استيلاءُ أصحاب الإمام علي الماء











استيلاءُ أصحاب الإمام علي الماء



2448- الأخبار الطوال: ظلّ أهل العراق يومهم ذلک وليلتهم بلا ماء إلّا من کان ينصرف من الغلمان إلي طرف الغيضة، فيمشي مقدار فرسخين فيستقي، فغمّ عليّاًرضي الله عنه أمرُ الناس غمّاً شديداً، وضاق بما أصابهم من العطش ذرعاً؛ فأتاه الأشعث ابن قيس فقال: يا أميرالمؤمنين، أيمنعنا القوم الماء وأنت فينا ومعنا

[صفحه 86]

سيوفنا؟ وَلِّني الزحف إليه، فواللَّه لا أرجع أو أموت، ومُر الأشتر فلينضمّ إليّ في خيله.

فقال له عليّ: إيت في ذلک ما رأيت.

فلمّا أصبح زاحف أباالأعور، فاقتتلوا، وصدقهم الأشتر والأشعث حتي نفياالأعور وأصحابه عن الشريعة، وصارت في أيديهما.[1] .

2449- وقعة صفّين عن زيد بن حسين: نادي الأشعث عمرو بن العاص قال: ويحک يابن العاص! خلّ بيننا وبين الماء، فواللَّه، لئن لم تفعل ليأخذنا وإيّاکم السيوف.

فقال عمرو: واللَّه، لا نخلّي عنه حتي تأخذنا السيوف وإيّاکم، فيعلم ربّنا أيّنا اليوم أصبر.

فترجّل الأشعث والأشتر وذوو البصائر من أصحاب عليّ، وترجّل معهما اثنا عشر ألفاً، فحملوا علي عمرو ومن معه من أهل الشام، فأزالوهم عن الماء حتي غمست خيل عليّ سنابکها في الماء.[2] .

2450- الکامل في التاريخ- بعد ذکر إرسال الإمام عليه السلام صعصعة لمعاوية کي يکلّمه بشأن الشريعة-: فرجع صعصعة [حين بعثه الإمام عليه السلام إلي معاوية] فأخبره بما کان، وأنَّ معاوية قال: سيأتيکم رأيي، فسرّب الخيل إلي أبي الأعور ليمنعهم الماء.

[صفحه 87]

فلمّا سمع عليّ ذلک قال: قاتلوهم علي الماء.

فقال الأشعث بن قيس الکندي: أنا أسير إليهم. فسار إليهم، فلمّا دنوا منهم ثاروا في وجوههم فرموهم بالنبل، فتراموا ساعة ثمّ تطاعنوا بالرماح، ثمّ صاروا إلي السيوف فاقتتلوا ساعة.

وأرسل معاوية يزيد بن أسد البجلي القسري- جدّ خالد بن عبد اللَّه القسري- في الخيل إلي أبي الأعور، فأقبلوا.

فأرسل عليّ شبث بن ربعي الرياحي، فازداد القتال.

فأرسل معاوية عمرو بن العاص في جند کثير، فأخذ يمدّ أباالأعور ويزيد بن أسد.

وأرسل عليّ الأشتر في جمع عظيم، وجعل يمدّ الأشعث وشبثاً، فاشتدّ القتال.

فقال عبد اللَّه بن عوف الأزدي الأحمري:


خلّوا لنا ماء الفرات الجاري
أو اثبتوا لجحفلٍ جرَّار


لکلِّ قرم مستميت شاري
مطاعن برمحه کرّار


ضرّاب هامات العدي مغوار
لم يخشَ غير الواحد القهّار


وقاتلوهم حتي خلّوا بينهم وبين الماء، وصار في أيدي أصحاب عليّ.[3] .

2451- وقعة صفّين عن صعصعة بن صوحان: قتل الأشتر في تلک المعرکة سبعة... فأوّل قتيل قتل الأشتر ذلک اليوم بيده من أهل الشام رجل يقال له:

[صفحه 88]

صالح بن فيروز- وکان مشهوراً بشدّة البأس-... فبرز إليه الأشتر... ثمّ شدّ عليه بالرمح فقتله، وفلق ظهره، ثمّ رجع إلي مکانه.

ثمّ خرج إليه فارس آخر يقال له: مالک بن أدهم السلماني- وکان من فرسان أهل الشام-... ثمّ شدّ علي الأشتر، فلمّا رهقه التوي الأشتر علي الفرس، ومار السنان فأخطأه، ثمّ استوي علي فرسه وشدّ عليه بالرمح... فقتله.

ثمّ خرج فارس آخر يقال له: رياح بن عتيک... فخرج إليه الأشتر... فشدّ عليه فقتله.

ثمّ خرج إليه فارس آخر يقال له: إبراهيم بن الوضّاح... فخرج إليه الأشتر... فقتله.

ثمّ خرج إليه فارس آخر يقال له: زامل بن عتيک الحِزامي- وکان من أصحاب الألوية- فشدّ عليه... فطعن الأشتر في موضع الجوشن فصرعه عن فرسه ولم يصب مقتلاً، وشدّ عليه الأشتر راجلاً فکسف[4] قوائم الفرس بالسيف... ثمّ ضربه بالسيف وهما رَجلان.[5] .

ثمّ خرج إليه فارس يقال له: الأجلح- وکان من أعلام العرب وفرسانها، وکان علي فرس يقال له: لاحق- فلمّا استقبله الأشتر کره لقاءه واستحيا أن يرجع، فخرج إليه... فشدّ عليه الأشتر... فضربه.

ثمّ خرج إليه محمّد بن روضة وهو يضرب في أهل العراق ضرباً منکراً... فشدّ عليه الأشتر... ثمّ ضربه فقتله....

[صفحه 89]

ثمّ أقبل الأشتر يضرب بسيفه جمهور الناس حتي کشف أهل الشام عن الماء.[6] .

2452- شرح نهج البلاغة: لمّا ملک عسکر معاوية عليه [علي الإمام عليّ عليه السلام] الماء، وأحاطوا بشريعة الفرات، وقالت رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش کما قتلوا عثمان عطشاً، سألهم عليّ عليه السلام وأصحابه أن يشرعوا لهم شرب الماء، فقالوا: لا واللَّه، ولا قطرة حتي تموت ظمأً کما مات ابن عفّان.

فلمّا رأي عليه السلام أنّه الموت لا محالة تقدّم بأصحابه، وحمل علي عساکر معاوية حملات کثيفة، حتي أزالهم عن مراکزهم بعد قتل ذريع؛ سقطت منه الرؤوس والأيدي، وملکوا عليهم الماء، وصار أصحاب معاوية في الفلاة، لا ماء لهم.[7] .



صفحه 86، 87، 88، 89.





  1. الأخبار الطوال: 168.
  2. وقعة صفّين: 167 و ص 170 وفيه «فلقي عمرو بن العاص بعد ذلک الأشعث بن قيس، فقال: أي أخا کندة! أما واللَّه، لقد أبصرت صواب قولک يوم الماء ولکنّي کنت مقهوراً علي ذلک الرأي فکايدتک بالتهدّد، والحرب خدعة»، بحارالأنوار: 442:32؛ شرح نهج البلاغة: 324:3.
  3. الکامل في التاريخ: 364:2، تاريخ الطبري: 569:4 نحوه وراجع الفتوح: 9:3 تا 13 ووقعة صفّين: 162.
  4. کسفه: قطعه (القاموس المحيط: 190:3).
  5. الرَّجلان: الراجِل (لسان العرب: 269:11).
  6. وقعة صفّين: 174 تا 179؛ المناقب للخوارزمي: 216 تا 218 عن أبي هاني بن معمر السدوسي وفيه «رياح ابن عبيدة الغسّاني» بدل «رياح بن عتيک».
  7. شرح نهج البلاغة: 23:1، ينابيع المودّة: 450:1؛ بحارالأنوار: 145:41.