خبر ماء الدير











خبر ماء الدير



2432- الفتوح: أقام عليّ رضي الله عنه بالأنبار يومين، فلمّا کان في اليوم الثالث سار بالناس في بريّة ملساء، وعطش الناس واحتاجوا إلي الماء. قال: وإذا براهب في صومعته، فدنا منه عليّ رضي الله عنه وصاح به فأشرف عليه، فقال له عليّ رضي الله عنه: هل تعلم بالقرب منک ماء نشرب منه؟

فقال: ما أعلم ذلک، وإنّ الماء ليُحمل إلينا من قريبٍ من فرسخين.

قال: فترکه عليّ رضي الله عنه وأقبل إلي موضع من الأرض فطاف به، ثمّ أشار إلي مکان منه فقال: احفروا ههنا.

فحفروا قليلاً وإذا هم بصخرة صفراء کأنّما طليت بالذهب، وإذا هي علي سبيل الرحي لا ينتقلها إلّا مائة رجل.

فقال عليّ رضي الله عنه: اقلبوها فالماء من تحتها.

فاجتمع الناس عليها فلم يقدروا علي قلبها.

قال: فنزل عليّ رضي الله عنه عن فرسه، ثمّ دنا من الصخرة وحرّک شفتيه بشي ء لم يُسمع، ثمّ دنا من الصخرة وقال: باسم اللَّه، ثمّ حرّکها ورفعها فدحاها ناحية.

قال: فإذا بعين من الماء لم تر الناس أعذب منها ولا أصفي ولا أبرد، فنادي في الناس أن «هلمّوا إلي الماء».

قال: فورد الناس فنزلوا وشربوا وسقوا ما معهم من الظَّهر، وملؤوا أسقيتهم، وحملوا من الماء ما أرادوا. ثمّ حمل علي الصخرة وهو يحرّک شفتيه بمثل کلامه الأوّل حتي ردّ الصخرة إلي موضعها.

[صفحه 65]

ثمّ سار حتي نزل في الماء الذي أرادوا وإذا ماؤه متغيّر، فقال علي رضي الله عنه لأصحابه:

أفيکم من يعرف مکان الماء الذي يتم عليه؟

فقالوا: نعم يا أميرالمؤمنين.

قال: فانطلَقوا إليه، فطلبوا مکان الصخرة فلم يقدروا عليه؛ فانطلقوا إلي الراهب فصاحوا به: يا راهب! فأشرف عليهم، فقالوا: أين هذا الماء الذي هو بالقرب من ديرک؟

فقال الراهب: إنّه ما بقُربي شي ء من الماء!

فقالوا: بلي! قد شربنا منه. نحن وصاحبنا، وهو الذي استخرج لنا الماء وقد شربنا منه.

فقال الراهب: واللَّه ما بُني هذا الدير إلّا بذلک الماء، وإنّ لي في هذه الصومعة منذ کذا سنة ما علمت بمکان هذا الماء، وإنّها عين يقال لها عين راحوما، ما استخرجها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ، ولقد شرب منها سبعون نبيّاً وسبعون وصيّاً.

قال: فرجعوا إلي عليّ رضي الله عنه فأخبروه بذلک، فسکت ولم يقل شيئاً.[1] .

2433- الإرشاد- في بيان قصّة عطش أصحاب الإمام عليه السلام لمّا توجّه إلي صفّين ولقائهم مع الراهب-: فقال عليه السلام: اکشفوا الأرض في هذا المکان.

فعدل جماعة منهم إلي الموضع فکشفوه بالمساحي، فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع، فقالوا: يا أميرالمؤمنين، هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي.

[صفحه 66]

فقال لهم: إنّ هذه الصخرة علي الماء فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء.

فاجتهدوا في قلبها، فاجتمع القوم وراموا تحريکها فلم يجدوا إلي ذلک سبيلاً واستصعبت عليهم، فلمّا رآهم عليه السلام قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم، لوي عليه السلام رجله عن سرجه حتي صار علي الأرض، ثمّ حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحرّکها، ثمّ قلعها بيده ودحا بها أذرعاً کثيرة، فلمّا زالت عن مکانها ظهر لهم بياض الماء، فتبادروا إليه فشربوا منه، فکان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه.

فقال لهم: تزوّدوا وارتووا.

ففعلوا ذلک. ثمّ جاء إلي الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث کانت.[2] .

2434- شرح نهج البلاغة- في صفة قوّة الإمام عليه السلام-: وهو الذي قلع باب خيبر واجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه، وهو الذي اقتلع هُبل من أعلي الکعبة، وکان عظيماً جدّاً وألقاه إلي الأرض، وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيّام خلافته عليه السلام بيده بعد عجز الجيش کلّه عنها وأنبط الماء من تحتها.[3] .



صفحه 65، 66.





  1. الفتوح: 555:2 وراجع وقعة صفّين: 145.
  2. الإرشاد: 335:1، إعلام الوري: 346:1 نحوه وراجع خصائص الأئمّة عليهم السلام: 50 والخرائج والجرائح: 67:222:1 والفضائل لابن شاذان: 89.
  3. شرح نهج البلاغة: 21:1.