موقف الإمام من قرار الشوري











موقف الإمام من قرار الشوري



1075- الإمام عليّ عليه السلام- من کلام له لمّا عزموا علي بيعة عثمان-: لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري، وواللَّهِ لأسلِمَنّ ما سلمت اُمور المسلمين، ولم يکن فيها جور إلّا عليَّ خاصّة؛ التماساً لأجر ذلک وفضله، وزهداً فيما تنافستموه من زُخرُفه وزِبرِجه[1] .

1076- عنه عليه السلام- في عمر وجعله الخلافة في ستّة أشخاص-: حتي إذا مضي لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم، فيا للَّه ولِلشوري! متي اعترض الريب فيَّ مع الأوّل منهم، حتي صرتُ اُقرن إلي هذه النظائر!![2] .

1077- تاريخ الطبري عن المِسوَر بن مخرمة عن الإمام عليّ عليه السلام- في خطبته في قضيّة الشوري-: الحمد للَّه الذي بعث محمّداً منّا نبيّاً، وبعثه إلينا رسولاً، فنحن

[صفحه 121]

بيت النبوّة، ومعدن الحکمة، وأمان أهل الأرض، ونجاة لمن طلب، لنا حقّ إن نُعطَه نأخذه، وإن نُمنَعه نرکب أعجاز الإبل ولو طال السُّري[3] ؛

لو عهد إلينا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عهداً لأنفذنا عهده، ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه حتي نموت.

لن يسرع أحد قبلي إلي دعوة حقّ وصلة رحم، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، اسمعوا کلامي، وعوا منطقي، عسي أن تروا هذا الأمر من بعد هذا المجمع تُنتضَي فيه السيوف، وتُخان فيه العهود؛ حتي تکونوا جماعة، ويکون بعضکم أئمّةً لأهل الضلالة، وشيعةً لأهل الجهالة، ثمّ أنشأ يقول:


فإن تکُ جاسمٌ هَلَکَتْ فإنِّي
بما فعلت بنو عبدِ بنِ ضخْمِ


مُطيعٌ في الهواجِرِ کلّ عَيّ
بصيرٌ بالنّوَي من کلّ نَجْمِ[4] .

1078- الإمام عليّ عليه السلام: لنا حقٌّ، فإنْ اُعطيناه، وإلّا رکبنا أعجاز الإبل، وإن طال السُّرَي[5] .

[صفحه 122]

1079- الإرشاد عن جُندب بن عبداللَّه: دخلتُ علي عليِّ بن أبي طالب بالمدينة بعد بيعة الناس لعثمان فوجدته مُطرِقاً کئيباً، فقلتُ له: ما أصاب قومک؟!

قال: صبرٌ جميلٌ.

فقلتُ له: سبحانَ اللَّه! واللَّهِ إنّک لصبورٌ.

قال: فأصنعُ ماذا؟!

فقلت: تقومُ في الناس، وتدعوهم إلي نفسک، وتخبرهم أنّک أولي بالنبيّ صلي الله عليه و آله بالفضل والسابقة، وتسألُهم النصرَ علي هؤلاء المتمالئين عليک،[6] فإن أجابک عشرةٌ من مائةٍ شَدَدْتَ بالعشرة علي المائة، فإن دانوا لک کان ذلک علي ما أحببْتَ، وإن أبوا قاتلتَهُم، فإن ظهرتَ عليهم فهو سلطان اللَّه الذي آتاهُ نبيّهُ عليه السلام وکنتَ أولي به منهم، وإن قُتلتَ في طلبه قُتلتَ شهيداً، وکنت أولي بالعذر عند اللَّه، وأحقَّ بميراث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.

فقال: أتراهُ- يا جُندبُ- يُبايعُني عشرةٌ من مائة؟!

قلت: أرجو ذلک.

قال: لکنّني لا أرجو ولا من کلِّ مائةٍ اثنين، وساُخبرک من أين ذلک، إنّما ينظر الناس إلي قريش، وإنّ قريشاً تقول: إنّ آل محمّدٍ يرونَ لهم فضلاً علي سائر الناس، وإنّهم أولياء الأمر دون قريش، وإنّهم إن وَلُوْهُ لم يخرجْ منهم هذا السلطان إلي أحدٍ أبداً، ومتي کان في غيرهم تداولتموه بينکم، ولا- واللَّهِ- لا تدفع قريشٌ إلينا هذا السلطان طائعين أبداً.

فقلت له: أفَلا أرجع فاُخبر الناس بمقالتک هذه، وأدعوهم إليک؟

[صفحه 123]

فقال لي: يا جُندبُ، ليس هذا زمان ذاک.

فرجعتُ بعد ذلک إلي العراق، فکنتُ کلّما ذکرتُ للناس شيئاً من فضائل عليّ بن أبي طالبٍ عليه السلام ومناقبه وحقوقه زَبرُوني ونَهَرُوني، حتي رُفِعَ ذلک من قولي إلي الوليد بن عقبة لياليَ وَلِيَنَا، فبعث إليّ فحبسني حتي کُلّمَ فيَّ فخلَّي سبيلي[7] .



صفحه 121، 122، 123.





  1. نهج البلاغة: الخطبة 74.
  2. نهج البلاغة: الخطبة 3، الإرشاد: 288:1، معاني الأخبار: 1:361، علل الشرائع: 12:151، الجمل: 126 وفيه «احتلج» بدل «اعترض»، الاحتجاج: 105:454:1 کلّها عن ابن عبّاس، المناقب لابن شهر آشوب: 205:2، نثر الدرّ: 275:1؛ تذکرة الخواصّ: 124 کلاهما نحوه.
  3. قال الشريف الرضي: وهذا من لطيف الکلام وفصيحه، ومعناه: أنّا إن لم نعطَ حقّنا کُنّا أذلّاء. وذلک أنّ الرديف يرکب عجُزَ البعير کالعبد والأسير ومن يجري مجراهما (نهج البلاغة: ذيل الحکمة 22).

    وقال ابن الأثير في النهاية: منه حديث عليّ: «لنا حقٌّ إن نُعطَهُ نأخذه، وإن نُمنَعه نرکب أعجاز الإبل وإن طال السُّرَي»، الرُّکوب علي أعجاز الإبل شاقٌّ: أي إن مُنعنا حقّنا رکبنا مرکب المشقّة صابرين عليها وإن طال الأمد.

    وقيل: ضَرَب أعجاز الإبل مثلاً لتأخُّره عن حَقِّه الذي کان يراه له وتقدُّم غيره عليه، وأنّه يَصبِر علي ذلک وإن طال أمَدُه: أي إن قُدِّمنا للإمامة تَقدّمنا، وإن اُخِّرنا صَبرنا علي الاُثرَة وإن طالت الأيّام (النهاية: 185:3).

  4. تاريخ الطبري:236:4، الکامل في التاريخ: 225:2 کلاهما عن المسور بن مخرمة.
  5. نهج البلاغة: الحکمة 22، المناقب لابن شهر آشوب: 274:1؛ تاريخ الطبري: 236:4، الکامل في التاريخ: 225:2 کلّها نحوه.
  6. المتمالئين عليک: أي الذين تساعدوا واجتمعوا وتعاونوا (النهاية: 353:4).
  7. الإرشاد: 241:1، الأمالي للطوسي: 415:234؛ شرح نهج البلاغة: 57:9 نحوه.