بكاءُ الإمام لمّا وصل إلي كربلاء











بکاءُ الإمام لمّا وصل إلي کربلاء



2426- وقعة صفّين عن الحسن بن کثير عن أبيه: إنّ عليّاً أتي کربلاء فوقف بها، فقيل: يا أميرالمؤمنين، هذه کربلاء.

قال: ذات کربٍ وبلاء.

ثمّ أومأ بيده إلي مکان فقال: هاهنا موضع رحالهم، ومُناخ رکابهم.

وأومأ بيده إلي موضع آخر فقال: هاهنا مُهراق دمائهم.[1] .

2427- الفتوح: سار [عليّ عليه السلام] حتي نزل بدير کعب فأقام هنالک باقي يومه وليلته. وأصبح سائراً حتي نزل بکربلاء، ثمّ نظر إلي شاطئ الفرات وأبصر هنالک نخيلاً فقال:

يابن عبّاس! أتعرف هذا الموضع؟

فقال: لا يا أميرالمؤمنين! ما أعرفه.

فقال: أما إنّک لو عرفته کمعرفتي لم تکن تجاوزه حتي تبکي لبکائي.

قال: ثمّ بکي عليّ رضي الله عنه بکاءً شديداً، حتي اخضلّت لحيته بدموعه وسالت الدموع علي صدره، ثمّ جعل يقول:

اواه! مالي ولآل أبي سفيان! ثمّ التفت إلي الحسين رضي الله عنه فقال: اِصبر أباعبد اللَّه! فلقد لقي أبوک منهم مثل الذي تلقي من بعدي.

[صفحه 60]

قال: ثمّ جعل علي رضي الله عنه يجول في أرض کربلاء کأنّه يطلب شيئاً، ثمّ نزل ودعا بماء فتوضّأ وضوء الصلاة، ثمّ قام فصلّي ما شاء أن يصلّي والناس قد نزلوا هنالک من قرب نينوي[2] إلي شاطئ الفرات. قال: ثمّ خفق برأسه خفقة فنام وانتبه فزعاً فقال:

يابن عبّاس! ألا اُحدّثک بما رأيت الساعة في منامي؟

فقال: بلي يا أميرالمؤمنين!

فقال: رأيت رجالاً بيض الوجوه، في أيديهم أعلام بيض، وهم متقلّدون بسيوف لهم، فخطّوا حول هذه الأرض خطّة، ثمّ رأيت هذه النخيل وقد ضربت بسعفها الأرض، ورأيت نهراً يجري بالدم العَبيط، ورأيت ابني الحسين وقد غرق في ذلک الدم وهو يستغيث فلا يغاث، ثمّ إنّي رأيت اُولئک الرجال البيض الوجوه الذين نزلوا من السماء وهم ينادون: صبراً آل الرسول صبراً! فإنّکم تُقتلون علي أيدي أشرار الناس، وهذه الجنّة مشتاقة إليک يا أباعبد اللَّه! ثمّ تقدّموا إليّ فعزّوني وقالوا: أبشر يا أباالحسن! فقد أقرّ اللَّه عينک بابنک الحسين غداً يوم يقوم الناس لربّ العالمين. ثمّ إنّي انتبهت؛ فهذا ما رأيت، فوَالذي نفس عليّ بيده! لقد حدّثني الصادق المصدوق أبوالقاسم صلي الله عليه و آله أنّي سأري هذه الرؤيا بعينها في خروجي إلي قتال أهل البغي علينا، وهذه أرض کربلاء الذي يُدفن فيها ابني الحسين وشيعته وجماعة من ولد فاطمة بنت محمّد صلي الله عليه و آله، وأنّ هذه البقعة المعروفة في أهل السماوات تذکر بأرض کربٍ وبلاء، وليُحشرنّ منها قوم يدخلون الجنّة

[صفحه 61]

بلا حساب.[3] .

راجع: القسم الثالث عشر/إخباره بالاُمور الغيبيّة/استشهاد الحسين في کربلاء.



صفحه 60، 61.





  1. وقعة صفّين: 142، بحارالأنوار: 420:32 و ج 58:339:41؛ شرح نهج البلاغة: 171:3 وراجع الإرشاد: 332:1 وخصائص الأئمّة عليهم السلام: 47.
  2. نِيْنَوي: ناحية بسواد الکوفة إلي جانب نهر دجلة، منها کربلاء التي قتل بها الحسين عليه السلام (راجع معجم البلدان: 339:5).
  3. الفتوح: 551:2 وراجع وقعة صفّين: 140.