الجهل











الجهل



لا مناصَ من عدّ الجهل أوّل عامل في دراسة جذور «التعمّق» وقد نصّت الأحاديث والروايات علي هذه النقطة؛ فإنّنا نلحظ عليّاً عليه السلام ينظر إلي الجهل مصدراً للإفراط والتفريط، والتطرّف والتلکّؤ، قال عليه السلام:

«لا تري الجاهل إلّا مُفرِطاً أو مُفرِّطاً».[1] .

وهکذا نجده في کلام الإمام الباقر عليه السلام إذ عدّه أساس تطرّف الخوارج وموقفهم المفرِط، فقد قال إسماعيل الجُعفي: سألتُ أباجعفر عليه السلام عن الدين الذي لا يسعُ العبادَ جهلُه؟ فقال:

«الدين واسع، ولکن الخوارج ضيّقوا علي أنفسهم من جهلهم».[2] .

وهذه هي النقطة التي أکّدها أميرالمؤمنين عليه السلام من قبل عند تحليله النفسي والفکري للخوارج وسبب تطرّفهم ونزعاتهم المفرطة، فقال:

«... ولکن منيتُ بمعشرٍ أخِفّاء الهام، سُفهاء الأحلام».

وقال في کلام آخر يخاطبهم به:

«وأنتم- واللَّه- معاشرُ أخِفّاءُ الهامِ سفهاءُ الأحلام».[3] .

[صفحه 273]

وفي کلام رفيع له عليه السلام کان يهدف منه إيقاظهم، أوصاهم في سياق توضيح بعض الحقائق أن يرعووا عن لجاجهم وعملهم الذي يسوّله لهم جهلهم، وأن يتبيّنوا طريق الاعتدال، وأشار فيه إلي خلقهم وجبلّتهم فقال عليه السلام:

«ثمّ أنتم شرار الناس، ومن رمي به الشيطان مراميه، وضرب به تيهه. وسيهلک فيّ صنفان: مُحبّ مُفرِط يذهب به الحبّ إلي غير الحقّ؛ ومبغض مُفرط يذهب به البغض إلي غير الحقّ. وخير الناس فيَّ حالاً النَّمَط الأوسط؛ فالزموه».[4] .



صفحه 273.





  1. نهج البلاغة: الحکمة 70، بحارالأنوار: 35:159:1.
  2. الکافي: 6:405:2، تهذيب الأحکام: 1529:368:2، من لايحضره الفقيه: 791:257:1.
  3. تاريخ الطبري: 85:5.
  4. نهج البلاغة: الخطبة 127، بحارالأنوار: 604:373:33.