وثيقة التحكيم











وثيقة التحکيم



2595- الأمالي للطوسي عن جندب: لمّا وقع الاتّفاق علي کتب القضية بين أميرالمؤمنين عليه السلام وبين معاوية بن أبي سفيان، حضر عمرو بن العاص في رجال من أهل الشام وعبد اللَّه بن عبّاس في رجال من أهل العراق.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام للکاتب: اکتب: هذا ما تقاضي عليه أميرالمؤمنين

[صفحه 207]

عليّ ابن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.

فقال عمرو بن العاص: اکتب اسمه واسم أبيه ولا تسمّه بإمرة المؤمنين، فإنّما هو أميرهؤلاء وليس بأميرنا.

فقال الأحنف بن قيس: لا تمح هذا الاسم فإنّي أتخوّف إن محوته لا يرجع إليک أبداً.

فامتنع أميرالمؤمنين عليه السلام من محوه، فتراجع الخطاب فيه مليّاً من النهار، فقال الأشعث بن قيس: امحُ هذا الاسم ترَحه اللَّه.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: اللَّه أکبر! سُنّة بسُنّة ومثل بمثل، واللَّه، إنّي لکاتب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم الحديبيّة وقد أملي عليَّ: هذا ما قاضي عليه محمّد رسول اللَّه سهيل بن عمر، فقال له سهيل: امحُ رسول اللَّه فإنّا لا نقرّ لک بذلک، ولا نشهد لک به، اکتب اسمک واسم أبيک، فامتنعتُ من محوه فقال النبيّ صلي الله عليه و آله:

امحه يا عليّ! وستُدعي إلي مثلها فتجيب، وأنت علي مضض.

فقال عمرو بن العاص: سبحان اللَّه! ومثل هذا يُشبّه بذلک ونحن مؤمنون، واُولئک کانوا کفّاراً!

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: يابن النابغة! ومتي لم تکن للفاسقين وليّاً وللمسلمين عدوّاً، وهل تشبه إلّا اُمّک التي دفعت بک؟

فقال عمرو: لا جرم، لا يجمع بيني وبينک مجلس أبداً.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: واللَّه، إنّي لأرجو أن يُطهّر اللَّه مجلسي منک ومن أشباهک.

[صفحه 208]

ثمّ کتب الکتاب وانصرف الناس.[1] .

2596- تاريخ الطبري عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه- في ذکر ما احتوت عليه وثيقة التحکيم-: وثيقة التحکيم هي ما يلي:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

هذا ما تقاضي عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضي عليّ علي أهل الکوفة ومن معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضي معاوية علي أهل الشام ومن کان معهم من المؤمنين والمسلمين، إنّا ننزل عند حکم اللَّه عزّ وجلّ وکتابه، ولا يجمع بيننا غيره، وإنّ کتاب اللَّه عزّ وجلّ بيننا من فاتحته إلي خاتمته، نُحيي ما أحيا، ونميت ما أمات.

فما وجد الحکمان في کتاب اللَّه عزّ وجلّ- وهما أبوموسي الأشعري عبد اللَّه بن قيس، وعمرو بن العاص القرشي- عملا به، وما لم يجدا في کتاب اللَّه عزّ وجلّ فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة.

وأخذ الحکمان من عليّ ومعاوية ومن الجندين من العهود والميثاق، والثقة من الناس، أنّهما آمنان علي أنفسهما وأهلهما، والاُمّة لهما أنصار علي الذي يتقاضيان عليه.

وعلي المؤمنين والمسلمين من الطائفتين کلتيهما عهد اللَّه وميثاقه أنّا علي ما في هذه الصحيفة، وأن قد وجبت قضيّتهما علي المؤمنين، فإنّ الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا علي أنفسهم وأهليهم وأموالهم، وشاهدهم وغائبهم.

[صفحه 209]

وعلي عبد اللَّه بن قيس وعمرو بن العاص عهد اللَّه وميثاقه أن يحکما بين هذه الاُمّة، ولا يَرُدّاها في حرب ولا فرقة حتي يُعصيا، وأجلُ القضاء إلي رمضان. وإن أحبّا أن يؤخّرا ذلک أخّراه علي تراضٍ منهما، وإن توفِّي أحد الحکمين فإنّ أميرالشيعة يختار مکانه، ولا يألو من أهل المَعدلة والقسط.

وإنّ مکان قضيّتهما الذي يقضيان فيه مکانٌ عدلٌ بين أهل الکوفة وأهل الشام، وإن رضيا وأحبّا فلا يحضرهما فيه إلّا من أرادا، ويأخذ الحکمان من أرادا من الشهود، ثمّ يکتبان شهادتهما علي ما في هذه الصحيفة، وهم أنصار علي من ترک ما في هذه الصحيفة، وأراد فيه إلحاداً وظلماً.

اللهمّ! إنّا نستنصرک علي من ترک ما في هذه الصحيفة.[2] .

2597- شرح نهج البلاغة عن أبي إسحاق الشيباني: قرأت کتاب الصلح عند سعيد بن أبي بُردة في صحيفة صفراء عليها خاتمان خاتم من أسفلها وخاتم من أعلاها علي خاتم عليّ عليه السلام «محمّد رسول اللَّه» وعلي خاتم معاوية «محمّد رسول اللَّه» وقيل لعليّ عليه السلام حين أراد أن يکتب الکتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام:أتقرّ أنّهم مؤمنون مسلمون؟

فقال عليّ عليه السلام: ما أقرّ لمعاوية ولا لأصحابه أنّهم مؤمنون ولا مسلمون، ولکن يکتب معاوية ما شاء بما شاء ويقرّ بما شاء لنفسه ولأصحابه، ويسمّي نفسه بما شاء وأصحابه.[3] .

2598- تاريخ الطبري عن فضيل بن خديج الکندي- في وثيقة التحکيم-: کان

[صفحه 210]

الکتاب في صفر والأجل رمضان إلي ثمانية أشهر، إلي أن يلتقي الحکمان. ثمّ إنّ الناس دفنوا قتلاهم، وأمر عليّ الأعور فنادي في الناس بالرحيل.[4] .

2599- تاريخ الطبري عن أبي جعفر: کتب کتاب القضيّة بين عليّ ومعاوية يوم الأربعاء لثلاث عشرة خلت من صفر سنة سبع وثلاثين من الهجرة علي أن يوافي عليّ ومعاوية موضع الحکمين بدومة الجندل في شهر رمضان.[5] .



صفحه 207، 208، 209، 210.





  1. الأمالي للطوسي: 315:187، وقعة صفّين: 508؛ تاريخ الطبري: 52:5، الکامل في التاريخ: 388:2 کلّها نحوه وراجع الإمامة والسياسة: 151:1 والأخبار الطوال: 194 والفتوح: 201:4.
  2. تاريخ الطبري: 53:5، الأخبار الطوال: 194، الکامل في التاريخ: 388:2، الإمامة والسياسة: 152:1، الفتوح: 204:4؛ وقعة صفّين: 510 و ص 504، شرح الأخبار: 135:2 کلّها نحوه.
  3. شرح نهج البلاغة: 233:2، ينابيع المودّة: 19:2؛ وقعة صفّين: 509.
  4. تاريخ الطبري: 59:5، أنساب الأشراف: 111:3 وفيه إلي «قتلاهم».
  5. تاريخ الطبري: 56:5، الکامل في التاريخ: 389:2، البداية والنهاية: 277:7 وراجع وقعة صفّين: 507 و ص 511.