خطبة الإمام لمّا فرغ من قتال الخوارج











خطبة الإمام لمّا فرغ من قتال الخوارج



2744- کنز العمال عن عبد الملک بن قريب: سمعت العلاء بن زياد الأعرابي يقول: سمعت أبي يقول: صعد أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب منبر الکوفة بعد الفتنة وفراغه من النهروان فحمد اللَّه وخنقته العبرة، فبکي حتي اخضلّت لحيته بدموعه وجرت، ثمّ نفض لحيته فوقع رشاشها علي ناس من أناس، فکنّا نقول: إنّ من أصابه من دموعه فقد حرمه اللَّه علي النار، ثمّ قال:

يا أيّها الناس! لا تکونوا ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخّر التوبة بطول

[صفحه 385]

الأمل، يقول في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شکر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر ولا يأتي، وينهي ولا ينتهي، يحبّ الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض الظالمين وهو منهم، تغلبه نفسه علي ما يظنّ، ولا يغلبها علي ما يستيقن، إن استغني فُتن، وإن مرض حزن، وإن افتقر قنط ووهن، فهو بين الذنب والنعمة يرتع، يُعافي فلا يشکر، ويُبتلي فلا يصبر، کأن المحذَّر من الموت سواه، وکأن من وعِد وزُجر غيره.

يا أغراض المنايا! يا رهائن الموت! يا وعاء الأسقام! يا نهبة الأيام! ويا ثقل الدهر! ويا فاکهة الزمان! ويا نور الحدثان! ويا خرس عند الحجج! ويا من غمرته الفتن وحيل بينه وبين معرفة العبر بحقّ! أقول: ما نجا من نجا إلّا بمعرفة نفسه، وما هلک من هلک إلّا من تحت يده، قال اللَّه تعالي: «يَأَيُّهَا الَّذِينَء َامَنُواْ قُواْ أَنفُسَکُمْ وَ أَهْلِيکُمْ نَارًا»[1] جعلنا اللَّه وإياکم ممن سمع الوعظ فقبل، ودُعي إلي العمل فعمل.[2] .

[صفحه 387]



صفحه 385، 387.





  1. التحريم: 6.
  2. کنز العمّال: 44229:205:16 نقلاً عن ابن النجّار.