النزول ببليخ











النزول ببليخ[1]



.

2435- الفتوح: ونظر إليه [عليٍّ عليه السلام] راهبٌ قد کان هنالک في صومعة له، فنزل من

[صفحه 67]

الصومعة وأقبل إلي عليّ رضي الله عنه، فأسلم علي يده؛ ثمّ قال: يا أميرالمؤمنين! إنّ عندنا کتاباً توارثناه عن آبائنا، يذکرون أنّ عيسي بن مريم عليه السلام کتبه، أفأعرضه عليک؟

قال عليّ رضي الله عنه: نعم فهاته.

فرجع الراهب إلي الصومعة وأقبل بکتاب عتيق قد کاد أن يندرس، فأخذه عليّ وقبله ثمّ دفعه إلي الراهب، فقال: اقرأه عليَّ!

فقرأه الراهب علي عليّ رضي الله عنه، فإذا فيه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الذي قضي فيما قضي وسطر فيما سطر، أنّه باعث في الاُمّيّين رسولاً منهم يعلّمهم الکتاب والحکمة، ويدلّهم علي سبيل الرشاد، لا فَظّ[2] ولا غليظ ولاصَخّاب[3] في الأسواق، لا يجزي السيئة السيئة ولکن يعفو ويصفح، اُمّته الحامدون الذين يَحمدون اللَّه علي کلّ حال في هبوط الأرض وصعود الجبال، ألسنتهم مذلّلة بالتسبيح والتقديس والتکبير والتهليل، ينصر اللَّه هذا النبيّ علي من ناواه؛ فإذا توفّاه اللَّه اختلفت اُمّته من بعده، ثمّ يلبثون بذلک ما شاء اللَّه؛ فيمرّ رجل من اُمّته بشاطئ هذا النهر، يأمر بالمعروف وينهي عن المنکر، يقضي بالحقّ ولا يرتشي في الحکم، الدنيا عليه أهون من شرب الماء علي الظمآن، يخاف اللَّه عزّ وجلّ في السِرّ وينصح اللَّه في العلانية، ولا يأخذه في اللَّه لومة لائم، فمن أدرک ذاک النبيّ فليؤمن به، فمن آمن به کان له رضوان اللَّه والجنّة، ومن أدرک ذلک العبد الصالح فلينصره فإنّه وصيّ خاتم الأنبياء، والقتل معه شهادة.

قال: ثمّ إنّه أقبل هذا الراهب علي عليّ فقال: يا أميرالمؤمنين! إنّي صاحبک

[صفحه 68]

لا اُفارقک أبداً حتي يصيبني ما أصابک.

قال: فبکي عليّ رضي الله عنه ثمّ قال: الحمد للَّه الذي ذکرني عنده في کتب الأبرار.

قال: ثمّ سار وهذا الراهب معه، فکان يتغدّي ويتعشّي مع عليّ؛ حتي صار إلي صفّين، فقاتل فقُتل، فقال عليّ لأصحابه: اطلبوه! فطلبوه فوجدوه، فصلّي عليه عليّ رضي الله عنه ودفنه واستغفر له، ثمّ قال: هذا منّا أهل البيت.[4] .



صفحه 67، 68.





  1. موضع في سوريا قرب الرقّة علي جانب الفرات.
  2. فظّ: سَيِّئ الخُلق (لسان العرب: 451:7).
  3. الصَّخَب والسَّخَب: الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ للخِصَام (النهاية: 14:3).
  4. الفتوح: 556:2؛ وقعة صفّين: 147 نحوه.