المدخل











المدخل



توجّه الإمام عليه السلام من الکوفة باتّجاه الشام في شهر شوّال من عام 36 ه، ولمّا کان الطريق المستقيم بينهما يمرّ عبر صحراء جرداء لا عشب فيها ولا ماء ولم تکن للإمام عليه السلام المعدّات الکافية لدعم جيشه الذي قوامه مائة ألف، اختار الطريق المحاذي للفرات (أي مسير الجزيرة). فمرّ علي کربلاء وهيت و... حتي وصل إلي الرقّة قرب صفّين.

فالتقت مقدّمة جيش الإمام بقيادة مالک الأشتر مع مقدّمة جيش معاوية واضطرّتهم للفرار، وهي أوّل مواجهة بين الجيشين في صفّين، والذي شرع بهذه المواجهة جيش معاوية.

وفي أواخر ذي القعدة وصل جيش الإمام إلي صفّين، بعد وصول جيش معاوية إليها لقربها من الشام، واحتلال المناطق الحسّاسة من

[صفحه 76]

المنطقة.

وقد نظّم معاويةُ جيشَه بنحوٍ بحيث لا يتمکّن جيش الإمام من الوصول للماء. فنصحهم الإمام عليه السلام، وأرسل اليهم رسولاً في ذلک، لکن دون جدوي.

فهجم الأشتر والأشعث علي جيش معاوية- بعد موافقة الإمام علي ذلک- واستولوا علي الماء. فأمر الإمام عليه السلام بتنظيم الجيش بنحوٍ يتمکّن معه الجيشان من الماء. وبهذا انتصر الإمام عليه السلام نصراً معنويّاً سجّله التاريخ في صفحاته بماء الذهب بأنّ الإمام يمنع التوسّل بالسبل غير الإنسانيّة في مواجهة العدوّ لتحصيل النصر.

ثمّ أرسل الإمام عليه السلام ممثّليه إلي معاوية کي يدفعوا به إلي الاستسلام، ويحولون دون وقوع الحرب وإراقة الدماء. فلمّا أقبلوا علي معاوية طردهم بغضب.

وفي شهر ذي الحجّة حصلت مناوشات ومواجهات متفرّقة بين الجيشين؛ إذ کان الإمام في صدد إنهاء ذلک بالصلح دون الحرب، ولذا لم تکن المواجهة بين تمام الجيشين.

ثمّ انقطعت هذه المواجهات المتفرّقة في شهر محرّم من عام 37 ه، وصارت محادثات الصلح بصورة أکثر جدّية، لکنّها لم تثمر شيئاً کسابقاتها.

فلمّا تقطّعت جميع السبل تهيّأ الإمام عليه السلام للحرب، فبدأت الحرب يوم الأربعاء أوّل شهر صفر عام 37 ه. وکانت الحرب في الاُسبوع الأوّل بهذه الکيفيّة:

يخرج صباح کلّ يوم أحد القادة الأبطال لجيش الإمام ويحارب العدوّ حتي

[صفحه 77]

المساء، ثم تنقطع الحرب إلي اليوم التالي دون حصول نصر لأحد الطرفين علي الآخر خلال هذه المدّة.

وکان قادة الجيش في هذه الأيّام: مالک الأشتر، وعمّار بن ياسر، ومحمّد ابن الحنفيّة، وعبد اللَّه بن عبّاس، وهاشم بن عتبة، وقيس بن سعد.

لکن الحرب اشتدّت في يوم الأربعاء الثامن من صفر واتّخذت شکلاً آخر؛ حيث اشترک فيها تمام الجيشين. وقد استقرّ الإمام عليه السلام في القلب، وتولّي قيادة الجيش بنفسه. واستُشهد عدد کثير من کبار الجيش في هذا اليوم ويوم الخميس.

ولمّا کان قصد الإمام حسم الأمر لم تتوقّف الحرب عند غروب الخميس بل استمرّت ليلة الجمعة أيضاً، وکانت أشدّ ليلة طوال الحرب، ولهذا سُمّيت «ليلة الهرير».

وکان الإمام عليه السلام حاضراً بنفسه في أرض المعرکة يوم الخميس وليلة الجمعة، وقتل بيده 523 شخصاً أکثرهم من شجعان أهل الشام.

ولشدّة الحرب صلّي أصحاب الإمام عليه السلام في ميدان القتال إيماءً.

وفي صباح الجمعة أشرقت الشمس وأطلّت علي ظفر جيش الإمام وانکسار وهزيمة أهل الشام. وأشرف مالک الأشتر والسريّة التي يقودها علي خيمة معاوية- التي يقود الجيش منها- بحيث صمّم معاوية علي الاستسلام وطلب الأمان، لکن جري قلم القدر علي شي ء آخر؛ فتلاقح جهل الخوارج مع حيلة عمرو بن العاص فأنتجا نجاة معاوية!

[صفحه 78]



صفحه 76، 77، 78.