وصيّة شريح بن هاني لأبي موسي











وصيّة شريح بن هاني لأبي موسي



2615- وقعة صفّين عن الجرجاني: لمّا أراد أبوموسي المسير قام شريح، فأخذ بيد أبي موسي فقال:

يا أباموسي! إنّک قد نُصبت لأمر عظيم لا يُجبر صدعُه، ولا يستقال فتقُه، ومهما تقُل شيئاً لک أو عليک يثبت حقّه ويُرَ صحّته وإن کان باطلاً.

وإنّه لا بقاء لأهل العراق إن ملکها معاوية، ولا بأس علي أهل الشام إن ملکها عليّ.

وقد کانت منک تثبيطةٌ أيّام قدمت الکوفة؛ فإن تشفعها بمثلها يکن الظنّ بک يقيناً، والرجاء منک يأساً، وقال شريح في ذلک:


أباموسي رُميتَ بشرّ خصمٍ
فلا تُضعِ العراق فدتک نفسي!


وأعطِ الحقَّ شامَهمُ وخذْهُ
فإنّ اليوم في مَهَل کأمسِ


وإنّ غداً يجي ء بما عليه
يدور الأمر من سعد ونحسِ


ولا يخدِعْک عمرٌو إنّ عمراً
عدوّ اللَّه مطلع کلّ شمسِ


له خدعٌ يحار العقل فيها
مموّهة مزخرفة بلَبسِ

[صفحه 235]

فلا تجعل معاوية بن حربٍ
کشيخٍ في الحوادث غير نکسِ


هداه اللَّه للإسلام فرداً
سوي بنت النبيّ، وأيُّ عِرسِ


فقال أبوموسي: ما ينبغي لقوم اتّهموني أن يُرسلوني لأدفع عنهم باطلاً أو أجرّ إليهم حقّاً...و سار مع عمرو بن العاص شرحبيلُ بن السمط الکندي في خيل عظيمة، حتي إذا أمن عليه خيل أهل العراق ودّعه، ثمّ قال: يا عمرو! إنّک رجل قريش، وإنّ معاوية لم يبعثک إلّا ثقة بک، وإنّک لن تؤتي من عجز ولا مکيدة، وقد عرفتَ أن وطّأتُ هذا الأمر لک ولصاحبک، فکُن عند ظنّنا بک.

ثمّ انصرف، وانصرف شريح بن هانئ حين أمن أهل الشام علي أبي موسي، وودّعه هو ووجوه الناس.[1] .



صفحه 235.





  1. وقعة صفّين: 534 تا 536؛ الفتوح: 207:4 نحوه وراجع الإمامة والسياسة: 153:1 تا 155.