خطبة الإمام بين الصفّين











خطبة الإمام بين الصفّين



2718- الأخبار الموفّقيّات عن عليّ بن صالح: لمّا استوي الصفّان بالنهروان تقدّم أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بين الصفّين، ثمّ قال:

أمّا بعد، أيّتها العصابة التي أخرجتها عادة المراء والضلالة، وصدف بها عن الحقّ الهوي والزيغ، إنّي نذير لکم أن تصبحوا غداً صرعي بأکناف هذا النهر، أو بملطاط[1] من الغائط، بلا بيّنة من ربّکم ولا سلطان مبين. ألم أنهکم عن هذه الحکومة واُحذّرکموها، واُعلمکم أنّ طلب القوم لها دَهنٌ منهم ومکيدة؟! فخالفتم أمري وجانبتم الحزم فعصيتموني حتي أقررت بأن حکّمت، وأخذت علي الحکمين فاستوثقت، وأمرتهما أن يحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، فخالفا أمري وعملا بالهوي، ونحن علي الأمر الأوّل، فأين تذهبون؟ وأين يتاه بکم؟

فقال خطيبهم: أمّا بعد، يا عليّ! فإنّا حين حکّمنا کان ذلک کفراً منّا، فإن تبتَ کما تبنا فنحن معک ومنک، وإن أبيت فنحن منابذوک علي سواء إنّ اللَّه لا يحبّ الخائنين.

فقال عليّ: أصابکم حاصب[2] ولا بقي منکم وابر،[3] أبعد إيماني باللَّه،

[صفحه 370]

وجهادي في سبيل اللَّه، وهجرتي مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أقرّ بالکفر؟! لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، ولکن مُنيتُ بمعشر أخفّاء الهام، سفهاء الأحلام، واللَّه المستعان.[4] .



صفحه 370.





  1. الملطَاط: ساحل البحر (لسان العرب: 390:7).
  2. حاصِب: أي عذاب من اللَّه، وأصلُه رُمِيتُم بالحصْباء من السماء (النهاية: 394:1).
  3. يقال: ما بالدار وابر؛ أي ما بها أحد (لسان العرب: 273:5).
  4. الأخبار الموفّقيّات: 181:325.