حكمة أجوبة الإمام لمعاوية











حکمة أجوبة الإمام لمعاوية



والآن نتساءل: ما الذي کان سيقع لو أنّ الإمام تراجع في هذه الحرب الدعائيّة؟ وماذا لو لم يفتح باب المکاتبة مع معاوية بحسب تفکير ابن أبي الحديد؟ وماذا سيکون لو أهمل کلام معاوية وبرامجه علي هذا الصعيد ولم يرد عليها؟ هل کان معاوية يختار الصمت مثلاً ويکفّ عن حربه الدعائية الشعواء ضدَّ الإمام؟

لا ريب أنّ سياسة السکوت في مقابل الأمواج الدعائيّة العاتية التي يبثّها معاوية کانت ستنتهي بضرر الإمام. فسکوت الإمام کان معناه تأييداً منه لکلّ تهم معاوية.

إنّه من السذاجة بمکان أن نتصوّر بأنّ الإمام لو لم يفتح باب المکاتبة مع معاوية، لما کان معاوية قد شرع بحربه الدعائيّة ضدّ الإمام أو أنّه کان ينثني عن إدامتها، بل الذي لا نشکّ فيه أنّ سکوت الإمام- لو حصل- کان يستتبع تصعيد وتيرة هذه الحرب وتأجيج نيرانها أکثر.

إنّ کتب الإمام وأجوبته لم تعمل علي تعطيل الفعل الدعائي الماکر لمعاوية وحسب، بل تحوّلت إلي وثيقة في التأريخ تثبت أحقّية الإمام. فإضافةً إلي ما

[صفحه 41]

بادر إليه الإمام من تنوير العقول وتبصير الناس وتوعيتها عبر هذه الرسائل، فقد عمد فيها للدفاع عن نفسه علي أحسن وجه،[1] وأتمّ الحجّة علي معاوية والمخدوعين من أتباعه. کما ترک للتأريخ ولمن يأتي بعده وثيقة حوت ما جري بينه وبين معاوية. لقد التزم الإمام جانب الحذر بعمله بحيث لم يدع معاوية يحقّق أيّاً من الأهداف التي کان يصبو إليها من حربه الدعائيّة کما يريد.



صفحه 41.





  1. لقد دار کثير من کلام الإمام في الحرب الدعائيّة هذه حول إثبات فضائله.