الاستئناء رجاء الاهتداء











الاستئناء رجاء الاهتداء



2463- شرح نهج البلاغة: لمّا ملک أميرالمؤمنين عليه السلام الماء بصفّين، ثمّ سمح

[صفحه 100]

لأهل الشام بالمشارکة فيه والمساهمة، رجاء أن يعطفوا إليه، واستمالةً لقلوبهم وإظهاراً للمعدلة وحسن السيرة فيهم، مکث أيّاماً لا يرسل إلي معاوية، ولا يأتيه من عند معاوية أحد.

واستبطأ أهل العراق إذنه لهم في القتال، وقالوا: يا أميرالمؤمنين! خلّفنا ذرارينا ونساءنا بالکوفة، وجئنا إلي أطراف الشام لنتّخذها وطناً؟! ائذن لنا في القتال، فإنّ الناس قد قالوا.

قال لهم عليه السلام: ما قالوا؟

فقال منهم قائل: إنّ الناس يظنّون أنّک تکره الحرب کراهية للموت، وإنّ من الناس من يظنّ أنّک في شکٍّ من قتال أهل الشام.

فقال عليه السلام: ومتي کنت کارهاً للحرب قطّ؟ إنّ من العجب حبّي لها غلاماً ويفعاً، وکراهيتي لها شيخاً بعد نفاد العمر وقرب الوقت!

وأمّا شکّي في القوم فلو شککت فيهم لشککت في أهل البصرة، واللَّه، لقد ضربت هذا الأمر ظهراً وبطناً، فما وجدت يسعُني إلّا القتال، أو أن أعصي اللَّه ورسوله، ولکنّي أستأني بالقوم، عسي أن يهتدوا أو تهتدي منهم طائفة، فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لي يوم خيبر: لأن يهدي اللَّه بک رجلاً واحداً خير لک ممّا طلعت عليه الشمس.[1] .

2464- الإمام عليّ عليه السلام- من کلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفّين-: أمّا قولکم: أکُلّ ذلک کراهية الموت؟ فواللَّه ما اُبالي، دخلت إلي الموت أو خرج الموت إليَّ.

[صفحه 101]

وأمّا قولکم: شکّاً في أهل الشام، فواللَّه ما دفعت الحرب يوماً إلّا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي، وتعشو[2] إلي ضوئي، وذلک أحبّ إليَّ من أن أقتلها علي ضلالها، وإن کانت تبوء بآثامها.[3] .

[صفحه 103]



صفحه 100، 101، 103.





  1. شرح نهج البلاغة: 13:4؛ بحارالأنوار: 447:32.
  2. يعشو: يُبْصِرُ بها بَصَراً ضَعيفاً (النهاية: 243:3).
  3. نهج البلاغة: الخطبة 55، بحارالأنوار: 464:556:32.