القرّاء وفرض التحكيم علي الإمام











القرّاء وفرض التحکيم علي الإمام



ممّا يؤسف له أنّ هؤلاء القرّاء بماضيهم المعروف قد خدعتهم- وهم في جيش الإمام عليه السلام- المکائد الخفيّة لمعاوية وعمرو بن العاص وعملائهما، بسبب تطرّفهم، وإفراطهم أو تعمّقهم علي حدّ تعبير النبيّ صلي الله عليه و آله، ففرضوا التحکيم علي الإمام عليه السلام.

لقد احتال ابن العاص وسوّل للجيش مکيدته في وقتٍ أوشک أن يُطوي فيه

[صفحه 267]

ملفّ الشام إلي الأبد، وتستريح الاُمّة من هذه الفتنة العمياء السوداء، وأمر برفع المصاحف علي الرماح دلالةً علي الکفّ عن القتال، وأمارةً علي تحکيم کتاب اللَّه فيه، فاتّخذ اُولئک القرّاء موقفهم المُشين المشهور، وهم المعروفون بسطحيّتهم ونظرهم إلي ظاهر الاُمور لا باطنها، ولم يروا وجه الحيلة، فأجبروا الإمام عليه السلام علي قبول التحکيم، والإمساک عن القتال تعظيماً لحرمة القرآن بزعمهم، وأکرهوه علي ذلک بالرغم من معارضته عليه السلام ومعه الخاصّة من أصحابه، وهدّدوه بالقتل عند الرفض، ولم يکن له عليه السلام سبيل إلّا الاستجابة لذلک المنطق المتعسّف الخاوي الجهول؛ لما کان لهم من تغلغل ونفوذ في جيشه، وقَبِل الإمام عليه السلام اقتراحهم، فاستدعي «مالکاً» الذي کان قد تقدّم في المعرکة واقترب من فسطاط معاوية. وهکذا انطلت الخديعة، وواجهت حکومة الإمام عليه السلام مشکلة جدّية.



صفحه 267.