جواب الإمام











جواب الإمام



2550- وقعة صفّين: فلمّا انتهي کتاب معاوية إلي عليّ قرأه، ثمّ قال: العجب لمعاوية وکتابه! ثمّ دعا عليٌّ عبيدَ اللَّه بن أبي رافع کاتبه، فقال: اکتب إلي معاوية:

أمّا بعد؛ فقد جاءني کتابک، تذکر أنّک لو علمتَ وعلمنا أنّ الحرب تبلغ بنا وبک ما بلغت لم يجنِها بعضنا علي بعض، فإنّا وإيّاک منها في غاية لم تبلغها، وإنّي لو قُتلت في ذات اللَّه وحَييت، ثمّ قُتلت ثمّ حَييت سبعين مرّة، لم أرجع عن الشدّة في ذات اللَّه، والجهاد لأعداء اللَّه. وأمّا قولک: إنّه قد بقي من عقولنا ما نندم به علي ما مضي، فإنّي ما نقصت عقلي، ولا ندمت علي فعلي. فأمّا طلبک الشام، فإنّي لم أکن لاُعطيَک اليوم ما منعتک منها أمسِ. وأمّا استواؤنا في الخوف والرجاء؛ فإنّک لست أمضي علي الشکّ منّي علي اليقين، وليس أهل الشام بأحرص علي الدنيا من أهل العراق علي الآخرة. وأمّا قولک: إنّا بنو عبد مناف

[صفحه 167]

ليس لبعضنا علي بعض فضل؛ فلعمري إنّا بنو أب واحد، ولکن ليس اُميّة کهاشم، ولا حرب کعبد المطّلب، ولا أبوسفيان کأبي طالب، ولا المهاجر کالطليق، ولا المحقّ کالمبطل. وفي أيدينا بعدُ فضل النبوّة التي أذللنا بها العزيز، وأعززنا بها الذليل. والسلام.[1] .

2551- الإمام عليّ عليه السلام- من کتاب له إلي معاوية جواباً علي کتاب منه إليه-: أمّا طلبک إليّ الشام؛ فإنّي لم أکُن لاُعطيَک اليوم ما منعتک أمس. وأمّا قولک: إنّ الحرب قد أکلت العرب إلّا حشاشات أنفس بقيت؛ ألا ومَن أکَلَه الحقّ فإلي الجنّة، ومَن أکَلَه الباطل فإلي النار. وأمّا استواؤنا في الحرب والرجال؛ فلستَ بأمضي علي الشکّ منّي علي اليقين، وليس أهل الشام بأحرص علي الدنيا من أهل العراق علي الآخرة. وأمّا قولک: إنّا بنو عبد مناف؛ فکذلک نحن. ولکن ليس اُمّية کهاشم، ولا حرب کعبد المطّلب. ولا أبوسفيان کأبي طالب. ولا المهاجر کالطليق، ولا الصريح کاللصيق. ولا المحقّ کالمُبطل، ولا المؤمن کالمُدغِل.[2] ولبئس الخلف خلف يتبع سلفاً هوي في نار جهنّم.

وفي أيدينا بعدُ فضل النبوّة التي أذللنا بها العزيز ونعشنا بها الذليل. ولمّا أدخل اللَّه العرب في دينه أفواجاً، وأسلمت له هذه الاُمّة طوعاً وکرهاً، کنتم ممّن دخل في الدين إمّا رغبة وإمّا رهبة، علي حين فاز أهل السبق بسبقهم، وذهب

[صفحه 168]

المهاجرون الأوّلون بفضلهم؛ فلا تجعلنّ للشيطان فيک نصيباً، ولا علي نفسک سبيلاً.[3] .



صفحه 167، 168.





  1. وقعة صفّين: 471، کنز الفوائد: 45:2، بحارالأنوار: 416:130:33؛ مروج الذهب: 22:3، الأخبار الطوال: 187، الإمامة والسياسة: 138:1، المناقب للخوارزمي: 240:256 کلّها نحوه.
  2. رجل مُدْغِل: مخابٌّ مُفسِد، وأدغل في الأمر: أدخلَ فيه ما يفسده ويخالفه (لسان العرب: 244:11).
  3. نهج البلاغة: الکتاب 17، بحارالأنوار: 407:104:33 وراجع جواهر المطالب: 362:1.