وصيّة ابن عبّاس لأبي موسي











وصيّة ابن عبّاس لأبي موسي



2613- مروج الذهب: وفي سنة ثمان وثلاثين کان التقاء الحکمين بدومة الجندل وقيل بغيرها، علي ما قدّمنا من وصف التنازع في ذلک، وبعث عليٌّ بعبد اللَّه بن العبّاس، وشريح بن هاني الهمداني في أربعمائة رجل فيهم أبوموسي

[صفحه 233]

الأشعري، وبعث معاوية بعمرو بن العاص ومعه شرحبيل بن السمط في أربعمائة، فلمّا تداني القوم من الموضع الذي کان فيه الاجتماع قال ابن عبّاس لأبي موسي:

إنّ عليّاً لم يرضَ بک حکماً لفضل عندک، والمتقدّمون عليک کثير، وإنّ الناس أبَوا غيرک، وإنّي لأظنّ ذلک لشرّ يُراد بهم، وقد ضُمّ داهية العرب معک.

إن نسيت فلا تنسَ أنّ عليّاً بايعه الذين بايعوا أبابکر وعمر وعثمان، وليس فيه خصلة تباعده من الخلافة، وليس في معاوية خصلة تقرّبه من الخلافة.[1] .

2614- شرح نهج البلاغة: لمّا أجمع أهل العراق علي طلب أبي موسي، وأحضروه للتحکيم علي کره من عليّ عليه السلام، أتاه عبد اللَّه بن العبّاس، وعنده وجوه الناس وأشرافهم، فقال له:

يا أباموسي! إنّ الناس لم يرضوا بک، ولم يجتمعوا عليک لفضل لا تشارَک فيه، وما أکثر أشباهک من المهاجرين والأنصار والمتقدّمين قبلک، ولکنّ أهل العراق أبَوا إلّا أن يکون الحَکَم يمانيّاً، ورأوا أنّ معظم أهل الشام يمانٍ، وايمُ اللَّه إنّي لأظنّ ذلک شرّاً لک ولنا؛ فإنّه قد ضُمّ إليک داهية العرب، وليس في معاوية خلّة يستحقّ بها الخلافة، فإن تقذف بحقّک علي باطله تدرک حاجتک منه، وإن يطمع باطله في حقّک يدرک حاجته منک.

واعلم يا أباموسي أنّ معاوية طليق الإسلام، وإنّ أباه رأس الأحزاب، وأنّه يدّعي الخلافة من غير مشورة ولا بيعة؛ فإن زعم لک أنّ عمر وعثمان استعملاه فلقد صدق؛ استعمله عمر؛ وهو الوالي عليه بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي، ويُوْجِره ما يکره، ثمّ استعمله عثمان برأي عمر، وما أکثر من استعملا ممّن لم

[صفحه 234]

يدّعِ الخلافة.

واعلم أنّ لعمرو مع کلّ شي ء يسرّک خبيئاً يسوؤک ومهما نسيت فلا تنسَ أنّ عليّاً بايعه القوم الذين بايعوا أبابکر وعمر وعثمان، وإنّها بيعة هدي وأنّه لم يقاتل إلّا العاصين والناکثين.[2] .



صفحه 233، 234.





  1. مروج الذهب: 406:2.
  2. شرح نهج البلاغة: 246:2، ينابيع المودّة: 22:2؛ بحارالأنوار: 553:298:33.