مواجهة مقدّمة الجيشين











مواجهة مقدّمة الجيشين



2440- تاريخ الطبري عن خالد بن قطن الحارثي: خرج الأشتر حتي قدم علي القوم، فاتّبع ما أمره عليّ وکفّ عن القتال، فلم يزالوا متواقفين حتي إذا کان عند المساء حمل عليهم أبوالأعور السلمي، فثبتوا له واضطربوا ساعة، ثمّ إنّ أهل الشام انصرفوا.

ثمّ خرج إليهم من الغد هاشم بن عتبة الزهري في خيل ورجال حسن عددها وعُدّتها، وخرج إليه أبوالأعور فاقتتلوا يومهم ذلک، تحمل الخيل علي الخيل والرجال علي الرجال، وصبر القوم بعضهم لبعض ثمّ انصرفوا، وحمل عليهم الأشتر فقتل عبد اللَّه بن المنذر التنوخي قتله يومئذٍ ظبيان بن عمار التميمي وما هو إلّا فتي حدث وإن کان التنوخي لفارس أهل الشام، وأخذ الأشتر يقول: ويحکم! أروني أباالأعور. ثمّ إنّ أباالأعور دعا الناس فرجعوا نحوه، فوقف من وراء المکان الذي کان فيه أول مرّة، وجاء الأشتر حتي صفّ أصحابه في المکان الذي کان فيه أبوالأعور، فقال الأشتر لسنان بن مالک النخعي: انطلق إلي أبي الأعور فادعه إلي المبارزة، فقال: إلي مبارزتي أو مبارزتک؟ فقال له الأشتر: لو أمرتک بمبارزته فعلت؟ قال: نعم واللَّه، لو أمرتني أن أعترض صفّهم

[صفحه 74]

بسيفي ما رجعت أبداً حتي أضرب بسيفي في صفّهم، قال له الأشتر: يابن أخي، أطال اللَّه بقاءک! قد واللَّه، ازددت رغبة فيک لا أمرتک بمبارزته إنّما أمرتک أن تدعوه إلي مبارزتي، إنّه لا يبرز إن کان ذلک من شأنه إلّا لذوي الأسنان والکفاءة والشرف، وأنت- لربّک الحمد- من أهل الکفاءة والشرف غير أنّک فتيً حدث السن، فليس بمبارز الأحداث ولکن ادعه إلي مبارزتي. فأتاه فنادي: آمنوني فإنّي رسول فأومن، فجاء حتي انتهي إلي أبي الأعور. قال أبومخنف: فحدّثني النضر بن صالح أبوزهير العبسي قال: حدّثني سنان قال: فدنوت منه فقلت: إنّ الأشتر يدعوک إلي مبارزته. قال: فسکت عنّي طويلاً ثمّ قال: إنّ خفّة الأشتر وسوء رأيه هو حمله علي إجلاء عمّال ابن عفان من العراق، وانتزاؤه عليه يقبّح محاسنه، ومن خفّة الأشتر وسوء رأيه أن سار إلي ابن عفّان في داره وقراره حتي قتله، فيمن قتله فأصبح متّبعاً بدمه، ألا لا حاجة لي في مبارزته. قال: قلت: إنّک قد تکلّمت فاسمع حتي اُجيبک، فقال: لا، لا حاجة لي في الاستماع منک ولا في جوابک، اذهب عنّي. فصاح بي أصحابه فانصرفت عنه، ولو سمع إليّ لأخبرته بعذر صاحبي وحجّته. فرجعت إلي الأشتر فأخبرته أنّه قد أبي المبارزة، فقال: لنفسه نظر.

فواقفناهم حتي حجز الليل بيننا وبينهم وبتنا متحارسين، فلمّا أصبحنا نظرنا فإذا القوم قد انصرفوا من تحت ليلتهم، ويصبّحنا عليّ بن أبي طالب غدوة. فقدم الأشتر فيمن کان معه في تلک المقدّمة حتي انتهي إلي معاوية فواقفه، وجاء عليّ في أثره فلحق بالأشتر سريعاً فوقف وتواقفوا طويلاً.[1] .

[صفحه 75]



صفحه 74، 75.





  1. تاريخ الطبري: 567:4؛ وقعة صفّين: 154 نحوه.