صبر الإمام علي أذاهم ورفقه بهم











صبر الإمام علي أذاهم ورفقه بهم



2683- تاريخ الطبري عن أبي رزين: لمّا وقع التحکيم ورجع عليّ من صفّين رجعوا مباينين له، فلمّا انتهوا إلي النهر أقاموا به، فدخل عليّ في الناس الکوفة، ونزلوا بحروراء، فبعث إليهم عبد اللَّه بن عبّاس، فرجع ولم يصنع شيئاً. فخرج إليهم عليّ فکلّمهم حتي وقع الرضا بينه وبينهم، فدخلوا الکوفة.

فأتاه رجل فقال: إنّ الناس قد تحدّثوا أنّک رجعت لهم عن کفرک.

فخطب الناسَ في صلاة الظهر، فذکر أمرهم، فعابه، فوثبوا من نواحي المسجد يقولون: لا حُکم إلّا للَّه.

واستقبله رجل منهم واضع إصبعيه في اُذنيه، فقال: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْکَ وَ إِلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِکَ لَل-ِنْ أَشْرَکْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَ لَتَکُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ ».[1] .

فقال عليّ: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّکَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ».[2] [3] .

[صفحه 341]

2684- الإمام الصادق عليه السلام: إنّ عليّاً عليه السلام کان في صلاة الصبح فقرأ ابن الکوّا وهو خلفه: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْکَ وَ إِلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِکَ لَل-نْ أَشْرَکْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَ لَتَکُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ ». فأنصتَ عليّ عليه السلام؛ تعظيماً للقرآن حتي فرغ من الآية، ثمّ عاد في قراءته، ثمّ أعاد ابن الکوّا الآية، فأنصت عليّ عليه السلام أيضاً، ثمّ قرأ، فأعاد ابن الکوّا فأنصت عليّ عليه السلام، ثمّ قال: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّکَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ»، ثمّ أتمّ السورة، ثمّ رکع.[4] .

2685- مروج الذهب عن الصلت بن بهرام: لمّا قدم عليّ الکوفة جعلت الحروريّة تناديه وهو علي المنبر: جزعتَ من البليّة، ورضيتَ بالقضيّة، وقبلتَ الدنيّة، لا حکم إلّا للَّه. فيقول: حکم اللَّه أنتظر فيکم.

فيقولون: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْکَ وَ إِلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِکَ لَل-ِنْ أَشْرَکْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَ لَتَکُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ ».

فيقول عليّ: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّکَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ».[5] .

2686- تاريخ الطبري عن کثير بن بهز الحضرمي: قام عليّ في الناس يخطبهم ذات يوم، فقال رجل- من جانب المسجد-: لا حکم إلّا للَّه. فقام آخر فقال مثل ذلک، ثمّ توالي عدّة رجال يحکّمون.

فقال عليّ: اللَّه أکبر، کلمة حقّ يلتمس بها باطل! أما إنّ لکم عندنا ثلاثاً ما

[صفحه 342]

صحبتمونا: لا نمنعکم مساجد اللَّه أن تذکروا فيها اسمه، ولا نمنعکم الفي ء ما دامت أيديکم مع أيدينا، ولا نقاتلکم حتي تبدؤونا. ثمّ رجع إلي مکانه الذي کان فيه من خطبته.[6] .

2687- دعائم الإسلام: خطب [عليّ عليه السلام] بالکوفة فقام رجل من الخوارج فقال: لا حکم إلّا للَّه. فسکت عليّ، ثمّ قام آخر وآخر، فلمّا أکثروا عليه قال: کلمة حقّ يراد بها باطل، لکم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعکم مساجد اللَّه أن تصلّوا فيها، ولا نمنعکم الفي ء ما کانت أيديکم مع أيدينا، ولا نبدؤکم بحرب حتي تبدؤونا به، وأشهد لقد أخبرني النبيّ الصادق عن الروح الأمين عن ربّ العالمين أنّه لا يخرج علينا منکم فرقة- قلّت أو کثرت إلي يوم القيامة- إلّا جعل اللَّه حتفها علي أيدينا، وأنّ أفضل الجهاد جهادکم، وأفضل الشهداء مَن قتلتموه، وأفضل المجاهدين من قتلکم؛ فاعملوا ما أنتم عاملون، فيوم القيامة يخسر المبطلون، و«لِّکُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ».[7] [8] .

2688- تاريخ الطبري عن عبد الملک بن أبي حرّة الحنفي: إنّ عليّاً خرج ذات يوم يخطب، فإنّه لفي خطبته إذ حکّمت المحکّمة في جوانب المسجد، فقال عليّ: اللَّه أکبر، کلمة حقّ يُراد بها باطل! إن سکتوا عمّمناهم، وإن تکلّموا حججناهم، وإن خرجوا علينا قاتلناهم.

[صفحه 343]

فوثب يزيد بن عاصم المحاربي فقال: الحمد للَّه غير مودَّعٍ ربّنا، ولا مستغنيً عنه. اللهمّ، إنّا نعوذ بک من إعطاء الدنيّة في ديننا؛ فإنّ إعطاء الدنيّة في الدين إدهان في أمر اللَّه عزّ وجلّ، وذلّ راجع بأهله إلي سخط اللَّه. يا عليّ، أبِالقتل تخوّفنا؟ أما واللَّه، إنّي لأرجو أن نضربکم بها عمّا قليل غير مصفحات، ثمّ لتعلمنّ أيّنا أولي بها صليّاً. ثمّ خرج بهم هو وإخوة له ثلاثة هو رابعهم فاُصيبوا مع الخوارج بالنهر، واُصيب أحدهم بعد ذلک بالنخيلة.[9] .

2689- الإمام عليّ عليه السلام- من کلام له في الخوارج لمّا سمع قولهم: لا حکم إلّا للَّه-: کلمة حقّ يراد بها باطل! نعم، إنّه لا حکم إلّا للَّه، ولکن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلّا للَّه، وإنّه لابدّ للناس من أمير؛ بَرٍّ أو فاجر؛ يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الکافر، ويبلّغ اللَّه فيها الأجل، ويجمع به الفي ء، ويقاتل به العدوّ، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القويّ، حتي يستريح برّ، ويستراح من فاجر.[10] .

2690- نهج البلاغة: روي أنّه عليه السلام کان جالساً في أصحابه، فمرّت بهم امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم، فقال عليه السلام: إنّ أبصار هذه الفحول طوامح، وإنّ ذلک سبب هِبابها،[11] فإذا نظر أحدکم إلي امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنّما هي امرأة کامرأته.

فقال رجل من الخوارج: قاتله اللَّه، کافراً ما أفقهه!

فوثب القوم ليقتلوه. فقال عليه السلام: رويداً؛ إنّما هو سبٌّ بسبّ، أو عفوٌ عن ذنب.[12] .

[صفحه 344]



صفحه 341، 342، 343، 344.





  1. الزمر: 65.
  2. الروم: 60.
  3. تاريخ الطبري: 73:5، البداية والنهاية: 285:7.
  4. تهذيب الأحکام: 127:35:3 عن معاوية بن وهب، المناقب لابن شهر آشوب: 113:2 من دون إسناد إلي المعصوم؛ المستدرک علي الصحيحين: 4704:158:3، السنن الکبري: 3327:348:2 کلاهما عن أبي يحيي نحوه وليس فيهما «ابن الکوّاء».
  5. مروج الذهب: 406:2، أنساب الأشراف: 128:3 وراجع تاريخ الطبري: 73:5 والبداية والنهاية: 282:7.
  6. تاريخ الطبري: 73:5، السنن الکبري: 16763:319:8 عن کثير بن نمر، الکامل في التاريخ: 398:2، البداية والنهاية: 282:7؛ الإيضاح: 474، المناقب للکوفي: 818:341:2 عن کثير بن نمر وکلّها نحوه وراجع البداية والنهاية: 285:7.
  7. الأنعام: 67.
  8. دعائم الإسلام: 393:1 وراجع تاريخ ابن خلدون: 637:2.
  9. تاريخ الطبري: 72:5، الکامل في التاريخ: 398:2.
  10. نهج البلاغة: الخطبة 40، بحارالأنوار: 593:358:33 وراجع أنساب الأشراف: 135:3.
  11. الهِبّة- بالکسر-: هياج الفحل، وهَبَّ التيس هِبابا: هاجَ ونَبّ للسّفاد (لسان العرب: 778:1).
  12. نهج البلاغة: الحکمة 420، المناقب لابن شهر آشوب: 113:2 وفيه «هناتها» بدل «هِبابها».