خطبة الإمام قبل الشخوص











خطبة الإمام قبل الشخوص



2422- وقعة صفّين عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الکنود: لمّا أراد عليّ عليه السلام الشخوص من النخيلة، قام في الناس- لخمس مضين من شوال يوم الأربعاء- فقال:

الحمد للَّه غير مفقود النعم، ولا مکافأِ الإفضال، وأشهد ألّا إله إلّا اللَّه ونحن علي ذلکم من الشاهدين، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلي الله عليه و آله.

أمّا بعد ذلکم؛ فإنّي قد بعثت مقدّماتي، وأمرتهم بلزوم هذا المِلطاط،[1] حتي يأتيهم أمري، فقد أردت أن أقطع هذه النُّطفة[2] إلي شرذمة منکم مُوطّنين بأکناف[3] دجلة، فاُنهضهم معکم إلي أعداء اللَّه إن شاء اللَّه، وقد أمّرت علي المصر عقبة بن عمرو الأنصاري، ولم آلُکم ولا نفسي، فإيّاکم والتخلّف والتربّص؛ فإنّي قد خلّفت مالک بن حبيب اليربوعي، وأمرته ألّا يترک متخلّفاً إلّا ألحقه بکم

[صفحه 57]

عاجلاً إن شاء اللَّه.

فقام اليه معقل بن قيس الرياحي فقال: يا أميرالمؤمنين! واللَّه لا يتخلّف عنک إلّا ظنين، ولا يتربص بک إلّا منافق. فأْمُر مالک بن حبيب أن يضرب أعناق المتخلّفين.

قال عليّ عليه السلام: قد أمرته بأمري، وليس مقصّراً في أمري إن شاء اللَّه.

وأراد قوم أن يتکلّموا فدعا بدابّته فجاءته، فلمّا أراد أن يرکب وضع رجله في الرکاب وقال: «بسم اللَّه». فلما جلس علي ظهرها قال: «سُبْحَنَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَ مَا کُنَّا لَهُ و مُقْرِنِينَ وَ إِنَّآ إِلَي رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ».[4] ثمّ قال: اللهمّ إنّي أعوذ بک من وعثاء السفر، وکآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد. اللهمّ أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، ولا يجمعهما غيرک؛ لأنّ المستخلَف لا يکون مستصحَباً، والمستصحَب لا يکون مستخلَفاً.[5] .

2423- الأخبار الطوال: لمّا أجمع عليّ عليه السلام علي المسير إلي أهل الشام، وحضرت الجمعة، صعد المنبر، فحمد اللَّه وأثني عليه، وصلّي علي النبيّ صلي الله عليه و آله، ثمّ قال:

أيّها الناس! سيروا إلي أعداء السنن والقرآن، سيروا إلي قتلة المهاجرين والأنصار، سيروا إلي الجفاة الطغام الذين کان إسلامهم خوفاً وکرهاً، سيروا إلي المؤلّفة قلوبهم ليکفّوا عن المسلمين بأسهم.[6] .

2424- الإمام عليّ عليه السلام- من خطبة له عند المسير إلي الشام، وقيل: هو بالنخيلة

[صفحه 58]

خارجاً من الکوفة إلي صفّين-: الحمد للَّه کلّما وقبَ ليلٌ وغسقَ، والحمد للَّه کلّما لاحَ نجمٌ وخفقَ، والحمد للَّه غير مفقود الإنعام، ولا مکافأِ الإفضال.

أمّا بعد؛ فقد بعثت مقدّمتي،وأمرتهم بلزوم هذا الملطاط، حتي يأتيهم أمري، وقد رأيت أن أقطع هذه النطفة إلي شرذمة منکم، مُوطّنين أکناف دجلة، فاُنهضهم معکم إلي عدوّکم، وأجعلهم من أمداد القوّة لکم.[7] .



صفحه 57، 58.





  1. قال الشريف الرضي: يعني عليه السلام بالمِلْطاط هاهنا: السَّمْت الذي أمرهم بلزومه؛ وهو شاطئ الفرات، ويقال ذلک أيضاً لشاطئ البحر، وأصله ما استوي من الأرض (نهج البلاغة: ذيل الخطبة 48).
  2. قال الشريف الرضي: ويعني بالنُّطفة: ماء الفرات، وهو من غريب العبارات وعجيبها (نهج البلاغة: ذيل الخطبة 48).
  3. أکناف: الکَنَفُ: ناحية الشي ء، وناحيتا کلِّ شي ء کنفاه، والجمع أکناف (لسان العرب: 308:9).
  4. الزخرف: 13 و14.
  5. وقعة صفّين: 131.
  6. الأخبار الطوال: 164 وراجع الفتوح: 550:2 ووقعة صفّين: 94.
  7. نهج البلاغة: الخطبة 48 وراجع وقعة صفّين: 134.