العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبي لؤلؤة
قال عمر: ما أدري ما هذا! انظروا إذا أنا متّ فاسألوا عبيد اللَّه البيّنة عن الهرمزان هو قتلني؛ فإن أقام البيّنة فدمه بدمي، وإن لم يُقِم البيّنة فأقيدوا[2] عبيد اللَّه من الهرمزان. فلمّا ولّي عثمان، قيل له: ألا تُمضي وصيّة عمر في عبيد اللَّه؟ قال: ومَن وليّ الهرمزان؟ قالوا: أنت يا أميرالمؤمنين! فقال: فقد عفوت من[3] عبيد اللَّه بن عمر[4] . 1154- تاريخ اليعقوبي: وثب ابنه عبيد اللَّه [بن عمر] فقتل أبا لؤلؤة وابنته [صفحه 168] وامرأته، واغترّ الهرمزان فقتله. وکان عبيد اللَّه يحدّث أنّه تبعه، فلمّا أحسّ الهرمزان بالسيف قال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً رسول اللَّه. وروي بعضهم أن عمر أوصي أن يُقاد عبيد اللَّه بالهرمزان، وأن عثمان أراد ذلک، وقد کان- قبل أن يلي الأمر- أشدّ مَن خلق اللَّه علي عبيد اللَّه، حتي جرّ بشعره، وقال: يا عدوّ اللَّه، قتلتَ رجلاً مسلماً، وصبيّة طفلة، وامرأة لا ذنب لها! قتلني اللَّه إن لم أقتلک!! فلمّا وُلّي ردّه إلي عمرو بن العاص. وروي بعضهم عن عبداللَّه بن عمر أنّه قال: يغفر اللَّه لحفصة! فإنّها شجّعت عبيد اللَّه علي قتلهم[5] . 1155- أنساب الأشراف عن غياث بن إبراهيم- في ذکر خُطبة عثمان في أوّل خلافته-: إنّ عثمان صعد المنبر فقال: أيّها الناس! إنّا لم نکن خطباء، وإن نَعِشْ تأتِکم الخطبة علي وجهها إن شاء اللَّه، وقد کان من قضاء اللَّه أنّ عبيد اللَّه بن عمر أصاب الهرمزان، وکان الهرمزان من المسلمين، ولا وارثَ له إلّا المسلمون عامّةً، وأنا إمامکم، وقد عفوتُ، أفتعفون؟ قالوا: نعم. فقال عليّ: أقِد الفاسقَ؛ فإنّه أتي عظيماً؛ قتل مسلماً بلا ذنب. وقال لعبيد اللَّه: يا فاسق! لئن ظفرت بک يوماً لأقتلنّک بالهرمزان[6] . 1156- الطبقات الکبري عن المطّلب بن عبداللَّه بن حنطب: قال عليٌّ لعبيد اللَّه بن عمر: ما ذنبُ بنة أبي لؤلؤة حين قتلتها؟! [صفحه 169] قال: فکان رأي عليٍّ- حين استشاره عثمان- ورأي الأکابر من أصحاب رسول اللَّه علي قتله، لکنّ عمرو بن العاص کلَّم عثمان حتي ترکه. فکان عليٌّ يقول: لو قدرتُ علي عبيد اللَّه بن عمر ولي سلطانٌ لاقتصصتُ منه[7] . 1157- تاريخ اليعقوبي: أکثرَ الناسُ في دم الهرمزان، وإمساک عثمان عبيدَ اللَّه ابن عمر. فصعد عثمان المنبر، فخطب الناس، ثمّ قال: ألا إنّي وليّ دم الهرمزان، وقد وهبته للَّه ولعمر، وترکته لدم عمر. فقام المقداد بن عمرو فقال: إنّ الهرمزان مولي للَّه ولرسوله، وليس لک أن تهب ما کان للَّه ولرسوله! قال: فننظر، وتنظرون. ثمّ أخرج عثمان، عبيدَ اللَّه بن عمر من المدينة إلي الکوفة، وأنزله داراً[8] . 1158- تاريخ الطبري: جلس عثمان في جانب المسجد، ودعا بعبيد اللَّه بن عمر وکان محبوساً في دار سعد بن أبي وقاص، وهو الذي نزع السيف من يده بعد قتله جُفينة والهرمزان وبنة أبي لؤلؤة؛ وکان يقول: واللَّه لأقتلنّ رجالاً ممّن شرک في دم أبي- يعرّض بالمهاجرين والأنصار- فقام إليه سعد ، فنزع السيف من يده، وجذب شعره حتي أضجعه إلي الأرض، وحبسه في داره، حتي أخرجه عثمان إليه. فقال عثمان لجماعة من المهاجرين والأنصار: أشيروا عليَّ في هذا [صفحه 170] الذي فتق في الإسلام ما فتَق! فقال عليّ: أري أن تقتله. فقال بعض المهاجرين: قُتل عمر أمسِ، ويُقتل ابنه اليوم! فقال عمرو بن العاص: يا أميرالمؤمنين، إنّ اللَّه قد أعفاک أن يکون هذا الحدَث کان ولک علي المسلمين سلطان؛ إنّما کان هذا الحدَث ولا سلطان لک! قال عثمان: أنا وليّهم، وقد جعلتها دية، واحتملتها في مالي. قال: وکان رجل من الأنصار يقال له: زياد بن لبيد البيّاضي إذا رأي عبيد اللَّه ابن عمر، قال: ألا يا عُبيدَ اللَّه مالکَ مَهربٌ أصبْتَ دماً واللَّهِ في غيرِ حِلّهِ علي غيرِ شي ءٍ غيرَ أن قال قائلٌ فقال سَفيهٌ والحوادثُ جَمَّةٌ وکان سلاحُ العبدِ في جوفِ بيتِهِ قال: فشکا عبيد اللَّه بن عمر إلي عثمان زيادَ بن لَبيد وشعره، فدعا عثمانُ زيادَ ابن لَبيد، فنهاه. قال: فأنشأ زياد يقول في عثمان: أبا عمروٍ عبيدُ اللَّه رَهْنٌ فإنّک إنْ غَفرْتَ الجرْمَ عنهُ أتَعْفُو إذ عَفَوتَ بغيرِ حَقٍّ فدعا عثمانُ زيادَ بن لبيد، فنهاه، وشَذّبَه[9] [10] . [صفحه 171]
1153- السنن الکبري عن عبداللَّه بن عبيد بن عمير: لمّا طُعن عمر، وثب عبيد اللَّه ابن عمر علي الهرمزان فقتله، فقيل لعمر: إنّ عبيد اللَّه بن عمر قتل الهرمزان! قال: ولِمَ قتله؟ قال: إنّه قتل أبي. قيل: وکيف ذاک؟ قال رأيته قبل ذلک مستخلياً[1] بأبي لؤلؤة، وهو أمره بقتل أبي.
ولا مَلْجَأٌ مِنْ إبن أرْوَي ولا خَفَرْ
حَراماً وقتلُ الهُرْمُزانِ له خَطَرْ
أتَتّهِمُونَ الهُرمزانَ علي عُمَرْ
نعم أتَّهِمْهُ قد أشارَ وقد أمَرْ
يُقَلّبها والأمرُ بالأمر يُعتَبرْ
فلا تَشْکُکْ بقَتْلِ الهُرمزَان
وأسبابُ الخَطا فَرَسا رِهانِ
فمالکَ بالذي تَحْکي يدانِ!
صفحه 168، 169، 170، 171.