كتاب الإمام إليه يحذّره من طلب ما ليس له بحقّ











کتاب الإمام إليه يحذّره من طلب ما ليس له بحقّ



2398- الإمام عليّ عليه السلام- من کتاب له إلي معاوية-: من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلي معاوية بن أبي سفيان: سلام علي من اتّبع الهدي، فإنّي أحمد اللَّه إليک الذي لا إله إلّا هو.

أمّا بعد؛ فإنّک قد رأيت من الدنيا وتصرّفها بأهلها وإلي ما مضي منها، وخير ما

[صفحه 30]

بقي من الدنيا ما أصاب العباد الصادقون فيما مضي. ومن نسي الدنيا نسيان الآخرة يجد بينهما بوناً بعيداً.

واعلم يا معاوية أنّک قد ادّعيت أمراً لست من أهله لا في القدم ولا في الولاية، ولست تقول فيه بأمر بيّن تعرف لک به أثرة، ولا لک عليه شاهد من کتاب اللَّه، ولا عهد تدّعيه من رسول اللَّه، فکيف أنت صانع إذا انقشعت عنک جلابيب ما أنت فيه من دنيا أبهجت بزينتها ورکنت إلي لذّتها، وخُلّي فيها بينک وبين عدوٍّ جاهدٍ ملحّ، مع ما عرض في نفسک من دنيا قد دعتک فأجبتها، وقادتک فاتّبعتها، وأمرتک فأطعتها. فاقعَس عن هذا الأمر، وخذ اُهبة الحساب؛ فإنّه يوشک أن يقفک واقف علي ما لا يُجنِّک منه مِجَنّ. ومتي کنتم يا معاوية ساسة للرعيّة، أو ولاة لأمر هذه الاُمّة بغير قدم حسن، ولا شرف سابق علي قومکم. فشمّر لما قد نزل بک، ولاتمکّن الشيطان من بغيته فيک، مع أنّي أعرف أنّ اللَّه ورسوله صادقان. فنعوذ باللَّه من لزوم سابق الشقاء. وإلّا تفعلْ اُعلمک ما أغفلک من نفسک؛ فإنّک مترف قد أخذ منک الشيطان مأخذه، فجري منک مجري الدم في العروق.

واعلم أنّ هذا الأمر لو کان إلي الناس أو بأيديهم لحسدونا وامتنّوا به علينا، ولکنّه قضاء ممّن امتنّ به علينا علي لسان نبيّه الصادق المصدّق. لا أفلح من شکّ بعد العرفان والبيّنة. اللهمّ احکم بيننا وبين عدوّنا بالحقّ وأنت خير الحاکمين.[1] .



صفحه 30.





  1. وقعة صفّين: 108، بحارالأنوار: 405:100:33؛ شرح نهج البلاغة: 86:15 نحوه وراجع تاريخ دمشق: 132:59.