاحظ من تراث، فيکون قد مُنِيَ بالتحريف والنقص.

و - أيضاً فإنّ الروائعَ العلويّةَ في تراث الجاحظ لاتنحصرُ بهذه الکلمات فقط، بل لابُدّ من وجود الأکثر من ذلک ممّا يوقف عليه البحث والمتابعة.

وما علينا إلّا أنْ نقرأَ کلَّ ما للجاحظ لنحدّدَ مواضعَ هذه الکلمات في تراثه، إنْ لم يعُقْنا عن ذلک ضيقُ الوقت، أو عدمُ توفُّر کلّ ما خلّفه الرجل.

وليس بمقدورنا - الآنَ - إلّا تقديمُ «الکلمات المِائة» هذه، بهذه الحلّة، ليتحقّق بها جزءٌ من تلک الأمنية، عسي أن نوفّق لتکميل الشوط في مجال آخَر، بعون اللَّه.