كتاب الإمام إلي معاوية يعظه فيه











کتاب الإمام إلي معاوية يعظه فيه



2380- شرح نهج البلاغة- في ذکر بعض ما دار بين عليّ عليه السلام ومعاوية من الکتب وأوّل هذا الکتاب-: من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلي معاوية بن أبي سفيان: أما بعد؛ فإنّ الدنيا دار تجارة، وربحها أو خُسرها الآخرة؛ فالسعيد من کانت بضاعته فيها الأعمال الصالحة، ومن رأي الدنيا بعينها وقدّرها بقدرها. وإنّي لأعظک مع علمي بسابق العلم فيک ممّا لا مردّ له دون نفاذه؛ ولکن اللَّه تعالي أخذ علي العلماء أن يؤدّوا الأمانة وأن ينصحوا الغويّ والرشيد، فاتّقِ اللَّه ولا تکن ممّن لا يرجو للَّه وقاراً، ومن حقّت عليه کلمة العذاب فإنّ اللَّه بالمرصاد. وإنّ دنياک ستدبر عنک وستعود حسرة عليک، فأقلع عمّا أنت عليه من الغيّ والضلال علي کبر سنّک وفناء عمرک؛ فإنّ حالک اليوم کحال الثوب المهيل الذي لا يصلح

[صفحه 6]

من جانب إلّا فسد من آخر، وقد أرديت جيلاً من الناس کثيراً خدعتهم بغيّک، وألقيتهم في موج بحرک تغشاهم الظلمات وتتلاطم بهم الشبهات، فجازوا عن وجهتهم، ونکصوا علي أعقابهم، وتولّوا علي أدبارهم، وعوّلوا علي أحسابهم، إلّا من فاء من أهل البصائر فإنّهم فارقوک بعد معرفتک، وهربوا إلي اللَّه من مُوَازرتک إذ حملتهم علي الصعب وعدلت بهم عن القصد. فاتقِ اللَّه يا معاوية في نفسک، وجاذبِ الشيطانَ قيادَک، فإنّ الدنيا منقطعة عنک والآخرةَ قريبة منک، والسلام.[1] .



صفحه 6.





  1. شرح نهج البلاغة: 133:16؛ نهج البلاغة: الکتاب 32 وفيه من «أرديت جيلاً...»، بحارالأنوار: 400:85:33.