استشهاد عبد اللَّه بن بديل











استشهاد عبد اللَّه بن بديل



2491- تاريخ الطبري عن أبي روق الهمداني: قاتلهم عبد اللَّه بن بديل في الميمنة قتالاً شديداً، حتي انتهي إلي قبّة معاوية. ثمّ إنّ الذين تبايعوا علي الموت أقبلوا إلي معاوية، فأمرهم أن يصمدوا لابن بديل في الميمنة؛ وبعث إلي حبيب بن مسلمة في الميسرة، فحمل بهم وبمن کان معه علي ميمنة الناس فهزمهم، وانکشف أهل العراق من قبل الميمنة حتي لم يبقَ منهم إلّا ابن بديل في مائتين أو ثلاثمائة من القرّاء، قد أسند بعضهم ظهره إلي بعض، وانجفل[1] الناس.

فأمر عليّ سهل بن حنيف فاستقدم فيمن کان معه من أهل المدينة، فاستقبلتهم جموع لأهل الشام عظيمة، فاحتملتهم حتي ألحقتهم بالميمنة، وکان في الميمنة إلي موقف عليّ في القلب أهل اليمن، فلمّا کشفوا انتهت الهزيمة إلي عليّ، فانصرف يتمشّي نحو الميسرة، فانکشفت عنه مضر من الميسرة، وثبتت ربيعة.[2] .

2492- تاريخ الطبري عن فضيل بن خديج عن مولي للأشتر- لمّا کشف الأشتر عن عبد اللَّه بن بديل وأصحابه أهلَ الشام وعلموا أنّ عليّاً عليه السلام حيّ صالح في الميسرة-: قال عبد اللَّه بن بديل لأصحابه: استقدموا بنا، فأرسل الأشتر إليه: ألّا تفعل، اثبت مع الناس فقاتل؛ فإنّه خير لهم، وأبقي لک ولأصحابک. فأبي، فمضي کما هو نحو معاوية، وحوله کأمثال الجبال، وفي يده سيفان، وقد خرج

[صفحه 122]

فهو أمام أصحابه، فأخذ کلّما دنا منه رجل ضربه فقتله، حتي قتل سبعة.

ودنا من معاوية، فنهض إليه الناس من کلّ جانب، واُحيط به وبطائفة من أصحابه، فقاتل حتي قتل، وقتل ناس من أصحابه، ورجعت طائفة قد جرحوا منهزمين.

فبعث الأشتر ابن جمهان الجعفي فحمل علي أهل الشام الذين يتبعون من نجا من أصحاب ابن بديل حتي نفّسوا عنهم وانتهوا إلي الأشتر.[3] .

2493- وقعة صفّين عن الشعبي: کان عبد اللَّه بن بديل الخزاعي مع عليّ يومئذ، وعليه سيفان ودرعان، فجعل يضرب الناس بسيفه قُدماً... فلم يزَل يحمل حتي انتهي إلي معاوية والذين بايعوه علي الموت، فأمرهم أن يصمدوا لعبد اللَّه بن بديل، وبعث إلي حبيب بن مسلمة الفهري- وهو في الميسرة- أن يحمل عليه بجميع من معه، واختلط الناس واضطرم الفيلقان؛ ميمنة أهل العراق، وميسرة أهل الشام، وأقبل عبد اللَّه بن بديل يضرب الناس بسيفه قُدماً حتي أزال معاوية عن موقفه.

وجعل ينادي: يالثارات عثمان! يعني أخاً کان له قد قُتل وظنّ معاوية وأصحابه أنّه إنّما يعني عثمان بن عفّان.

وتراجع معاوية عن مکانه القهقري کثيراً، وأشفق علي نفسه، وأرسل إلي حبيب بن مسلمة مرّة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه. ويحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية علي ميمنة العراق فکشفها، حتي لم يبقَ مع ابن بديل إلّا نحو مائة إنسان من القرّاء، فاستند بعضهم إلي بعض يحمون أنفسهم، ولجّج ابن

[صفحه 123]

بديل في الناس وصمّم علي قتل معاوية، وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتي انتهي إليه [ومع معاوية][4] عبد اللَّه بن عامر واقفاً.

فنادي معاوية بالناس: ويلکم، الصخر والحجارة إذا عجزتم عن السلاح! فأقبل أصحاب معاوية علي عبد اللَّه بن بديل يرضخونه بالصخر، حتي أثخنوه وقُتل الرجل، وأقبل إليه معاوية وعبد اللَّه بن عامر حتي وقفا عليه، فأمّا عبد اللَّه بن عامر فألقي عمامته علي وجهه وترحّم عليه، وکان له من قبل أخاً وصديقاً، فقال معاوية: اکشف عن وجهه. فقال: لا واللَّه، لا يمثّل به وفيَّ روح. فقال معاوية: اکشف عن وجهه، فإنّا لا نمثّل به، فقد وهبته لک. فکشف ابن عامر عن وجهه، فقال معاوية: هذا کبش القوم[5] وربّ الکعبة.[6] راجع: القسم السادس عشر/عبد اللَّه بن بديل.



صفحه 122، 123.





  1. انجفلَ القومُ: إذا هربوا بسرعة وانقلعوا کلّهم ومضوا (لسان العرب: 114:11).
  2. تاريخ الطبري: 18:5، الکامل في التاريخ: 373:2؛ وقعة صفّين: 248.
  3. تاريخ الطبري: 23:5، الکامل في التاريخ: 375:2.
  4. ما بين المعقوفين أثبتناه من شرح نهج البلاغة.
  5. کبش القوم: رئيسهم وسيّدهم وقيل: حاميتهم والمنظور إليه فيهم. (لسان العرب: 338:6).
  6. وقعة صفّين: 245؛ شرح نهج البلاغة: 196:5 وراجع الأخبار الطوال: 175 والاستيعاب: 1489:9:3 وتاريخ الطبري: 23:5 والکامل في التاريخ: 375:2 وتاريخ الإسلام للذهبي: 567:3.