اليوم الخامس من القتال
وقال عمرو: يا معاوية! إنّک تريد أن تقاتل بأهل الشام رجلاً له من محمّد صلي الله عليه و آله قرابة قريبة، ورحم ماسّة، وقدم في الإسلام لا يعتدّ أحد بمثله، ونجدة[1] في الحرب لم تکن لأحد من أصحاب محمّد صلي الله عليه و آله، وإنّه قد سار إليک بأصحاب محمّد صلي الله عليه و آله المعدودين، وفرسانهم وقرّائهم وأشرافهم وقدمائهم في الإسلام، ولهم في النفوس مهابة. فبادر بأهل الشام مخاشن الوعر، ومضايق الغَيض، واحملهم علي الجهد، وأْتِهم من باب الطمع قبل أن ترفّههم فيحدث عندهم طول المقام مللاً، فيظهر فيهم کآبة الخذلان. ومهما نسيت فلا تنس أنّک علي باطل. فلمّا قال عمرو لمعاوية ذلک زوّق معاوية خطبة، وأمر بالمنبر فاُخرج، ثمّ أمر أجناد أهل الشام فحضروا خطبته، فحمد اللَّه وأثني عليه ثمّ قال: أيّها الناس! أعيرونا أنفسکم وجماجمکم، لا تفشلوا ولا تخاذلوا، فإنّ اليوم [صفحه 114] يوم خطار، ويوم حقيقة وحفاظ، فإنّکم علي حقّ وبأيديکم حجّة، وإنّما تقاتلون من نکث البيعة، وسفک الدم الحرام، فليس له في السماء عاذر. ثمّ صعد عمرو بن العاص مرقاتين من المنبر، فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: أيّها الناس! قدّموا المستلئمة، وأخّروا الحاسر، وأعيروا جماجمکم ساعة؛ فقد بلغ الحقّ مقطعه، وإنّما هو ظالم ومظلوم.[2] . 2482- تاريخ الطبري: فلمّا کان اليوم الخامس خرج عبد اللَّه بن عبّاس والوليد بن عقبة فاقتتلوا قتالاً شديداً، ودنا ابن عبّاس من الوليد بن عقبة، فأخذ الوليد يسبّ بني عبد المطّلب، وأخذ يقول: يابن عبّاس! قطّعتم أرحامکم، وقتلتم إمامکم، فکيف رأيتم صنع اللَّه بکم؟! لم تُعطَوا ما طلبتم، ولم تُدرکوا ما أمّلتم، واللَّهُ إن شاء مهلککم وناصر عليکم. فأرسل إليه ابن عبّاس: أن ابرز لي، فأبي. وقاتل ابن عبّاس يومئذٍ قتالاً شديداً، وغشي الناس بنفسه.[3] .
2481- وقعة صفّين عن الزهري- في ذکر أحداث اليوم الخامس من الحرب-: خرج في ذلک اليوم شمر بن أبرهة بن الصباح الحميري، فلحق بعليّ عليه السلام في ناس من قرّاء أهل الشام، ففتّ ذلک في عضد معاوية وعمرو بن العاص.
صفحه 114.