مناقشات وفد معاوية











مناقشات وفد معاوية



2462- تاريخ الطبري عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الکنود: إنّ معاوية بعث إلي عليّ حبيب بن مسلمة الفهري وشرحبيل بن السمط ومعن بن يزيد بن الأخنس، فدخلوا عليه وأنا عنده، فحمد اللَّه حبيب وأثني عليه ثمّ قال:

أمّا بعد، فإنّ عثمان بن عفان کان خليفة مهديّاً يعمل بکتاب اللَّه عزّ وجلّ وينيب إلي أمر اللَّه تعالي، فاستثقلتم حياته واستبطأتم وفاته فعدوتم عليه

[صفحه 98]

فقتلتموه، فادفع إلينا قتلة عثمان- إن زعمت أنّک لم تقتله- نقتلهم به، ثمّ اعتزل أمر الناس فيکون أمرهم شوري بينهم، يولي الناس أمرهم من أجمع عليه رأيهم.

فقال له عليّ بن أبي طالب: وما أنت لا أمّ لک والعزل وهذا الأمر، اِسکت فإنّک لست هناک ولا بأهل له.

فقام وقال له: واللَّه لترينّي بحيث تکره.

فقال عليّ: وما أنت ولو أجلبت بخيلک ورَجلک لا أبقي اللَّه عليک إن أبقيت عليّ، أحقرةً وسوءًا ؟! اِذهب فصوّب وصعّد ما بدا لک.

و قال شرحبيل بن السمط: إنّي إن کلمتک فلعمري ما کلامي إلّا مثل کلام صاحبي قبل، فهل عندک جواب غير الذي أجبته به؟

فقال عليّ: نعم لک ولصاحبک جواب غير الذي أجبتُه به.

فحمد اللَّه وأثني عليه ثمّ قال:

أمّا بعد، فإنّ اللَّه جلّ ثناؤه بعث محمّداً صلي الله عليه و آله بالحقّ فأنقذ به من الضلالة وانتاش[1] به من الهلکة وجمع به من الفرقة، ثمّ قبضه اللَّه إليه وقد أدّي ما عليه صلي الله عليه و آله ثمّ استخلف الناس أبابکر واستخلف أبوبکر عمر فأحسنا السيرة وعدلا في الأمّة، وقد وجدنا عليهما أن تولّيا علينا ونحن آل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فغفرنا ذلک لهما، وولي عثمان فعمل بأشياء عابها الناس عليه، فساروا إليه فقتلوه، ثمّ أتاني الناس وأنا معتزل أمورهم فقالوا لي: بايع فأبيتُ عليهم، فقالوا لي: بايع فإنّ الأمّة لا ترضي إلّا بک وإنّا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس، فبايعتهم فلم يرعني إلّا شقاق رجلين قد بايعاني، وخلاف معاوية الذي لم يجعل اللَّه عزّ وجلّ له سابقة

[صفحه 99]

في الدين ولا سلف صدق في الإسلام، طليق ابن طليق، حزب من هذه الأحزاب، لم يزل للَّه عزّ وجلّ ولرسوله صلي الله عليه و آله وللمسلمين عدوّاً هو وأبوه حتي دخلا في الإسلام کارهين.

فلا غرو إلّا خلافکم معه وانقيادکم له وتدعون آل نبيّکم صلي الله عليه و آله الذين لا ينبغي لکم شقاقهم ولا خلافهم ولا أن تعدلوا بهم من الناس أحداً، ألا إنّي أدعوکم إلي کتاب اللَّه عزّ وجلّ وسنّة نبيه صلي الله عليه و آله وإماتة الباطل وإحياء معالم الدين، أقول قولي هذا وأستغفر اللَّه لي ولکم ولکلّ مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة.

فقالا: اشهد أنّ عثمان قتل مظلوماً.

فقال لهما: لا أقول: إنّه قتل مظلوماً ولا إنّه قتل ظالماً.

قالا: فمن لم يزعم أنّ عثمان قتل مظلوماً فنحن منه برآء، ثمّ قاما فانصرفا.

فقال عليّ: «إِنَّکَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَي وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ × وَ مَآ أَنتَ بِهَدِي الْعُمْيِ عَن ضَلَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بَِايَتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ».[2] .

ثمّ أقبل عليّ علي أصحابه فقال: لا يکن هؤلاء أولي بالجِدّ في ضلالهم منکم بالجِدّ في حقّکم وطاعة ربّکم.[3] .



صفحه 98، 99.





  1. نَتَشْتُ الشي ءَ بالمِنْتاشِ: أي استخرجتُه (لسان العرب: 350:6).
  2. النمل: 80 و 81.
  3. تاريخ الطبري: 7:5، البداية والنهاية: 259:7 نحوه وليس فيه من «وقال شرحبيل» إلي «ومسلم ومسلمة»؛ وقعة صفّين: 200 وراجع تاريخ ابن خلدون: 628:2.