وصيّة الأحنف بن قيس لأبي موسي
ثمّ أراد أن يبور[1] ما في نفسه لعليّ فقال له: فإن لم يستقم لک عمرو علي [صفحه 236] الرضي بعليّ فخيّره أن يختار أهلُ العراق من قريش الشام مَن شاؤوا؛ فإنّهم يولّونا الخيار؛ فنختار من نريد، وإن أبَوا فليختر أهلُ الشام من قريش العراق مَن شاؤوا، فإن فعلوا کان الأمر فينا. قال أبوموسي: قد سمعت ما قلت. ولم يتحاشَ لقول الأحنف. قال: فرجع الأحنف فأتي عليّاً فقال: يا أميرالمؤمنين! أخرجَ واللَّه أبوموسي زبدة سقائه في أوّل مخضه، لا أرانا إلّا بعثنا رجلاً لا يُنکِر خلعک. فقال عليّ: يا أحنف! إنّ اللَّه غالب علي أمره. قال: فمن ذلک نجزع يا أميرالمؤمنين. وفشا أمر الأحنف وأبي موسي في الناس.[2] .
2616- وقعة صفّين عن الجرجاني: کان آخر من ودّع أباموسي الأحنف بن قيس، أخذ بيده ثمّ قال له: يا أباموسي! اعرفْ خطب هذا الأمر، واعلمْ أنّ له ما بعده، وأنّک إن أضعت العراق فلا عراق. فاتّقِ اللَّه؛ فإنّها تجمع لک دنياک وآخرتک، وإذا لقيت عمراً غداً فلا تبدأه بالسلام؛ فإنّها وإن کانت سنّة إلّا أنّه ليس من أهلها، ولا تعطِه يدک؛ فإنّها أمانة، وإيّاک أن يُقعدک علي صدر الفراش؛ فإنّها خدعة، ولا تَلْقَه وحده، واحذر أن يکلّمک في بيت فيه مُخْدَع تُخَبّأ فيه الرجال والشهود.
صفحه 236.