حيلة معاوية للنجاة من الحرب











حيلة معاوية للنجاة من الحرب



2549- وقعة صفّين- في بيان ما قاله معاوية لعمرو بن العاص حين بلغه شعر الأشتر-: قد رأيت أن أکتب إلي عليّ کتاباً أسأله الشام- وهو الشي ء الأوّل الذي ردّني عنه- واُلقي في نفسه الشکّ والريبة. فضحک عمرو بن العاص، ثمّ قال: أين أنت يا معاوية من خدعة عليّ؟! فقال: ألسنا بني عبد مناف؟ قال: بلي، ولکن لهم النبوّة دونک، وإن شئت أن تکتب فاکتب. فکتب معاوية إلي عليّ مع رجل من السکاسک، يقال له عبد اللَّه بن عقبة، وکان من ناقلة[1] أهل العراق، فکتب:

أمّا بعدُ، فإنّي أظنُّک أن لو علمتَ أنّ الحرب تبلغ بنا وبک ما بلغت وعلمنا، لم يجِنها بعضنا علي بعض، وإنّا وإن کنّا قد غُلِبنا علي عقولنا فقد بقي لنا منها ما نندم به علي ما مضي، ونُصلح به ما بقي. وقد کنت سألتک الشام علي ألّا يلزمني لک

[صفحه 166]

طاعة ولا بيعة، فأبيتَ ذلک عليّ، فأعطاني اللَّه ما منعت، وأنا أدعوک اليوم إلي ما دعوتک إليه أمس، فإنّي لا أرجو من البقاء إلّا ما ترجو، ولا أخاف من الموت إلّا ما تخاف. وقد واللَّه رقّت الأجناد، وذهبت الرجال، ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا علي بعض فضل إلّا فضل لا يستذلّ به عزيز، ولا يسترقّ حرٌّ به. والسلام.[2] .



صفحه 166.





  1. الناقِلة: ضدُّ القاطنين (تاج العروس: 753:15).
  2. وقعة صفّين: 470، کنز الفوائد: 44:2، بحارالأنوار: 416:129:33؛ مروج الذهب: 22:3، الأخبار الطوال: 187، الإمامة والسياسة: 137:1، المناقب للخوارزمي: 240:255 کلّها نحوه وفيها من «أمّا بعد...».