هجوم الإمام علي المجموعة التي فيها معاوية
ثمّ إنّ أهل الشام تداعوا بعد جولتهم، وثابوا،[1] ورجعوا علي أهل العراق، وصبر القوم بعضهم لبعض إلي أن حجز بينهم الليل.[2] . [صفحه 161] 2545- وقعة صفّين: رکب عليّ عليه السلام فرسه الذي کان لرسول اللَّه، وکان يقال له: المرتجز، فرکبه ثمّ تقدّم أمام الصفوف، ثمّ قال: بل البغلة، بل البغلة. فقُدّمت له بغلة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله الشهباء، فرکبها، ثمّ تعصّب بعمامة رسول اللَّه السوداء، ثمّ نادي: أيّها الناس! من يشرِ نفسه للَّهِ يربح؛ هذا يوم له ما بعده، إنّ عدوّکم قد مسّه القرح کما مسّکم. فانتدب له ما بين عشرة آلاف إلي اثني عشر ألفاً قد وضعوا سيوفهم علي عواتقهم، وتقدّمهم عليّ منقطعاً علي بغلة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله... وتبعه ابن عديّ بن حاتم بلوائه... وتقدّم الأشتر... وحمل الناس حملة واحدة، فلم يبقَ لأهل الشام صفّ إلّا انتقض، وأهمدوا ما أتوا عليه، حتي أفضي الأمر إلي مضرب معاوية، وعليّ يضربهم بسيفه ويقول: أضرِبُهم ولا أري معاويَه هَوَت بهِ في النارِ اُمٌّ هاوِيَه فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه، فلمّا وضع رجله في الرکاب تمثّل بأبيات عمرو بن الإطنابة: أبَت لي عِفّتي وأبي بلائي وإجشامِي علَي المکروهِ نَفسي وقَولي کُلّما جَشأت وجاشَت لأدفعَ عن مآثرَ صالحاتٍ بذي شَطب کلَونِ المِلح صافٍ وقال: يابن العاص، اليومَ صبرٌ، وغداً فخر، صدقتَ، إنّا وما نحن فيه کما قال [صفحه 162] ابن أبي الأقلح: ما عِلّتي وأنا رام نابِل تَزِلّ عن صَفحتِها المَعابِل فثني معاوية رجله من الرکاب ونزل، واستصرخ بعَکٍّ والأشعريّين، فوقفوا دونه، وجالدوا عنه، حتي کره کلّ من الفريقين صاحبه، وتحاجز الناس.[3] . 2546- الأخبار الطوال: إنّ عليّاًرضي الله عنه لينغمس في القوم فيضرب بسيفه حتي ينثني، ثمّ يخرج متخضّباً بالدم حتي يسوّي له سيفه، ثمّ يرجع، فينغمس فيهم، وربيعة لا تترک جهداً في القتال معه والصبر، وغابت الشمس، وقربوا من معاوية، فقال لعمرو: ما تري؟ قال: أن تُخلي سرادقک. فنزل معاوية عن المنبر الذي کان يکون عليه، وأخلي السرادق، وأقبلت ربيعة، وأمامها عليّ رضي الله عنه حتي غشوا السرادق، فقطعوه، ثمّ انصرفوا. وبات عليّ تلک الليلة في ربيعة.[4] .
2544- الأخبار الطوال: حمل عليّ رضي الله عنه علي الجمع الذي کان فيه معاوية في أهل الحجاز من قريش والأنصار وغيرهم، وکانوا زهاء اثني عشر ألف فارس، وعليّ أمامهم، وکبّروا وکبّر الناس تکبيرة ارتجّت لها الأرض، فانتقضت صفوف أهل الشام، واختلفت راياتهم، وانتهوا إلي معاوية وهو جالس علي منبره معه عمرو ابن العاص ينظران إلي الناس، فدعا بفرس ليرکبه.
الأخزَر العينِ العظيم الحاوِيَه
وأخذي الحمدَ بالثمنِ الربيحِ
وضَربِي هامَةَ البطلِ المشيحِ
مکانَک تحمَدي أو تَستريحي
وأحمي بعدُ عَن عرضٍ صَحيحِ
ونفسٍ ما تَقرّ علي القبيحِ
والقوسُ فيها وتَرٌ عَنابِل
الموتُ حقٌّ والحياةَ باطِل
صفحه 161، 162.