لماذا أبوموسي؟











لماذا أبوموسي؟



تفيد بعض الوثائق التاريخيّة أنّ أباموسي الأشعري کان رجلاً منافقاً؛ فقد نُسب إلي حذيفة وعمّار بن ياسر القول بذلک.[1] وهذا الادّعاء حتّي لو افترضناه غير صحيح، إلّا أنّ من المسلّم به أنّه کان رجلاً ساذجاً ومغفّلاً وکان مناهضاً لسياسة الإمام في التصدّي الحاسم لمثيري الفتنة الداخليّة. وموقفه هذا هو الذي جعله يثبّط الناس عن أميرالمؤمنين عند قدومه البصرة، ويحثّهم علي لزوم بيوتهم، وفي نهاية الأمر أرغمه مالک الأشتر علي مغادرة قصر الإمارة.

وهنا يتبادر إلي الأذهان هذا السؤال وهو: لماذا عيّن الإمام شخصاً ساذجاً له کهذا، مندوباً عنه في أمر التحکيم؟ ألم يعلم بما ستکون عليه نتيجة التحکيم فيما لو دخل أبوموسي فيه؟

والجواب هو: بلي، إنّ الإمام کان يعلم بالنتيجة؛ فقد ذکر عبد اللَّه بن أبي رافع کاتب الإمام عليّ عليه السلام بأنّ أباموسي عندما أراد المسير إلي التحکيم، قال أميرالمؤمنين عليه السلام: «کأنّي به وقد خُدِع!»، غير أنّ الضغوط التي أرغمت الإمام علي قبول التحکيم هي نفسها التي أرغمته علي إرسال أبي موسي ممثّلاً عنه.

ومع أنّ الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام حاول أن يبعث عبد اللَّه بن عبّاس أو مالکاً الأشتر حکماً، إلّا أنّ محاولاته لم تُجْد نفعاً!

فقال عليه السلام: «إنّکم عصيتموني في أوّل الأمر؛ فلا تعصوني الآن! إنّي لا أري أن

[صفحه 248]

اُولّي أباموسي».

فقال الأشعث وزيد بن الحصين الطائي ومسعر بن فدکي: لا نرضي إلّا به؛ فإنّه ما کان يحذّرنا منه وقعنا فيه!

فقال عليّ عليه السلام: «فإنّه ليس لي به ثقة؛ قد فارقني وخذّل الناس عنّي، ثمّ هرب منّي حتّي آنسته بعد شهر...».

ولم يستطع الإمام أن يثنيهم عن رأيهم، فقال لهم في نهاية الأمر: «فاصنعوا ما أردتم!».



صفحه 248.





  1. راجع: القسم السادس عشر: أبوموسي الأشعري.