راي الحَكَمين











راي الحَکَمين



2624- تاريخ الطبري عن أبي جناب الکلبي: إنّ عمراً وأباموسي حيث التقيا بدومة الجندل، أخذ عمرو يقدّم أباموسي في الکلام، يقول: إنّک صاحب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وأنت أسنّ مني، فتکلَّمْ وأتکلَّمُ؛ فکان عمرو قد عوّد أباموسي أن يقدّمه في کلّ شي ء، اغتزي بذلک کله أن يقدّمه، فيبدأ بخلع عليّ. قال: فنظر في أمرهما وما اجتمعا عليه، فأراده عمرو علي معاوية فأبي، وأراده علي ابنه فأبي، وأرادموسي عمراً علي عبد اللَّه بن عمر فأبي عليه، فقال له عمرو: خبّرني ما رأيک؟ قال: رأيي أن نخلع هذين الرجلين، ونجعل الأمر شوري بين المسلمين،

[صفحه 242]

فيختار المسلمون لأنفسهم مَن أحبّوا. فقال له عمرو: فإنّ الرأي ما رأيت.

فأقبَلا إلي الناس وهم مجتمعون، فقال: يا أباموسي، أعلِمْهم بأنّ رأينا قد اجتمع واتّفق، فتکلّم أبوموسي فقال: إنّ رأيي ورأي عمرو قد اتّفق علي أمر نرجو أن يُصلِح اللَّه عزّ وجلّ به أمرَ هذه الاُمة. فقال عمرو: صدق وبرّ، يا أباموسي! تقدّم فتکلّم، فتقدّم أبوموسي ليتکلّم، فقال له ابنُ عبّاس: وَيْحَک! واللَّه إنّي لأظنّه قد خدعک. إن کنتما قد اتّفقتما علي أمر؛ فقدّمْه فليتکلّم بذلک الأمر قبلک، ثمّ تکلّم أنت بعده؛ فإنّ عمراً رجل غادر، ولا آمن أن يکون قد أعطاک الرضي فيما بينک وبينه، فإذا قمت في الناس خالفک- وکان أبوموسي مغفّلاً- فقال له: إنّا قد اتّفقنا. فتقدّم أبوموسي فحمد اللَّه عزّ وجلّ وأثني عليه، ثمّ قال:

أيّها الناس! إنّا قد نظرنا في أمر هذه الاُمة فلم نَرَ أصلح لأمرها ، ولا ألمّ لشعثها من أمرٍ قد أجمع رأيي ورأي عمرو عليه؛ وهو أن نخلع عليّاً ومعاوية، وتستقبل هذه الاُمّة هذا الأمر؛ فيولّوا منهم مَنْ أحبّوا عليهم، وإنّي قد خلعت عليّاً ومعاوية، فاستقبلوا أمرکم، وولّوا عليکم من رأيتموه لهذا الأمر أهلاً. ثمّ تنحّي.

وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه، فحمد اللَّهَ وأثني عليه وقال: إنّ هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه کما خلعه، واُثبتُ صاحبي معاوية؛ فإنّه وليّ عثمان بن عفّان، والطالب بدمه، وأحقّ الناس بمقامه.

فقال أبوموسي: ما لک لا وفّقک اللَّه! غدرتَ وفجرتَ! إنّما مَثَلک «کَمَثَلِ الْکَلْبِ إن تَحمِل عليه يَلْهَثْ أو تترکه يَلْهث».[1] قال عمرو: إنّما مَثَلک «کَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ

[صفحه 243]

أَسْفَارَم ا».[2] وحَمَل شُرَيح بن هانئ علي عَمرو فقنّعه بالسوط، وحَمَل علي شُرَيح ابنٌ لعَمرو فضربه بالسوط، وقام الناس فحجزوا بينهم. وکان شُريح بعد ذلک يقول: ما ندمتُ علي شي ء ندامتي علي ضرب عَمرو بالسوط ألّا أکون ضربته بالسيف آتياً به الدهرُ ما أتي. والتمس أهلُ الشام أباموسي، فرکب راحلتَه ولحق بمکّة.

قال ابن عبّاس: قبّح اللَّه رأي أبي موسي! حذّرته وأمرْته بالرأي فما عَقَل. فکان أبوموسي يقول: حذّرني ابنُ عبّاس غَدْرة الفاسق، ولکنّي اطمأننت إليه، وظننت أنّه لن يؤثِر شيئاً علي نصيحة الاُمّة. ثمّ انصرف عمرو وأهل الشام إلي معاوية، وسلّموا عليه بالخلافة، ورجع ابن عبّاس وشريح بن هانئ إلي عليّ.[3] .

2625- تاريخ اليعقوبي: تنادي الناس: حَکَم واللَّه الحَکَمان بغير ما في الکتاب والشرط عليهما غير هذا. وتضارب القوم بالسياط، وأخذ قوم بشعور بعض، وافترق الناس.

ونادت الخوارج: کَفَر الحَکَمان، لا حُکْم إلّا للَّه.[4] .



صفحه 242، 243.





  1. الأعراف: 176.
  2. الجمعة: 5.
  3. تاريخ الطبري: 70:5، الکامل في التاريخ: 396:2، الأخبار الطوال: 199 تا 201 کلاهما نحوه؛ وقعة صفّين: 544 تا 546 وراجع الفتوح: 214:4 والإمامة والسياسة: 156:1 وتاريخ اليعقوبي: 190:2.
  4. تاريخ اليعقوبي: 190:2.