الاصطفاف للقتال











الاصطفاف للقتال



2441- تاريخ الطبري عن أبي عبد الرحمن السلمي: سمعت عمّار بن ياسر بصفّين وهو يقول لعمرو بن العاص: لقد قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثاً مع رسول ا للَّه صلي الله عليه و آله وهذه الرابعة، ماهي بأبرّ ولا أتقي.[1] .

2442- وقعة صفّين عن أسماء بن الحکم الفزاري: کنّا بصفّين مع عليّ بن أبي طالب تحت راية عمّار بن ياسر، ارتفاع الضحي- استظللنا ببرد أحمر- إذ أقبل رجل يستقري الصف حتي انتهي إلينا فقال: أيّکم عمّار بن ياسر؟

فقال عمّار بن ياسر: هذا عمّار.

قال: أبواليقظان؟

قال: نعم.

قال: إنّ لي حاجة إليک فأنطق بها علانية أو سرّاً

قال: اختر لنفسک أيَّ ذلک شئت.

قال: لا، بل علانية.

قال: فانطق.

قال: إنّي خرجت من أهلي مستبصراً في الحقّ الذي نحن عليه لا أشکّ في ضلالة هؤلاء القوم وأنّهم علي الباطل، فلم أزل علي ذلک مستبصراً حتي کان ليلتي هذه صباح يومنا هذا؛ فتقدّم منادينا فشهد ألّا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً

[صفحه 79]

رسول اللَّه، ونادي بالصلاة، فنادي مناديهم بمثل ذلک، ثمّ اُقيمت الصلاة فصلّينا صلاة واحدة، ودعونا دعوة واحدة، وتلونا کتاباً واحداً، ورسولُنا واحد، فأدرکني الشکّ في ليلتي هذه، فبتّ بليلة لا يعلمها إلّا اللَّه حتي أصبحت، فأتيت أميرالمؤمنين فذکرت ذلک له فقال: هل لقيتَ عمّار بن ياسر؟

قلت: لا.

قال: فالقه فانظر ما يقول لک فاتّبعه. فجئتک لذلک.

قال له عمّار: هل تعرف صاحب الراية السوداء المقابلتي فإنّها راية عمرو بن العاص، قاتلتُها مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ثلاث مرّات، وهذه الرابعة ما هي بخيرهنّ ولا أبرّهنّ، بل هي شرّهنّ وأفجرهنّ.

أشَهدت بدراً واُحداً وحنيناً أو شهدها لک أبٌ فيخبرک عنها؟

قال: لا.

قال: فإنّ مراکزنا علي مراکز رايات رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم بدر، ويوم اُحد، ويوم حنين، وإنّ هؤلاء علي مراکز رايات المشرکين من الأحزاب، هل تري هذا العسکر ومن فيه؟ فواللَّه، لوددت أنّ جميع من أقبل مع معاوية ممّن يريد قتالنا مفارقاً للذي نحن عليه کانوا خلقاً واحداً فقطّعته وذبحته، واللَّه، لدماؤهم جميعاً أحلّ من دم عصفور، أفتري دم عصفور حراماً؟

قال: لا، بل حلال.

قال: فإنّهم کذلک حلال دماؤهم.

أتراني بيّنتُ لک؟

قال: قد بيّنتَ لي.

[صفحه 80]

قال: فاختر أيّ ذلک أحببت.

قال: فانصرف الرجل ثمّ دعاه عمّار بن ياسر فقال: أما إنّهم سيضربوننا بأسيافهم حتي يرتاب المبطلون منکم فيقولون: لو لم يکونوا علي حقّ ما ظهروا علينا. واللَّه، ما هم من الحقّ علي ما يُقذي[2] عين ذباب، واللَّه، لو ضربونا بأسيافهم حتي يبلغونا سعفات هجر لعرفت أنّا علي حقّ وهم علي باطل.

وايمُ اللَّه، لا يکون سلماً[3] سالماً أبداً حتي يبوء أحد الفريقين علي أنفسهم بأنّهم کانوا کافرين، وحتي يشهدوا علي الفريق الآخر بأنّهم علي الحقّ وأنّ قتلاهم في الجنّة وموتاهم، ولا ينصرم أيّام الدنيا حتي يشهدوا بأنّ موتاهم وقتلاهم في الجنّة، وأنّ موتي أعدائهم وقتلاهم في النار، وکان أحياؤهم علي الباطل.[4] .

2443- مسند ابن حنبل عن عبد اللَّه بن سلمة: رأيت عمّاراً يوم صفّين شيخاً کبيراً آدم طوالاً آخذ الحربة بيده ويده ترعد فقال: والذي نفسي بيده، لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ثلاث مرّات، وهذه الرابعة، والذي نفسي بيده، لو ضربونا حتي يبلغوا بنا شعفات هجر لعرفت أنّ مصلحينا علي الحقّ وأنّهم علي الضلالة.[5] .

[صفحه 81]



صفحه 79، 80، 81.





  1. تاريخ الطبري: 40:5، الکامل في التاريخ: 381:2.
  2. القَذَي: جمع قَذاة، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تِبْن أو وَسَخ أو غير ذلک (النهاية: 30:40).
  3. کذا في المصدر.
  4. وقعة صفّين: 321، بحارالأنوار: 424:491:32؛ شرح نهج البلاغة: 256:5 وليس فيه «وايم اللَّه، لا يکون...».
  5. مسند ابن حنبل: 18906:480:6، مسند أبي يعلي: 1607:262:2، المستدرک علي الصحيحين: 5651:433:3 و ص 5678:443، الطبقات الکبري: 256:3، أنساب الأشراف: 195:1، سير أعلام النبلاء: 84:408:1، العقد الفريد: 336:3 وفي الستّة الأخيرة «سعفات» بدل «شعفات»، المصنّف لابن أبي شيبة: 36:727:8 نحوه، البداية والنهاية: 267:7؛ الخصال: 18:276 عن حفص بن غياث عن الإمام الصادق عليه السلام نحوه.