الاشتر علي مقدّمة جيش الإمام











الاشتر علي مقدّمة جيش الإمام



2439- تاريخ الطبري عن خالد بن قطن الحارثي: إنّ عليّاً لما قطع الفرات دعا زياد بن النضر وشريح بن هانئ فسرّحهما أمامه نحو معاوية علي حالهما التي کانا خرجا عليها من الکوفة. قال: وقد کانا حيث سرّحهما من الکوفة أخذا علي شاطئ الفرات من قبل البرّ ممّا يلي الکوفة حتي بلغا عانات،[1] فبلغهما أخذ عليّ علي طريق الجزيرة، وبلغهما أنّ معاوية قد أقبل من دمشق في جنود أهل الشام لاستقبال عليّ فقالا: لا واللَّه، ما هذا لنا برأي أن نسير وبيننا وبين المسلمين وأميرالمؤمنين هذا البحر! وما لنا خير في أن نلقي جنود أهل الشام بقلّة من معنا منقطعين من العدد والمدد. فذهبوا ليعبروا من عانات، فمنعهم أهل عانات وحبسوا عنهم السفن، فأقبلوا راجعين حتي عبروا من هيت،[2] ثمّ لحقوا عليّاً

[صفحه 72]

بقرية دون قرقيسياء[3] وقد أرادوا أهل عانات فتحصّنوا وفرّوا، ولما لحقت المقدّمة عليّاً قال: مقدّمتي تأتيني من ورائي!

فتقدم إليه زياد بن النضر الحارثي وشريح بن هانئ فأخبراه بالذي رأيا حين بلغهما من الأمر ما بلغهما. فقال: سددتما. ثمّ مضي عليّ فلما عبر الفرات قدّمهما أمامه نحو معاوية، فلمّا انتهيا إلي سور الروم لقيهما أبوالأعور السلمي عمرو بن سفيان في جند من أهل الشام، فأرسلا إلي عليّ: إنّا قد لقينا أباالأعور السلمي في جند من أهل الشام وقد دعوناهم فلم يجبنا منهم أحد فمرنا بأمرک. فأرسل عليّ إلي الأشتر فقال:

يا مالک، إنّ زياداً وشريحاً أرسلا إليّ يعلماني أنّهما لقيا أباالأعور السلمي في جمع من أهل الشام، وأنبأني الرسول أنّه ترکهم متواقفين، فالنجاء إلي أصحابک النجاء، فإذا قدمت عليهم فأنت عليهم وإيّاک أن تبدأ القوم بقتال إلّا أن يبدؤوک حتي تلقاهم فتدعوهم وتسمع، ولا يَجرمنّک شنآنهم علي قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرّة بعد مرّة، واجعل علي ميمنتک زياداً وعلي ميسرتک شريحاً وقف من أصحابک وسطاً، ولا تدنُ منهم دنوّ من يريد أن يُنشب الحرب، ولا تباعد منهم بُعد من يهاب البأس حتي أقدم عليک، فإنّي حثيث السير في أثرک إن شاء اللَّه.

قال: وکان الرسول الحارث بن جمهان الجعفي فکتب عليّ إلي زياد وشريح: أمّا بعد، فإنّي قد أمّرت عليکما مالکاً فاسمعا له وأطيعا، فإنّه ممّن لا يخاف

[صفحه 73]

رهقه ولا سقاطه ولا بطؤه عمّا الإسراع إليه أحزم، ولا الإسراع إلي ما الإبطاء عنه أمثل، وقد أمرته بمثل الذي کنت أمرتکما به ألّا يبدأ القوم حتي يلقاهم فيدعوهم ويُعذر إليهم.[4] .



صفحه 72، 73.





  1. عَانَات: عانة بلد في العراق مشهور بين الرَّقَة وهيت، وجاء في الشعر (عانات) کأنّه جمع لما حوله، وهي مشرفة علي الفرات قرب حديثة (معجم البلدان: 72:4).
  2. هِيْت: بلدة في العراق علي الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار (معجم البلدان: 421:5).
  3. قَرْقِيسِياء: بلد علي نهر الخابور قرب صفّين والرقّة وعندها مصبّ الخابور في الفرات، وهي الآن في العراق (راجع معجم البلدان: 328:4).
  4. تاريخ الطبري: 566:4؛ وقعة صفّين: 152 نحوه.