الاستنصار من مكّة والمدينة











الاستنصار من مکّة والمدينة



2418- وقعة صفّين عن صالح بن صدقة: لمّا أراد معاوية السير إلي صفّين قال لعمرو بن العاص: إنّي قد رأيت أن نُلقي إلي أهل مکّة وأهل المدينة کتاباً نذکر لهم فيه أمر عثمان، فإمّا أن ندرک حاجتنا، وإمّا أن يکفّ القوم عنّا.

قال عمرو: إنّما نکتب إلي ثلاثة نفر: راضٍ بعليّ فلا يزيده ذلک إلّا بصيرة، أو رجلٍ يهوي عثمان فلن نزيده علي ما هو عليه، أو رجلٍ معتزل فلست بأوثق في نفسه من عليّ. قال: عليَّ ذلک. فکتبا: أمّا بعد؛ فإنّه مهما غابت عنا من الاُمور فلن يغيب عنا أنّ عليّاً قتل عثمان، والدليل علي ذلک مکان قَتلته منه. وإنّما نطلب بدمه حتي يدفعوا إلينا قَتلته فنقتلهم بکتاب اللَّه، فإن دفعهم عليٌّ إلينا کففنا عنه، وجعلناها شوري بين المسلمين علي ما جعلها عليه عمر بن الخطاب. وأمّا الخلافة فلسنا نطلبها، فأعينونا علي أمرنا هذا وانهضوا من ناحيتکم، فإنّ أيدينا وأيديکم إذا اجتمعت علي أمر واحد، هاب عليٌّ ما هو فيه.

[صفحه 52]

فکتب إليهما عبد اللَّه بن عمر: أمّا بعد فلعمري لقد أخطأتما موضع البصيرة، وتناولتُماها من مکان بعيد، وما زاد اللَّه من شاکٍّ في هذا الأمر بکتابکما إلّا شکّاً. وما أنتما والخلافة؟ وأمّا أنت يا معاوية فطليق، وأمّا أنت يا عمرو فظنون. ألا فکفّا عنّي أنفسکما، فليس لکما ولا لي نصير.

وکتب رجل من الأنصار مع کتاب عبد اللَّه بن عمر:


مُعاوِيَ إنّ الحقّ أبلجُ واضحٌ
وليس بما ربَّصتَ أنت ولا عمرو.[1] .


2419- وقعة صفّين عن زياد بن رستم: کتب معاوية بن أبي سفيان إلي عبد اللَّه بن عمر بن الخطّاب خاصّة، وإلي سعد بن أبي وقاص، ومحمّد بن مسلمة، دون کتابه إلي أهل المدينة، فکان في کتابه إلي ابن عمر:

أمّا بعد؛ فإنّه لم يکن أحد من قريش أحبّ إليَّ أن يجتمع عليه الاُمّة بعد قتل عثمان منک. ثمّ ذکرت خذلک إيّاه وطعنک علي أنصاره فتغيّرت لک، وقد هوّن ذلک عليَّ خلافُک علي عليّ، ومحا عنک بعض ما کان منک، فأعنّا- رحمک اللَّه- علي حقّ هذا الخليفة المظلوم، فإنّي لست اُريد الإمارة عليک، ولکنّي اُريدها لک، فإن أبيت کانت شوري بين المسلمين.[2] .



صفحه 52.





  1. وقعة صفّين: 62؛ شرح نهج البلاغة: 109:3.
  2. وقعة صفّين: 71؛ شرح نهج البلاغة: 113:3.