في صفة يوم المحشر















في صفة يوم المحشر



1/9679- محمّد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن ابن‏محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي‏عبيدة الحذّاء، عن ثوير بن أبي‏فاختة، قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يحدّث في مسجد رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: حدّثني أبي‏أنّه سمع أباه عليّ بن أبي‏طالب صلوات اللَّه عليه يحدّث الناس، قال:

إذا کان يوم القيامة بعث اللَّه تبارک وتعالي الناس من حفرهم عُزلاً بُهماً جرداً مرداً، في صعيد واحد، يسوقهم النور وتجمعهم الظلمة حتّي يقفوا علي عقبة المحشر، فيرکب بعضهم بعضاً، ويزدحمون دونها، فيمنعون من المضيّ، فتشتدّ أنفاسهم ويکثر عرقهم وتضيق بهم اُمورهم، ويشتدّ ضجيجهم وترتفع أصواتهم.

قال: وهو أوّل هولٍ من أهوال يوم القيامة، قال: فيشرف الجبّار تبارک وتعالي عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائکة، فيأمر ملکاً من الملائکة فينادي فيهم: يا معشر الخلائق انصتوا واستمعوا منادي الجبّار، قال: فيسمع آخرهم کما يسمع

[صفحه 126]

أوّلهم، قال: فتنکسر أصواتهم عند ذلک وتخشع أبصارهم وتضطرب فرائصهم وتفزع قلوبهم ويرفعون رؤوسهم إلي ناحية الصوت مهطعين إلي الداعي. قال: فعند ذلک يقول الکافر: «هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ»،[1] قال: فيشرف الجبّار عزّوجلّ الحَکَمُ العدلُ عليهم فيقول: أنا اللَّه لا إله إلّا أنا الحکم العدل الذي لا يجور، اليوم أحکم بينکم بعدلي وقسطي، لا يظلم اليوم عندي أحد، اليوم آخذ للضعيف من القويّ بحقّه، ولصاحب المظلمة بالمظلمة، بالقصاص من الحسنات والسّيئات، واُثيب علي الهبات، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ولأحد عنده مظلمة إلّا مظلمة يهبها صاحبها، واُثيبه عليها وآخذ له بها عند الحساب.

فتلازموا أيّها الخلائق واطلبوا مظالمکم عند من ظلمکم بها في الدنيا وأنا شاهد لکم عليکم وکفي بي شهيداً، قال: فيتعارفون ويتلازمون فلا يبقي أحد له عند أحد مظلمة أو حقّ إلّا لزمه بها، قال: فيمکثون ما شاء اللَّه، فيشتدّ حالهم ويکثر عرقهم ويشتدّ غمّهم، وترتفع أصواتهم بضجيج شديد، فيتمنّون المخلص منه بترک مظالمهم لأهلها، قال: ويطّلع اللَّه عزّ وجلّ علي جهدهم فينادي منادٍ من عند اللَّه تبارک وتعالي يسمع آخرهم کما يسمع أوّلهم: يا مشعر الخلائق أنصتوا لداعي اللَّه تبارک وتعالي واسمعوا إنّ اللَّه تبارک وتعالي يقول لکم: أنا الوهّاب إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا، وإن لم تواهبوا أخذت لکم بمظالمکم.

قال: فيفرحون بذلک لشدّة جهدهم وضيق مسلکهم وتزاحمهم، قال: فيهب بعضهم مظالمهم رجاء أن يتخلّصوا ممّا هم فيه، ويبقي بعضهم فيقولون: يا ربّ مظالمنا أعظم من أن نهبها، قال: فينادي منادٍ من تلقاء العرش: أين رضوان خازن الجنان (جنان الفردوس) قال: فيأمره اللَّه عزّوجلّ أن يطلع من الفردوس قصراً من فضّة بما فيه من الأبنية والخدم، قال: فيطلعه عليهم في حفافة القصر والوصائف

[صفحه 127]

والخدم، قال: فينادي منادٍ من عند اللَّه تبارک وتعالي: يا معشر الخلائق ارفعوا رؤوسکم فانظروا إلي هذا القصر، فيرفعون رؤوسهم فکلّهم يتمنّاه، قال: فينادي منادٍ من عند اللَّه تعالي: يا معشر الخلائق هذا لکلّ من عفي عن مؤمن، قال: فيعفو کلّهم إلّا القليل، فيقول اللَّه عزّوجلّ: لا يجوز الي جنّتي اليوم ظالم، ولا يجوز إلي ناري اليوم ظالم ولأحد من المسلمين عنده مظلمة حتّي يأخذها منه عند الحساب، أيّها الخلائق استعدّوا للحساب.

قال: ثمّ يخلّي سبيلهم فينطلقون إلي العقبة (يکرد) بعضهم بعضاً حتّي ينتهوا إلي العرصة، والجبّار تبارک وتعالي علي العرش قد نشرت الدواوين ونصبت الموازين، واُحضِر النبيّون والشهداء، وهم الأئمة يشهد کلّ إمام علي أهل عالمه بأنّه قد قام فيهم بأمر اللَّه عزّوجلّ ودعاهم إلي سبيل اللَّه.[2].

2/9680- عليّ بن إبراهيم: قال علي عليه‏السلام: وأمّا أهل المعصية فخلّدوا في النار، وأوثق منهم الأقدام، وغلّ منهم الأيدي إلي الأعناق، وألبس أجسادهم سرابيل القطران، وقطّعت لهم مقطّعات من النار، هم في عذاب قد اشتدّ حرّه، ونارٍ قد أطبق علي أهلها، فلا يفتح عنهم أبداً، ولا يدخل عليهم ريح أبداً، ولا ينقضي منهم الغم أبداً، والعذاب أبداً شديد والعقاب أبداً جديد، لا الدار زائلة فتفني ولا آجال القوم تقضي.[3].

3/9681- وعنه، حدّثنا أبوالقاسم الحسيني، قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن حسّان، قال: حدّثنا محمّد بن مروان، عن عبيدبن يحيي، عن محمّد بن الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي‏

[صفحه 128]

طالب عليه‏السلام في قوله: «أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ کُلَّ کَفَّارٍ عَنِيدٍ»[4] قال: قال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: إنّ اللَّه تبارک وتعالي إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد، کنت أنا وأنت يومئذٍ عن يمين العرش، ثمّ يقول اللَّه تبارک وتعالي لي ولک: قوما فألقيا في جهنّم من أبغضکما وکذّبکما في النار.[5].

4/9682- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن جدّه، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام في وصف هول يوم القيامة: خُتِم علي الأفواه فلا تکلّم فتکلّمت الأيدي، وشهدت الأرجل، ونطقت الجلود بما عملوا فلا يکتمون عند اللَّه حديثاً.[6].

5/9683- وعنه: عن أبي‏معمّر السعدي، قال: قال عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام في صفة يوم القيامة: يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق، فلا يتکلّم أحد إلّا من أذن له الرحمن وقال صواباً، فيقام الرسول فيُسأل فذلک قوله لمحمد صلي الله عليه و آله: «فَکَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ کُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِکَ عَلَي هؤُلَاءِ شَهِيداً»[7] وهو الشهيد علي الشهداء والشهداء هم الرسل.[8].

6/9684- وعنه: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن‏محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليهم‏السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: إنّ أهل النار إذا غَلَي الزّقوم والضريع في بطونهم کغلي الحميم، سألوا الشراب فأتوا بشراب غَسّاق وصَديد تغلي به جهنّم منذ خُلقت، وکالمُهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً.[9].

[صفحه 129]

7/9685- قال علي عليه‏السلام: قال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: تعوّذوا باللَّه من جبِّ الحزن أو وادي الحزن، قيل: يا رسول‏اللَّه وما وادي الحزن أو جبّ الحزن؟ قال: وادٍ في جهنّم تتعوّذ منه جهنّم کلّ يوم سبعين مرّة، أعدّه اللَّه تعالي للقرّاء المرائين.[10].

8/9686- عن علي عليه‏السلام، عن النبي صلي الله عليه و آله: إنّ نارکم هذه لجزء من سبعين جزءاً من نار جهنّم، ولقد اُطفئت سبعين مرّة بالماء، ولولا ذلک لما استطاع آدميّ أن يطفئها إذا التهبت، وأنّه ليؤتي بها يوم القيامة حتّي توضع علي النار، ما يبقي ملک مقرّب ولا نبيّ مرسل إلّا جثي برکبتيه فزعاً من صرخها.[11].

9/9687- العياشي: عن ابن‏معمّر، عن علي عليه‏السلام في قوله: «الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ»[12] يقول: يوقنون أنّهم مبعوثون، والظنّ منهم يقين.[13].

10/9688- وعنه: عن ابن‏نباتة، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: «وَتَرَکْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ»[14] يعني يوم القيامة.[15].

11/9689- عليّ بن الحسين المرتضي، نقلاً عن تفسير النعماني، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: وأمّا احتجاجه علي الملحدين في دينه وکتابه ورسله، فإنّ الملحدين أقرّوا بالموت ولم يقرّوا بالخالق، فأقرّوا بأنّهم لم يکونوا ثمّ کانوا، قال اللَّه تعالي: «ق وَالْقُرْآنِ الَْمجِيدِ- إلي قوله:- بَعِيدٌ»[16] وکقوله عزّوجلّ: «وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً- إلي قوله:- أَوَّلَ مَرَّةٍ»[17] ومثله قوله تعالي: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ

[صفحه 130]

وَلَا هُدًي وَلَا کِتَابٍ مُنِيرٍ»،[18] «کُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَي عَذَابِ السَّعِيرِ»[19] فردّ اللَّه تعالي عليهم ما يدّلهم علي صفة ابتداء خلقهم وأوّل نشئهم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ کُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ- إلي قوله:- لِکَيْلَا يَعْلَمَ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً»[20] فأقام سبحانه علي الملحدين الدليل عليهم من أنفسهم، ثمّ قال مخبراً لهم: «وَتَرَي الْأَرْضَ هَامِدَةً- إلي قوله:- وَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مِنْ فِي الْقُبُورِ»[21] وقال سبحانه: «واللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ- إلي قوله:- وَکَذلِکَ النُّشُورُ»[22] فهذا مثال أقام اللَّه عزّوجلّ لهم به الحجّة في إثبات البعث والنشور بعد الموت.

وأمّا الردّ علي الدهريّة الذين يزعمون أنّ الدهر لم يزل أبداً علي حال واحدة، وأنّه ما من خالق ولا مدبّر ولا صانع ولا بعث ولا نشور، قال اللَّه تعالي حکاية لقوله: «وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِکُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذلِکَ مِنْ عِلْمٍ»،[23] «وقَالُوا أَئِذا کُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً- إلي قوله:- أَوَّلَ مَرَّةٍ»[24] ومثل هذا في القرآن کثير، وذلک ردٌّ علي من کان في حياة الرسول‏صلي الله عليه و آله يقول هذه المقالة، ومن أظهر له الايمان وأبطن الکفر والشرک، وبقوا بعد رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله وکانوا سبب هلاک الاُمّة، فردّ اللَّه تعالي بقوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ کُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ»[25] الآية، وقوله: «وَتَرَي الْأَرْضَ هَامِدَةً»[26] الآية، وما جري مجري ذلک في القرآن، وقوله سبحانه في سورة «ق» کما مرّ فهذا کلّه ردّ علي الدهرية

[صفحه 131]

والملاحدة ممّن أنکر البعث والنشور.[27].

12/9690- الصدوق، عن محمّد بن أحمد الورّاق، عن عليّ بن محمّد مولي الرشيد، عن دارم بن قبيصة، عن الرضا، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: قال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: تقوم الساعة يوم الجمعة بين الصلاتين: صلاة الظهر والعصر.[28].

13/9691- عليّ بن الحسين المرتضي، نقلاً عن تفسير النعماني، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: وأمّا ما أنزل اللَّه تعالي في کتابه ممّا تأويله حکاية في نفس تنزيله وشرح معناه: فمن ذلک قصّة أهل الکهف، وذلک أنّ قريشاً بعثوا ثلاثة نفر: نضر بن حارث بن کلدة، وعقبة بن أبي‏معيط، وعامر بن وائلة إلي يثرب وإلي نجران ليتعلّموا من اليهود والنصاري مسائل يلقونها علي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله، فقال لهم علماء اليهود والنصاري: سلوه عن مسائل فإن أجابکم عنها فهو النبيّ المنتظر الذي أخبرت به التوراة، ثمّ سلوه عن مسألة اُخري فإن ادّعي علمها فهو کاذب لأنّه لا يعلم علمها غير اللَّه، وهي قيام الساعة، فقدم الثلاثة نفر بالمسائل- وساق الخبر إلي أن قال:- نزل جبرئيل بسورة الکهف وفيها أجوبة المسائل الثلاثة، ونزل في الأخيرة قوله تعالي: «يَسْأَلُونَکَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا- إلي قوله:- وَلکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».[29] [30].

14/9692- الصدوق، عن محمّد بن عمرو بن علي بن عبداللَّه البصري، عن محمّد ابن‏عبداللَّه بن أحمد بن جبلة الواعظ، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن الحسين ابن‏علي عليه‏السلام قال: کان عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام بالکوفة في الجامع، إذ قام إليه رجل من‏أهل‏الشام فسأله عن مسائل، فکان فيما سأله‏أن قال: أخبرني عن قول‏اللَّه عزّ

[صفحه 132]

وجلّ: «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ»[31] من هم؟ فقال عليه‏السلام: قابيل يفرّ من هابيل، والذي يفرّ من اُمّه موسي، والذي يفرّ من أبيه إبراهيم، والذي يفرّ من صاحبته لوط، والذي يفرّ من ابنه نوح يفرّ من ابنه کنعان.[32].

بيان: قال الصدوق رضي الله عنه: إنّما يفرّ موسي من اُمّه خشية أن يکون قصّر فيما وجب عليه من حقّها، وإبراهيم إنّما يفرّ من الأب المربّي المشرک لا من الأب الوالد- وهو تارخ-.

بيان آخر: يحتمل أيضاً أن يکون المراد بالاُم امرأة مشرکة کانت تربّيه في بيت فرعون.

15/9693- الصدوق، حدّثنا محمّد بن موسي بن المتوکل، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي‏عبداللَّه، عن أبيه، عن وهب بن وهب القرشي، عن الصادق عليه‏السلام جعفر بن محمّد، عن أبيه، إنّ عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال: لا تنشقّ الأرض عن أحد يوم القيامة إلّا وملکان آخذان بضبعه يقولان: أجب ربّ العزّة.[33].

16/9694- قال علي عليه‏السلام: حتّي إذا تصرّمت الاُمور، وتقضَّت الدهور، وأزفَ النشور، أخرجهم من ضرائح القبور، وأوکار الطيور، وأوجرة السباع، ومطارح المهالک، سِرَاعاً إلي أمرهِ، مهطعين إلي مَعاده، رَعيلاً صُمُوتاً، قياماً صُفوفاً، ينفذهم البصر، ويسمعهم الدّاعي، عليهم لَبوسُ الإستکانة، وضَرعُ الإستسلام والذلة، قد ضلَّت الحيلُ، وانقطع الأمل، وهَوت الأفئدة کاظمةً، وخشعت الأصوات مهيمنة، وألجَمَ العرقُ، وعظم الشَّفقُ، واُرعِدَتِ الأسماعُ لزبرةِ الداعي إلي فصل الخطاب،

[صفحه 133]

ومقايضةِ الجزاءِ، ونکالِ العقاب، ونوالِ الثواب.[34].

17/9695- قال علي عليه‏السلام: فاتّعظّوا عباد اللَّه بالعبر النوافع، واعتبروا بالآي السواطع، وازدجرُوا بالنُّذر البوالغ، وانتفعوا بالذّکر والمواعظ، فکأنّ قد عَلِقَتکُم مخالبُ المنيّة، وانقطعت منکم علائق الاُمنيَّةِ، ودهمتکم مفظعات الاُمور، والسياقةُ إلي الوِرْدِ المورود، فکلّ نفس معها سائق وشهيد، سائق يسوقها إلي محشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها.[35].

18/9696- قال علي عليه‏السلام: وذلک يوم يجمع اللَّه فيه الأوّلين والآخرين، لنقاش الحساب وجزاء الأعمال، خضوعاً، قياماً، قد ألجمهُمُ العرق، ورجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالاً من وجد لقدميه موضعاً، ولنفسه متّسعاً.[36].

19/9697- قال علي عليه‏السلام: وإنّ السعداء بالدنيا غداً هم الهاربون منها اليوم، إذا رجفت الراجفة، وحقّت بجلائلها القيامة، ولحق بکلّ منسکٍ أهله، وبکلّ معبودٍ عَبَدَتُهُ، وبکلّ مطاعٍ أهل طاعته، فلم يجز في عدله وقسطه يومئذٍ خرق بصر في الهواء، ولا همسُ قدم في الأرض إلّا بحقّه، فکم حُجّةٍ يوم ذاک داحضة، وعلائق عذر منقطعة، فَتَحرَّ من أمرک ما يقُومُ به عذرک، وتثبت به حجّتک، وخُذ ما يبقي لک ممّا لا تبقي له، وتيسّر لسفرک، وشمّ برق النجاة، وارحل مطايا التشمير.[37].

20/9698- القطّان، عن ابن‏زکريا، عن ابن‏حبيب، عن أحمد بن يعقوب بن مطر، عن محمّد بن الحسن بن عبدالعزيز، عن طلحة بن يزيد، عن عبيداللَّه بن عبيد، عن أبي‏معمّر السعداني، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنّه قال في جواب من ادّعي التناقض بين آيات القرآن فقال:

[صفحه 134]

وأجد اللَّه يقول: «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِکَةُ صَفّاً لَا يَتَکَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقَالَ صَوَاباً»[38] وقال: واستنطقوا، فقالوا: «وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِينَ»[39] وقال: «ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَکْفُرُ بَعْضُکُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُکُمْ بَعْضاً»[40] وقال: «إِنَّ ذلِکَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ»[41] وقال: «لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْکُمْ بِالْوَعِيدِ»[42] وقال: «الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَي أَفْوَاهِهِمْ وَتُکَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا يَکْسِبُونَ»[43] فمرّة يخبر أنّهم لا يتکلّمون إلّا من أذن له الرحمن وقال صواباً، ومرّة يخبر أنّ الخلق ينطقون، ويقول عن مقالتهم: واللَّه ربّنا ما کنّا مشرکين، ومرّة يخبر أنّهم يختصمون.

فأجاب صلوات اللَّه عليه بأنّ ذلک في مواطن غير واحد من مواطن ذلک اليوم الذي کان مقداره خمسين ألف سنة، يجمع اللَّه عزّوجلّ الخلائق يومئذٍ في مواطن يتفرّقون ويکلّم بعضهم بعضاً، ويستغفر بعضهم لبعض، اُولئک الذين کان منهم الطاعة في دار الدنيا من الرؤساء والأتباع، ويلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء وتعاونوا علي الظلم والعدوان في دار الدنيا المستکبرين والمستضعفين يکفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضاً.

والکفر في هذه الآية البراءة، يقول: فيتبرّأ بعضهم من بعض، ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: «إِنِّي کَفَرْتُ بِمَا أَشْرَکْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ»[44] وقول إبراهيم خليل

[صفحه 135]

الرحمن: «کَفَرْنَا بِکُمْ»[45] يعني تبرّأنا منکم، ثمّ يجتمعون في موطنٍ آخر فيستنطقون فيه ويبکون فيه، فلو أنّ تلک الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معائشهم، ولتصدّعت قلوبهم إلّا ما شاء اللَّه، فلا يزالون يبکون الدم، ثمّ يجتمعون في موطنٍ آخر فيستنطقون فيه فيقولون: «وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِينَ»[46] فيختم اللَّه تبارک وتعالي علي أفواههم، ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فتشهد بکلّ معصيةٍ کانت منهم، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم، فيقولون لجلودهم: «لِمَ شَهِدْتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ کُلَّ شَيْ‏ءٍ».[47].

ويجتمعون في موطنٍ آخر فيستنطقون، فيفرّ بعضهم من بعض، فذلک قوله عزّوجلّ: «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ»[48] فيستنطقون فلا يتکلّمون إلّا من أذن له الرحمن وقال صواباً، فتقوم الرسل- صلّي اللَّه عليهم- فيشهدون في هذا الموطن، فذلک قوله تعالي: «فَکَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ کُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِکَ عَلَي هؤُلَاءِ شَهِيداً».[49].

ثمّ يجتمعون في موطنٍ آخر يکون فيه مقام محمّد صلي الله عليه و آله وهو المقام المحمود، فيثني علي اللَّه تبارک وتعالي بما لم يثنِ عليه أحد قبله، ثمّ يثني علي الملائکة کلّهم، فلا يبقي ملک إلّا أثني عليه محمّد صلي الله عليه و آله، ثمّ يثنِ علي الرسل بما لم يثنِ عليهم أحد مثله، ثمّ يثني علي کلّ مؤمن ومؤمنة، يبدأ بالصدّيقين والشهداء، ثمّ بالصالحين، فيحمده أهل السماوات وأهل الأرض، وذلک قوله عزّوجلّ: «عَسَي أَنْ يَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقَاماً مَحْمُوداً»[50] فطوبي لمن کان له في ذلک المقام حظّ ونصيب، وويل لمن لم يکن له في

[صفحه 136]

ذلک المقام حظّ ولا نصيب، ثمّ يجتمعون في موطنٍ آخر فيدان بعضهم من بعض، وهذا کلّه قبل الحساب، فإذا أخذ في الحساب شغل کلّ انسان بما لديه، نسأل اللَّه برکة ذلک اليوم.

قال: فرّجت عنّي فرّج اللَّه عنک يا أميرالمؤمنين، وساق الحديث إلي أن قال: فأمّا قوله: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَي رَبِّهَا نَاظِرَةٌ»[51] وقوله: «لَا تُدْرِکُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِکُ الْأَبْصَارَ»[52] فإنّ ذلک في موضع ينتهي فيه أولياء اللَّه عزّوجلّ بعدما يفرغ من الحساب إلي نهر يسمّي الحيوان، فيغتسلون فيه ويشربون منه، فتنضر وجوههم اشراقاً، فيذهب عنهم کلّ قذي ووعث، ثمّ يؤمرون بدخول الجنّة، فمن هذا المقام ينظرون إلي ربّهم کيف يثيبهم، ومنه يدخلون الجنّة، فذلک قول اللَّه عزّوجلّ من تسليم الملائکة عليهم: «سَلَامٌ عَلَيْکُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ»[53] فعند ذلک أيقنوا بدخول الجنّة، والنظر إلي ما وعدهم ربّهم، فذلک قوله: «إِلَي رَبِّهَا نَاظِرَةٌ»[54] وإنّما يعني بالنظر إليه النظر إلي ثوابه تبارک وتعالي.

وأمّا قوله «لَا تُدْرِکُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِکُ الْأَبْصَارَ»[55] يعني يحيط بها، الحديث.[56].

21/9699- الطوسي، أخبرنا ابن‏الصلت، عن ابن‏عقدة، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد، قال: حدّثنا داود بن سليمان، قال: حدّثني علي بن موسي، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال: قال

[صفحه 137]

رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: هل تدرون ما تفسير هذه الآية «کَلاَّ إِذَا دُکَّتِ الْأَرْضُ دَکّاً دَکّاً»؟[57] قال: إذا کان يوم القيامة، تقاد جهنّم بسبعين ألف زمام بيد سبعين ألف ملک، فتشرد شردة لولا أنّ اللَّه تعالي حبسها لأحرقت السماوات والأرض.[58].

22/9700- سئل علي عليه‏السلام: کيف يحاسب اللَّه الخلق علي کثرتهم؟ فقال: کما يرزقهم علي کثرتهم، قيل: فکيف يحاسبهم ولا يرونه؟ قال: کما يرزقهم ولا يرونه.[59].

23/9701- محمّد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن سهل بن محبوب، عن ابن‏رئاب، عن ابن‏عبيدة، عن ثوير بن أبي‏فاختة، عن عليّ بن الحسين، عن آبائه عليهم‏السلام، عن أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه، قال: إذا کان يوم القيامة ونصبت الموازين واُحضر النبيّون والشهداء- وهم الأئمة- يشهد کلّ إمامٍ علي أهل عالمه بأنّه قد قام فيهم بأمر اللَّه عزّوجلّ ودعاهم إلي سبيل اللَّه.[60].

24/9702- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام في حديثٍ يذکر فيه أحوال أهل الموقف: فيقام الرسل فيتساءلون عن تأدية الرسالات التي حمّلوها اُممهم، فأخبروا أنّهم قد أدّوا ذلک إلي اُممهم، وتسأل الاُمم فتجحد کما قال اللَّه: «فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ»[61] فيقولون: «مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ»،[62] فيستشهد الرسل رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله، فيشهد بصدق الرسل، ويکذّب من جحدها من الاُمم، فيقول لکلّ اُمّةٍ منهم بلي «قَدْ جَاءَکُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ».[63] [64].

[صفحه 138]

25/9703- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام: إنّ جهنّم لها سبعة أبواب، أطباق بعضها فوق بعض، ووضع احدي يديه علي الاُخري فقال: هکذا، وإنّ اللَّه وضع الجنان علي العرض، ووضع النيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنّم، وفوقها لظي، وفوقها الحطمة، وفوقها سقر، وفوقها الجحيم، وفوقها السعير، وفوقها الهاوية.[65].

26/9704- کتاب أميرالمؤمنين عليه‏السلام إلي أهل مصر في وصف النار:

قعرها بعيد، وحرّها شديد، وشرابها صديد، وعذابها جديد، ومقامعها حديد، لا يفتر عذابها، ولا يموت ساکنها، دار ليس فيها رحمة ولا تسمع لأهلها دعوة.[66].

27/9705- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

وأمّا أهل المعصية فخلّدهم في النار، وأوثق منهم الأقدام، وغلّ منهم الأيدي إلي الأعناق، وألبس أجسادهم سرابيل القطران، وقطّعت لهم مقطّعات من النار، هم في عذابٍ قد اشتدّ حرّه، ونارٍ قد أطبق علي أهلها، فلا يفتح عنهم أبداً، ولا يدخل عليهم ريح أبداً، ولا ينقضي عنهم الغم أبداً، العذاب أبداً شديد، والعقاب أبداً جديد، لا الدار زائلة فتفني ولا آجال القوم تقضي، ثمّ حکي نداء أهل النار فقال: «وَنَادَوا يَا مَالِکُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّکَ» قال: أي نموت، فيقول مالک: «إِنَّکُمْ مَاکِثُونَ».[67] [68].

28/9706- أبومحمّد جعفر بن أحمد القمي في کتاب (زهد النبي صلي الله عليه و آله)، فيما رواه عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عليه‏السلام، عن أبيه، عن جدّه، عن علي عليه‏السلام قال: ربّما خوّفنا رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فيقول: والذي نفس محمّد بيده لو أنّ قطرة من الزقوم قطرت علي جبال الأرض لساخت إلي أسفل سبع أرضين ولما أطاقته، فکيف بمن هو

[صفحه 139]

طعامه، ولو أن قطرة من الغسلين أو من الصديد قطرت علي جبال الأرض لساخت أسفل سبع أرضين ولما أطاقته، فکيف بمن هو شرابه، والذي نفسي بيده لو أنّ مِقماعاً واحداً ممّا ذکره اللَّه في کتابه وضع علي جبال الأرض لساخت إلي أسفل سبع أرضين ولما أطاقته، فکيف بمن يُقمع به يوم القيامة في النار.[69].

29/9707- عليّ بن الحسين المرتضي، نقلاً عن تفسير النعماني، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: نَسخ قوله تعالي: «وَإِن مِنْکُمْ إِلَّا وَارِدُهَا کَانَ عَلي رَبِّکَ حَتْماً مَقْضِيّاً»[70] قوله:[71] «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَي اُولئِکَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِيَما اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَکْبَرُ».[72] [73].

30/9708- سليمان بن محمّد بن أبي‏العطوس معنعناً، عن ابن‏عباس، قال: سمعت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام يقول: دخل رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله ذات يوم علي فاطمة عليهاالسلام وهي حزينة، فقال لها: ما حزنک يا بنية؟ قالت: يا أبة ذکرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة، قال: يا بنية إنّه ليومٌ عظيم، ولکن قد أخبرني جبرئيل عن اللَّه عزّوجلّ أنّه قال: أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة أنا، ثمّ أبي‏إبراهيم، ثمّ بعلک عليّ بن أبي‏طالب، ثمّ يبعث اللَّه إليک جبرئيل في سبعين ألف ملک، فيضرب علي قبرک سبع قباب من نور، ثمّ يأتيک إسرافيل بثلاث حُلل من نور فيقف عند رأسک فيناديک: يا فاطمة ابنة محمّد قومي إلي محشرک، فتقومين آمنة روعتک مستورة عورتک، فيناولک إسرافيل الحُلل فتلبسينها، ويأتيک روفائيل بنجيبة من نور زمامها من لؤلؤ رطب عليها محفّة من ذهب، فترکبينها ويقود روفائيل بزمامها وبين يديک سبعون ألف ملک بأيديهم ألوية التسبيح، فإذا

[صفحه 140]

جدّ بک السير استقبلتک سبعون ألف حوراء يستبشرون بالنظر إليک، بيد کلّ واحدة منهنّ مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار، وعليهنّ أکاليل الجوهر مرصّع بالزبرجد الأخضر، فيسرن عن يمينک، فإذا سرت مثل الذي سرت من قبرک إلي أن لقيتک استقبلتک مريم بنت عمران في مثل من معک من الحور فتسلّم عليک وتسير هي ومن معها عن يسارک، ثمّ تستقبلک اُمّک خديجة بنت خويلد أوّل المؤمنات باللَّه ورسوله ومعها سبعون ألف ملک بأيديهم ألوية التکبير، فإذا قربتِ من الجمع استقبلتک حوّاء في سبعين ألف حوراء ومعها آسية بنت مزاحم، فتسير هي ومن معها معک، فإذا توسّطت الجمع وذلک أنّ اللَّه يجمع الخلائق في صعيد واحد فتستوي بهم الأقدام، ثمّ ينادي منادٍ من تحت العرش يسمع الخلائق: غضّوا أبصارکم حتّي تجوز فاطمة الصدّيقة بنت محمّد صلي الله عليه و آله ومن معها.

فلا ينظر إليک يومئذٍ إلّا إبراهيم خليل الرحمن عليه‏السلام وعليّ بن أبي‏طالب، ويطلب آدم حوّاء فيراها مع اُمّک خديجة أمامک، ثمّ ينصب لک منبر من النور فيه سبع مراقي بين المرقاة إلي المرقاة صفوف الملائکة بأيديهم ألوية النور، وتصطفّ الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره، وأقرب النساء منک (معک) عن يسارک حوّاء وآسية بنت مزاحم، فإذا صرت في أعلي المنبر أتاک جبرئيل عليه‏السلام فيقول لک: يا فاطمة سلي حاجتک، فتقولين: يا ربّ أرني الحسن والحسين فيأتيانک وأوداج الحسين تشخب دماً وهو يقول: يا ربّ خُذ لي اليوم حقّي ممّن ظلمني، فيغضب عند ذلک الجليل وتغضب لغضبه جهنّم والملائکة أجمعون، فتزفُر جهنّم عند ذلک زفرةً، ثمّ يخرج فوج من النار ويلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبناءهم، ويقولون: ياربّ إنّا لم نحضر الحسين، فيقول اللَّه لزبانية جهنّم: خذوهم بسيماهم بزرقة الأعين وسواد الوجوه، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرک الأسفل من النار، فإنّهم کانوا أشدّ علي أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين فقتلوه فيسمع شهيقهم في

[صفحه 141]

جهنم.

ثمّ يقول جبرئيل عليه‏السلام: يا فاطمة سلي حاجتک، فتقولين: يا ربّ شيعتي، فيقول اللَّه عزّوجلّ: قد غفرت لهم، فتقولين: يا ربّ شيعة ولدي، فيقول اللَّه: قد غفرت لهم، فتقولين: يا ربّ شيعة شيعتي، فيقول اللَّه: انطلقي فمن اعتصم بک فهو معک في الجنّة، فعند ذلک يودّ الخلائق أنّهم کانوا فاطميّين، فتسيرين ومعک شيعتک وشيعة ولدک وشيعة أميرالمؤمنين آمنة روعاتهم مستورة عوراتهم، قد ذهبت عنهم الشدائد وسهّلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظمأ الناس وهم لا يظمأون.

فإذا بلغتِ باب الجنّة تلقّتک اثنتا عشر ألف حوراء لم يتلقّين أحداً قبلک ولا يتلقّين أحداً بعدک، بأيديهم حِراب من نور علي نجائب من نور، رحائلها من الذهب الأصفر والياقوت، أزمّتها من لؤلؤ رطب، علي کلّ نجيب نمرقة من سندس منضود، فإذا دخلت الجنّة تباشر بک أهلها، ووضع لشيعتک موائد من جوهر علي أعمدة من نور، فيأکلون منها والناس في الحساب، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون، وإذا استقرّ أولياء اللَّه في الجنّة، زارک آدم ومن دونه من النبيّين، وإنّ في بطنان الفردوس لؤلؤتان من عرق واحد لؤلؤة بيضاء ولؤلؤة صفراء، فيها قصور ودور في کلّ واحدة سبعون ألف دار، البيضاء منازل لنا ولشيعتنا، والصفراء منازل لابراهيم وآل إبراهيم عليهم‏السلام.

قالت: يا أبة فما کنت اُحبّ أن أري يومک ولا أبقي بعدک، قال: يا بنيّة لقد أخبرني جبرئيل عن اللَّه عزّوجلّ أنّک أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فالويل کلّه لمن ظلمک والفوز العظيم لمن نصرک.[74].

[صفحه 142]


صفحه 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 137، 138، 139، 140، 141، 142.








  1. القمر: 8.
  2. الکافي 104:8؛ تفسير البرهان 260:4؛ البحار 268:7؛ احياء الاحياء 323:8؛ تفسير نور الثقلين 176:5.
  3. تفسير القمي 289:2.
  4. ق: 24.
  5. تفسير القمي 324:2.
  6. تفسير العياشي 242:1؛ البحار 281:3؛ البرهان 370:1.
  7. النساء: 41.
  8. تفسير العياشي 242:1؛ البحار 281:3؛ البرهان 370:1.
  9. تفسير العياشي 223:2؛ البحار 378:3؛ البرهان 309:2.
  10. احياء الاحياء 355:8.
  11. احياء الاحياء 361:8؛ البحار 376:3.
  12. البقرة: 46.
  13. تفسير العياشي 44:1؛ تفسير البرهان 95:1؛ البحار 42:7.
  14. الکهف: 99.
  15. تفسير العياشي 351:2؛ تفسير البرهان 487:2؛ البحار 42:7.
  16. ق: 1 تا 3.
  17. يس: 78 تا 79.
  18. الحج: 8، لقمان: 20.
  19. الحج: 4.
  20. الحج: 5.
  21. الحج: 5 تا 7.
  22. فاطر: 9.
  23. الجاثية: 24.
  24. الإسراء: 49.
  25. الحج: 5.
  26. الحج: 5.
  27. رسالة المحکم والمتشابه: 37؛ البحار 43:7.
  28. الخصال، باب 390:7؛ البحار 59:7.
  29. الأعراف: 187.
  30. رسالة المحکم والمتشابه: 100؛ البحار 62:7.
  31. عبس: 34 تا 36.
  32. الخصال، باب 318:5؛ البحار 105:7.
  33. أمالي الصدوق، المجلس 336:64؛ البحار 106:7.
  34. نهج البلاغة: خطبة 83؛ البحار 112:7.
  35. نهج البلاغة: خطبة 85؛ البحار 113:7.
  36. نهج البلاغة: خطبة 102؛ البحار 113:7.
  37. بهج البلاغة: 223؛ البحار 115: 7.
  38. النبأ: 38.
  39. الأنعام: 23.
  40. العنکبوت: 25.
  41. ص: 64.
  42. ق: 28.
  43. يس: 65.
  44. إبراهيم: 22.
  45. الممتحنة: 4.
  46. الأنعام: 23.
  47. فصلت: 21.
  48. عبس: 34 تا 36.
  49. النساء: 41.
  50. الإسراء: 79.
  51. القيامة: 22 تا 23.
  52. الأنعام: 103.
  53. الزمر: 73.
  54. القيامة: 23.
  55. الأنعام: 103.
  56. البحار 117:7؛ التوحيد: 260.
  57. الفجر: 21.
  58. أمالي الطوسي، المجلس 337:12 ح684؛ البحار 126:7.
  59. نهج البلاغة: قصار الحکم 300؛ البحار 271:7.
  60. البحار 283:7؛ الکافي 106:8.
  61. الأعراف: 6.
  62. المائدة: 19.
  63. المائدة: 19.
  64. الاحتجاج 566: 1 ح137؛ تفسير الصافي 180:2.
  65. مجمع البيان 338:3؛ تفسير الصافي 114:3.
  66. البحار 286:8؛ أمالي الطوسي، المجلس الأول: 29 ح31.
  67. الزخرف: 77.
  68. تفسير القمي 289:2؛ البحار 292:8.
  69. الدروع الواقية: 273؛ نوادر الأثر، في باب زهد النبي: 339؛ البحار 302:8.
  70. مريم: 71.
  71. .
  72. الأنبياء: 101 تا 103.
  73. رسالة المحکم والمتشابه: 11؛ البحار 306:8.
  74. تفسير فرات: 444 ح587؛ البحار 225:43 و في 53:8 منه أيضاً.