ضرب عبداللَّه بن مسعود وتسييره











ضرب عبداللَّه بن مسعود وتسييره



1168- تاريخ المدينة عن إسماعيل بن أبي خالد: إنّ الوليد بن عقبة کتب إلي عثمان يبغضه علي ابن مسعود، وأنّ عثمان سيّره من الکوفة إلي المدينة، وحرمه عطاءه ثلاث سنين[1] .

1169- تاريخ المدينة عن إسماعيل بن أبي خالد: لمّا بلغ عثمان أنّ عبداللَّه مريض حمل إليه عطاءه خمسة عشر ألفاً، وکان عطاء البدريّين خمسة آلاف، فدخل عليه عثمان فقال: کيف تجدک؟ قال: مردود إلي مولاي الحقّ. قال: يرحمک اللَّه، کأنّها ظِنّة، هذا عطاؤک خمسة عشر ألفاً فاقبضه. قال: منعتنيه إذ کان ينفعني! فأنا آخذه منک يوم القيامة. فانصرف ولم يقبل عطاءه[2] .

1170- أنساب الأشراف عن أبي مخنف وعوانة: أنّ عبداللَّه بن مسعود حين ألقي مفاتيح بيت المال إلي الوليد بن عقبة قال: من غيّر غيّر اللَّه ما به، ومن بدّل أسخط اللَّه عليه، وما أري صاحبکم إلّا وقد غيّر وبدّل، أيُعزل مثل سعد بن أبي وقّاص ويولّي الوليد؟ وکان يتکلّم بکلام لا يدعه وهو: إنّ أصدق القول کتاب اللَّه، وأحسن الهدي هدي محمّد صلي الله عليه و آله، وشرّ الاُمور محدثاتها، وکلّ محدث

[صفحه 188]

بدعة، وکلّ بدعة ضلالة، وکلّ ضلالة في النار.

فکتب الوليد إلي عثمان بذلک وقال: إنّه يعيبک ويطعن عليک، فکتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه، وشيّعه أهلُ الکوفة، فأوصاهم بتقوي اللَّه ولزوم القرآن، فقالوا له: جُزِيْتَ خيراً؛ فلقد علّمت جاهلنا، وثبّتّ عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقّهتنا في الدين، فنعم أخو الإسلام أنت ونعم الخليل، ثمّ ودّعوه وانصرفوا.

وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب علي منبر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فلمّا رآه قال: ألا إنّه قدمت عليکم دويبة سوء، مَن تَمْشِ علي طعامه يقئ ويسْلَحْ[3] .

فقال ابن مسعود: لستُ کذلک، ولکنّي صاحب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم بدر، ويوم بيعة الرضوان.

ونادت عائشة: أي عثمان! أتقول هذا لصاحب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟ ثمّ أمر عثمان به فاُخرج من المسجد إخراجاً عنيفاً، وضرب به عبدُ اللَّه بن زمعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العُزّي بن قُصَي الأرض، ويقال: بل احتمله يحموم غلام عثمان ورِجلاه تختلفان علي عنقه، حتي ضرب به الأرض، فدقّ ضِلْعه. فقال عليّ: يا عثمان! أتفعل هذا بصاحب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بقول الوليد بن عقبة؟

فقال: ما بقول الوليد فعلتُ هذا، ولکن وجّهت زُبيد بن الصلت الکندي إلي الکوفة،فقال له ابن مسعود: إنّ دم عثمان حلال.

فقال عليّ: أحَلْتَ من زبيد علي غير ثقة... وقام عليّ بأمر ابن مسعود حتي

[صفحه 189]

أتي به منزله، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلي ناحية من النواحي، وأراد حين برئ الغزوَ، فمنعه من ذلک،

وقال له مروان: إنّ ابن مسعود أفسد عليک العراق، أفتريد أن يُفسد عليک الشام؟فلم يبرح المدينة حتي تُوفّي قبل مقتل عثمان بسنتين، وکان مقيماً بالمدينة ثلاث سنين. وقال قوم: إنّه کان نازلاً علي سعد بن أبي وقّاص.

ولمّا مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائداً فقال: ما تشتکي؟ قال: ذنوبي.

قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربّي.

قال: ألا أدعو لک طبيباً؟ قال: الطبيب أمرضني.

قال: أفلا آمر لک بعطائک؟ قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا مستغنٍ عنه؟

قال: يکون لولدک، قال: رزقهم علي اللَّه.

قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن. قال: أسأل اللَّه أن يأخذ لي منک بحقّي. وأوصي أن لا يصلّي عليه عثمان، فدُفن بالبقيع وعثمان لا يعلم، فلمّا علم غضب وقال: سبقتموني به؟! فقال له عمّار بن ياسر: إنّه أوصي أن لا تصلّي عليه؛ وقال الزبير:


لأعرفنّک بعد الموت تندُبُني
وفي حياتيَ ما زوَّدتني زادي[4] .

[صفحه 190]



صفحه 188، 189، 190.





  1. تاريخ المدينة: 1049:3.
  2. تاريخ المدينة: 1051:3.
  3. السُّلاح: النَّجْو [أي الغائط]، وقد سَلَحَ الرجُل يَسْلَح سَلْحاً (تاج العروس: 92:4).
  4. أنساب الأشراف: 146:6 وراجع شرح نهج البلاغة: 42:3 والشافي: 279:4.