اخبار الإمام بما سيقع في الحرب











اخبار الإمام بما سيقع في الحرب



2706- الکامل في التاريخ: إنّ الخوارج قصدوا جسر النهر وکانوا غربه، فقال لعليّ أصحابُه: إنّهم قد عبروا النهر!

فقال: لن يعبروا.

فأرسلوا طليعة، فعاد وأخبرهم أنّهم عبروا النهر، وکان بينهم وبينه نطفة من النهر، فلخوف الطليعة منهم لم يقربهم، فعاد فقال: إنّهم قد عبروا النهر.

فقال عليٌّ: واللَّه ما عبروه، وإنّ مصارعهم لدون الجسر، وواللَّه لا يُقتل منکم عشرة، ولا يسلم منهم عشرة.

وتقدّم عليّ إليهم فرآهم عند الجسر لم يعبروه، وکان الناس قد شکّوا في قوله، وارتاب به بعضهم، فلمّا رأوا الخوارج لم يعبروا کبّروا، وأخبروا عليّاً بحالهم.

فقال: واللَّه، ما کذبتُ ولا کُذّبت.[1] .

2707- الإمام عليّ عليه السلام- لمّا عزم علي حرب الخوارج، وقيل له: إنّ القوم عبروا

[صفحه 359]

جسر النهروان-: مصارعهم دون النطفة،[2] واللَّه، لا يُفلت منهم عشرة، ولا يهلک منکم عشرة.[3] .

2708- الکامل للمبرّد: قد قال عليٌّ وقيل له: إنّهم يريدون الجسر، فقال: لن يبلغوا النطفة. وجعل الناس يقولون له في ذلک، حتي کادوا يشکّون، ثمّ قالوا: قد رجعوا يا أميرالمؤمنين! فقال: واللَّه، ما کذبتُ ولا کُذّبت.

ثمّ خرج إليهم في أصحابه وقد قال لهم: إنّه واللَّه ما يُقتل منکم عشرة، ولا يُفلت منهم عشرة. فقُتل من أصحابه تسعة، وأفلت منهم ثمانية.[4] .

2709- کنز العمّال عن أبي سليمان المرعش: لمّا سار عليٌّ إلي النهروان سرت معه، فقال عليٌّ: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لا يقتلون منکم عشرةً، ولا يبقي منهم عشرةٌ. فلمّا سمع الناس ذلک حملوا عليهم، فقتلوهم.[5] .

2710- الإرشاد عن جندب بن عبد اللَّه الأزدي: شهدت مع عليّ عليه السلام الجمل وصفّين لا أشکّ في قتال من قاتله، حتي نزلنا النهروان، فدخلني شکّ، وقلت: قرّاؤنا وخيارنا نقتلهم؟! إنّ هذا لأمر عظيم.

فخرجت غدوة أمشي ومعي إداوة[6] ماء، حتي برزت عن الصفوف، فرکزت رمحي، ووضعت تُرْسي إليه، واستترت من الشمس، فإنّي لجالس حتي ورد

[صفحه 360]

عليّ أميرالمؤمنين عليه السلام، فقال لي: يا أخا الأزد، أمعک طَهور؟ قلت: نعم، فناولته الإداوة، فمضي حتي لم أرَه، ثمّ أقبل وقد تطهّر فجلس في ظلّ التُّرس، فإذا فارس يسأل عنه، فقلت: يا أميرالمؤمنين، هذا فارس يريدک، قال: فأشر إليه، فأشرت إليه، فجاء، فقال: يا أميرالمؤمنين، قد عبر القوم وقد قطعوا النهر!

فقال: کلّا، ما عبروا.

قال: بلي، واللَّه لقد فعلوا.

قال: کلّا، ما فعلوا.

قال: فإنّه لکذلک إذ جاء آخر فقال: يا أميرالمؤمنين، قد عبر القوم!

قال: کلّا، ما عبروا.

قال: واللَّه، ما جئتک حتي رأيت الرايات في ذلک الجانب، والأثقال.

قال: واللَّه ما فعلوا، وإنّه لمصرعهم ومهراق دمائهم.

ثمّ نهض ونهضت معه، فقلت في نفسي: الحمد للَّه الذي بصّرني هذا الرجل، وعرّفني أمره، هذا أحد رجلين: إمّا رجل کذّاب جري ء، أو علي بيّنة من ربّه وعهدٍ من نبيّه، اللهمّ! إنّي اُعطيک عهداً تسألني عنه يوم القيامة إن أنا وجدت القوم قد عبروا أن أکون أوّل من يقاتله، وأوّل من يطعن بالرمح في عينه، وإن کانوا لم يعبروا أن اُقيم علي المناجزة والقتال.

فدفعنا[7] إلي الصفوف، فوجدنا الرايات والأثقال کما هي، قال: فأخذ بقفاي ودفعني، ثمّ قال: يا أخا الأزد، أتَبيّنَ لک الأمر؟ قلت: أجل يا أميرالمؤمنين.

[صفحه 361]

قال: فشأنک بعدوّک. فقتلت رجلاً، ثمّ قتلت آخر، ثمّ اختلفت أنا ورجل آخر أضربه ويضربني فوقعنا جميعاً، فاحتملني أصحابي، فأفقت حين أفقت وقد فرغ القوم.[8] .

2711- شرح نهج البلاغة: لمّا خرج عليّ عليه السلام إلي أهل النهر أقبل رجل من أصحابه ممّن کان علي مقدّمته يرکض، حتي انتهي إلي عليّ عليه السلام فقال: البشري يا أميرالمؤمنين!

قال: ما بشراک؟

قال: إنّ القوم عبروا النهر لمّا بلغهم وصولک، فأبشر؛ فقد منحک اللَّه أکتافهم. فقال له: أاللَّه أنت رأيتهم قد عبروا!

قال: نعم.

فأحلفه ثلاث مرّات، في کلّها يقول: نعم. فقال عليّ: واللَّه، ما عبروه، ولن يعبروه، وإنّ مصارعهم لدون النطفة، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لن يبلغوا الأثلاث ولا قصر بوازن حتي يقتلهم اللَّه، وقد خاب من افتري.

قال: ثمّ أقبل فارس آخر يرکض، فقال کقول الأوّل، فلم يکترث عليّ عليه السلام بقوله وجاءت الفرسان ترکض، کلّها تقول مثل ذلک.

فقام عليّ عليه السلام فجال في متن فرسه.

قال: فيقول شابّ من الناس: واللَّه، لأکوننّ قريباً منه، فإن کانوا عبروا النهر

[صفحه 362]

لأجعلنّ سنان هذا الرمح في عينه؛ أيدّعي علم الغيب! فلمّا انتهي عليه السلام إلي النهر وجد القوم قد کسروا جفون سيوفهم، وعرقبوا خيلهم، وجثوا علي رکبهم، وحکّموا تحکيمة واحدة بصوت عظيم له زجل.[9] .

فنزل ذلک الشابّ، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّي کنت شککت فيک آنفاً، وإنّي تائب إلي اللَّه وإليک، فاغفر لي!

فقال عليّ عليه السلام: إنّ اللَّه هو الذي يغفر الذنوب، فاستغفره.[10] .

راجع: القسم الثالث عشر/اخباره بالاُمور الغيبيّة/مصير الخوارج.

[صفحه 363]



صفحه 359، 360، 361، 362، 363.





  1. الکامل في التاريخ: 405:2. راجع: القتال:استبشار الناس بظهور آية من آيات النبوّة.
  2. قال الشريف الرضي: يعني بالنطفة ماء النهر، وهي أفصح کناية عن الماء، وإن کان کثيراً جمّاً.
  3. نهج البلاغة: الخطبة 59، کشف الغمّة: 267:1، المناقب لابن شهر آشوب: 263:2، إعلام الوري: 338:1 کلّها نحوه وليس فيها «مصارعهم دون النطفة».
  4. الکامل للمبرّد: 1105:3 وراجع مروج الذهب: 416:2.
  5. کنز العمّال:31625:322:11 نقلاً عن يعقوب بن شيبة في کتابه «مسير عليّ».
  6. الإداوة: إناء صغير من جلد يتّخذ للماء کالسطيحة ونحوها (لسان العرب: 25:14).
  7. دَفَع إلي المکان ودُفِع: انتهي (لسان العرب: 89:8).
  8. الإرشاد: 317:1، إعلام الوري: 339:1 وراجع الکافي: 2:345:1، والمناقب لابن شهر آشوب: 268:2 والمعجم الأوسط: 4051:227:4.
  9. الزَّجَل: رفع الصوت الطَّرِب (لسان العرب: 302:11).
  10. شرح نهج البلاغة: 271:2؛ بحارالأنوار: 587:348:33.