جواب الإمام عنه











جواب الإمام عنه



2548- شرح نهج البلاغة- في ذکر کتاب الإمام عليه السلام إلي معاوية-: من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلي معاوية بن أبي سفيان: أمّا بعدُ؛ فقد أتتني منک موعظة موصلة ورسالة محبّرة، نمّقتها بضلالک، وأمضيتها بسوء رأيک، وکتاب امرئ ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، دعاه الهوي فأجابه، وقاده الضلال فاتّبعه؛ فهجر لاغطاً، وضلّ خابطاً، فأمّا أمرک لي بالتقوي فأرجو أن أکون من أهلها، وأستعيذ باللَّه من أن أکون من الذين إذا اُمروا بها أخذتهم العزّة بالإثم، وأمّا تحذيرک إيّاي أن يُحبط عملي وسابقتي في الإسلام، فلعمري لو کنت الباغي عليک لکان لک أن تحذّرني ذلک، ولکنّي وجدت اللَّه تعالي يقول: «فَقَتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّي تَفِي ءَ إِلَي أَمْرِ اللَّهِ»[1] فنظرنا إلي الفئتين؛ أمّا الفئة الباغية فوجدناها الفئة التي أنت فيها؛ لأنّ بيعتي بالمدينة لزمتک وأنت بالشام، کما لزمتک بيعة عثمان بالمدينة وأنت أميرلعمر علي الشام، وکما لزمت يزيد أخاک بيعة عمر وهو أميرلأبي بکر علي الشام. وأمّا شقّ عصا هذه الاُمّة فأنا أحقّ أن أنهاک عنه، فأمّا تخويفک لي من قتل أهل البغي فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أمرني بقتالهم وقتلهم، وقال لأصحابه: «إنّ فيکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله» وأشار إليّ، وأنا أولي من اتُّبِع أمرُه. وأمّا قولک: إنّ بيعتي لم تصحّ لأنّ أهل الشام لم يدخلوا فيها، کيف وإنّما هي بيعة واحدة تلزم الحاضر والغائب، لا يُثنّي فيها

[صفحه 165]

النظر، ولا يُستأنف فيها الخيار، الخارج منها طاعن، والمُرَوِّي فيها مُداهِن،[2] فاربَعْ علي ظَلْعک، وانزع سِربال[3] غيّک، واترک ما لا جدوي له عليک، فليس لک عندي إلّا السيف، حتي تفي ء إلي أمر اللَّه صاغراً، وتدخل في البيعة راغماً. والسلام.[4] .



صفحه 165.





  1. الحجرات: 9.
  2. المُرَوِّي: الذي يرتئي ويُبطئ عن الطاعة ويُفکّر، وأصله من الرويّة. والمداهن: المنافق (شرح نهج البلاغة: 44:14).
  3. السِّربال: القميص (النهاية: 357:2).
  4. شرح نهج البلاغة: 43:14؛ بحارالأنوار: 81:33 وراجع العقد الفريد: 329:3 والإمامة والسياسة: 113:1 ونهج البلاغة: الکتاب 7 ووقعة صفّين: 29.