جواب ابن عبّاس عنه
أمّا بعد: فإنّي لا أعلم رجلاً من العرب أقلّ حياء منک! إنّه مالَ بک إلي معاوية الهوي، وبعته دينک بالثمن اليسير، ثمّ خبطت للناس في عشواء طخياء طمعاً في هذا الملک، فلمّا لم ترَ شيئاً أعظمت الدماء إعظامَ أهل الدين، وأظهرت فيها [صفحه 170] زهادة أهل الورع، ولا تريد بذلک إلّا تهييب الحرب وکسر أهل العراق؛ فإن کنت أردت اللَّه بذلک، فدع مصر وارجع إلي بيتک؛ فإنّ هذه حرب ليس معاوية فيها کعليّ؛ بدأها عليّ بالحقّ وانتهي فيها إلي العذر، وابتدأها معاوية بالبغي فانتهي منها إلي السرف، وليس أهل الشام فيها کأهل العراق؛ بايع عليّاً أهل العراق وهو خير منهم، وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه، ولستَ وأنا فيها سواء. أردتُ اللَّه، وأردتَ مصر، فإن تُرِد شرّاً لا يَفُتْنا، وإن تُرِد خيراً لا تسبقنا. ثمّ دعا الفضل بن العبّاس بن عتبة فقال: يابن عمّ أجب عمرو بن العاص، قال: يا عمرو حسبک من خدع ووسواسِ إلّا بوادر طعنٍ[1] في نحورکمُ هذا لکم عندنا في کلّ معرکةٍ أمّا عليٌّ فإنّ اللَّه فضّلهُ لا بارک اللَّه في مصر فقد جلبت
2553- أنساب الأشراف عن عيسي بن يزيد: فلمّا قرأ ابن عبّاس الکتاب والشعر أقرأهما عليّاً، فقال عليّ: قاتل اللَّه ابن العاص! ما أغرّه بک؟ يابن عبّاس أجِبه، وليردّ عليه شعره فضل بن عبّاس بن أبي لهب. فکتب إليه عبد اللَّه بن عبّاس:
فاذهب فما لک في ترک الهدي آسِ
ووشک ضرب يُفزّي[2] جلدة الراسِ
حتي تُطيعوا عليّاً وابن عبّاسِ
فضلاً له شرف عالٍ علي الناسِ
شرّاً وحظّک منها حسوة الحاسي[3] .
صفحه 170.