معاوية يتوسّل بابن عبّاس
من عمرو بن العاص إلي عبد اللَّه بن العبّاس. أمّا بعد؛ فإنّ الذي نحن وأنتم فيه، ليس بأوّل أمر قاده البلاء، وساقه سفه العاقبة، وأنت رأس هذا الأمر بعد عليّ، فانظر فيما بقي بغير ما مضي، فواللَّه ما أبقت هذه الحرب لنا ولا لکم حيلة، واعلم أنّ الشام لا يُملک إلّا بهلاک العراق، وأنّ العراق لا يُملک إلّا بهلاک الشام، فما خيرنا بعد إسراعنا فيکم، وما خيرکم بعد إسراعکم فينا، ولست أقول: ليت الحرب عادت، ولکن أقول: ليتها لم تکن، وإنّ فينا من يکره اللقاء کما أنّ فيکم من يکرهه، وإنّما هو أمير مطاع، أو مأمور [صفحه 169] مطيع، أو مشاور مأمون وهو أنت، فأمّا السفيه فليس بأهل أن يعدّ من ثقات أهل الشوري ولا خواصّ أهل النجوي. وکتب في آخر کتابه: طال البلاء فما يُرجي له آسِ قولا له قول مسرور بحظوتهِ کلٌّ لصاحبه قرن يعادلهُ انظر فديً لک نفسي قبلَ قاصمةٍ أهل العراق وأهل الشام لن يجدوا والسلم فيه بقاء ليس يجهلهُ فاصدع بأمرک أمر القوم إنّهمُ
2552- أنساب الأشراف عن عيسي بن يزيد: لمّا قامت الحرب بين عليّ ومعاوية بصفّين، فتحاربوا أيّاماً قال معاوية لعمرو بن العاص في بعض أيّامهم: إنّ رأس الناس مع عليٍّ عبدُ اللَّه بن عبّاس، فلو ألقيتَ إليه کتاباً تعطفه به؛ فإنّه إن قال قولاً لم يخرج منه عليٌّ، وقد أکلتنا هذه الحرب. فقال عمرو: إنّ ابن عبّاس أرِيبٌ[1] يُخدَع ولو طمعت فيه لطمعت في عليّ. قال: صدقت إنّه لأريب، ولکن اکتب إليه علي ذلک، فکتب إليه:
بعد الإلهِ سوي رفق ابن عبّاسِ
لا تنسَ حظّک إنّ التارک الناسي
اُسدٌ تلاقي اُسوداً بين أخياسِ[2] .
للظهر ليس لها راقٍ ولا آسي
طعم الحياة لحرب ذات أنفاسِ
إلّا الجهول وما النَّوکي[3] کأکياسِ
خشاش طيرٍ رأت صقراً بحَسْحاسِ[4] .
صفحه 169.