جواب معاوية عنه











جواب معاوية عنه



2407- وقعة صفّين عن عبد اللَّه بن عوف بن الأحمر: فکتب إليه معاوية:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم. من معاوية بن أبي سفيان إلي الزاري علي أبيه محمّد ابن أبي بکر. سلام علي أهل طاعة اللَّه.

أمّا بعد؛ فقد أتاني کتابک، تذکر فيه ما اللَّه أهله في قدرته وسلطانه، وما أصفي به نبيّه، مع کلام ألفته ووضعته، لرأيک فيه تضعيف، ولأبيک فيه تعنيف.

ذکرت حقّ ابن أبي طالب، وقديم سوابقه وقرابته من نبيّ اللَّه صلّي اللَّه عليه، ونصرته له، ومواساته إيّاه في کلّ خوف وهول، واحتجاجک عليَّ بفضل غيرک بفضلک. فأحمد إلهاً صرف الفضل عنک، وجعله لغيرک.

وقد کنّا وأبوک معنا في حياة من نبيّنا صلّي اللَّه عليه نري حقّ ابن أبي طالب لازماً لنا، وفضله مبرزاً علينا، فلمّا اختار اللَّه لنبيّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ما عنده، وأتمّ له ما وعده، وأظهر دعوته، وأفلج حجّته. قبضه اللَّه إليه، فکان أبوک

[صفحه 44]

وفاروقه أوّل من ابتزّه وخالفه؛ علي ذلک اتّفقا واتّسقا، ثمّ دعواه إلي أنفسهم؛ فأبطأ عنهما، وتلکّأ عليهما؛ فهمّا به الهموم، وأرادا به العظيم؛ فبايع وسلّم لهما؛ لا يشرکانه في أمرهما، ولا يطلعانه علي سرّهما، حتي قُبِضا وانقضي أمرهما.

ثمّ قام بعدهما ثالثهما عثمان بن عفّان، يهتدي بهديهما، ويسير بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبک، حتي طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي، وبطنتما له وأظهرتما، وکشفتما عداوتکما وغلّکما، حتي بلغتما منه مُناکما.

فخُذْ حِذْرک يابن أبي بکر! فستري وبال أمرک. وقِسْ شبرک بفِترک[1] تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه، ولا تلين علي قَسْرٍ قناتُه، ولا يدرک ذو مديً أناتَه. أبوک مهَّدَ مهادَه، وبني ملکه وشاده، فإن يکن ما نحن فيه صواباً فأبوک أوّله، وإن يک جوراً فأبوک أسَسُه. ونحن شرکاؤه، وبهديه أخذنا، وبفعله اقتدينا. ولولا ما سبقنا إليه أبوک ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له، ولکنّا رأينا أباک فعل ذلک فاحتذينا بمثاله، واقتدينا بفعاله. فعِب أباک ما بدا لک أو دَعْ، والسلام علي من أناب، ورجع عن غوايته وتاب.[2] .

[صفحه 45]



صفحه 44، 45.





  1. الفِتْر: مابين طرف الإبهام وطرف السبّابة (لسان العرب: 44:5).
  2. وقعة صفّين: 119، الاحتجاج: 98:436:1، الاختصاص: 126 کلاهما نحوه، بحارالأنوار: 724:579:3؛ شرح نهج البلاغة: 189:3.