نقض العهد











نقض العهد



ولو افترضنا أنّ الإمام قد اعترف بخطأ؛ فإنّ الخوارج کان لديهم طلب آخر؛ وهو نقض الوثيقة بين جيش الشام والکوفة. بينما کان الإمام يري أنّ التمسّک

[صفحه 253]

بالمواثيق يعدّ واحداً من المبادئ الدوليّة في الإسلام، ولا ينبغي أن ينقض المواثيق تحت أيّة ذريعة کانت. ومن هنا فقد کتب في عهده إلي مالک الأشتر:

«وإن عقدتَ بينک وبين عدوّک عُقدة أو ألبستَه منک ذمّة، فحُطْ عهدک بالوفاء، وارْعَ ذمّتک بالأمانة، واجعل نفسک جُنّة دون ما أعطيت؛ فإنّه ليس من فرائض اللَّه شي ءٌ الناسُ أشدُّ عليه اجتماعاً، مع تفرّق أهوائهم وتشتّت آرائهم، من تعظيم الوفاء بالعهود. وقد لزم ذلک المشرکون فيما بينهم دون المسلمين لما استَوبَلوا من عواقب الغدر؛ فلا تغدرنَّ بذمّتک، ولا تَخِيسَنّ بعهدک، ولا تَخْتِلنّ عدوّک؛ فإنّه لا يجترئ علي اللَّه إلّا جاهل شقيّ. وقد جعل اللَّه عهده وذمّته أمناً أفضاه بين العباد برحمته، وحريماً يسکنون إلي مَنَعته، ويستفيضون إلي جواره؛ فلا إدغالَ ولا مدالسة ولا خداع فيه».[1] .

فإذا کان الإمام عليّ عليه السلام ينقض هذا المبدأ الإسلامي الأساسي، فما عسانا أن نتوقّع من غيره!



صفحه 253.





  1. نهج البلاغة: الکتاب 53.