ما جري في الشوري











ما جري في الشوري



1059- صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون: لمّا فُرغ من دفنه [أي عمر ]اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمرکم إلي ثلاثة منکم.

فقال الزبير: قد جعلتُ أمري إلي عليّ، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلي عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلي عبد الرحمن بن عوف.

[صفحه 106]

فقال عبد الرحمن: أيّکما تبرّأ من هذا الأمر فنجعله إليه واللَّهُ عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم في نفسه؟ فاُسکِت الشيخان.

فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إليّ واللَّهُ عليَّ ألّا آلوَ عن أفضلکم؟ قالا: نعم. فأخذ بيد أحدهما فقال: لک قرابة من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله والقِدَم في الإسلام ما قد علمتَ، فاللَّه عليک لئن أمّرتُک لتعدلنّ، ولئن أمّرتُ عثمان لتسمعنّ ولتُطيعنّ.

ثمّ خلا بالآخر فقال له مثل ذلک. فلمّا أخذ الميثاق قال: ارفعْ يدک يا عثمان، فبايَعَه، فبايع له عليّ، وولج أهل الدار فبايعوه[1] .

1060- تاريخ الطبري: خرج عبد الرحمن بن عوف وعليه عمامته التي عمّمه بها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، متقلّداً سيفه، حتي رکب المنبر، فوقف وقوفاً طويلاً، ثمّ دعا بما لم يسمعه الناس، ثمّ تکلّم فقال: أيّها الناس! إنّي قد سألتکم سرّاً وجهراً عن إمامکم فلم أجدکم تَعدِلون بأحد هذين الرجلين: إمّا عليّ وإمّا عثمان، فقم إليّ يا عليّ!

فقام إليه عليّ فوقف تحت المنبر، فأخذ عبد الرحمن بيده فقال: هل أنت مبايعي علي کتاب اللَّه وسنّة نبيّه وفِعل أبي بکر وعمر؟

قال: اللهمّ لا، ولکن علي جَهدي من ذلک وطاقتي. فأرسَل يدَه.

ثمّ نادي فقال: قم إليّ يا عثمان! فأخذ بيده- وهو في موقف عليّ الذي کان فيه- فقال: هل أنت مبايعي علي کتاب اللَّه وسنّة نبيّه وفِعل أبي بکر وعمر؟

قال: اللهمّ نعم.

[صفحه 107]

فرفع رأسه إلي سقف المسجد ويده في يد عثمان، ثمّ قال: اللهمّ اسمع واشهد! اللهمّ إنّي قد جعلت ما في رقَبتي من ذاک في رقَبة عثمان.

وازدحم الناس يُبايعون عثمان حتي غَشُوه عند المنبر، فقعد عبد الرحمن مَقعد النبيّ صلي الله عليه و آله من المنبر، وأقعد عثمان علي الدرجة الثانية، فجعل الناس يبايعونه، وتلکّأ عليٌّ، فقال عبد الرحمن: «فَمَن نَّکَثَ فَإِنَّمَا يَنکُثُ عَلَي نَفْسِهِ ي وَ مَنْ أَوْفَي بِمَا عَهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا»[2] .

فرجع عليٌّ يشقّ الناس حتي بايع وهو يقول: خدعةٌ وأيّما خدعة!![3] .146:7- الکامل في التاريخ: لمّا دُفن عمر، جمع المقداد أهل الشوري... فقال عبد الرحمن: أيّکم يُخرِج منها نفسَه ويتقلّدها علي أن يُولِّيها أفضلکم؟ فلم يُجِبه أحد.

فقال: فأنا أنخلع منها، فقال عثمان: أنا أوّل مَن رضي، فقال القوم: قد رضينا، وعليّ ساکت.

فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟

قال: أعطني موثقاً لتؤثرنّ الحقّ، ولا تتّبع الهوي، ولا تخصّ ذا رحم، ولا تألو الاُمّة نُصحاً.

فقال: أعطوني مواثيقکم علي أن تکونوا معي علي من بدَّل وغيَّر، وأن ترضوا من اخترت لکم؛ وعليَّ ميثاق اللَّه ألّا أخصّ ذا رحم لرحمه، ولا آلو المسلمين.

فأخذ منهم ميثاقاً، وأعطاهم مثله....

[صفحه 108]

ودارَ عبد الرحمن لياليه يلقي أصحابَ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ومن وافي المدينة من اُمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم، حتي إذا کان الليلة التي صبيحتها تستکمل الأجل أتي منزل المِسْوَر بن مَخْرَمة فأيقظه، وقال له: لم أذق في هذه الليلة کبيرَ غُمْض![4] انطلِق فادْعُ الزبير وسعداً. فدعاهما، فبدأ بالزبير فقال له: خَلِّ بني عبد مناف وهذا الأمر. قال: نصيبي لعليّ. وقال لسعد: اجعلْ نصيبک لي. فقال: إن اخترتَ نفسک فنعم، وإن اخترتَ عثمان فعليٌّ أحبّ إليّ....

فلمّا صلّوا الصبح جمع الرهط، وبعث إلي من حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار وإلي اُمراء الأجناد، فاجتمعوا حتي التجّ[5] المسجد بأهله، فقال: أيّها الناس!إنّ الناس قد أجمعوا أن يرجع أهل الأمصار إلي أمصارهم، فأشيروا عليَّ.

فقال عمّار: إن أردت ألّا يختلف المسلمون فبايع عليّاً. فقال المقداد بن الأسود: صدق عمّار! إن بايعتَ عليّاً قلنا: سمعنا وأطعنا.

قال ابن أبي سَرْح: إن أردتَ ألّا تختلف قريش فبايع عثمان. فقال عبداللَّه بن أبي ربيعة: صدق![6] إن بايعتَ عثمان قلنا: سمعنا وأطعنا. فشتم[7] عمّارٌ ابنَ أبي سَرْح وقال: متي کنتَ تنصح المسلمين!!

فتکلّم بنو هاشم وبنو اُميّة، فقال عمّار: أيّها الناس! إنّ اللَّه أکرمنا بنبيّه وأعزّنا بدينه، فأنّي تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّکم؟! فقال رجل من بني

[صفحه 109]

مخزوم: لقد عدوتَ طورَک يابن سميّة! وما أنت وتأمير قريش لأنفسها!!

فقال سعد بن أبي وقّاص: يا عبد الرحمن، افرغ قبل أن يفتتن الناس.

فقال عبد الرحمن: إنّي قد نظرتُ وشاورتُ، فلا تجعلُنّ- أيّها الرهط- علي أنفسکم سبيلاً. ودعا عليّاً وقال: عليک عهد اللَّه وميثاقه لتعملنّ بکتاب اللَّه وسنّة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده.

قال: أرجو أن أفعل؛ فأعمل بمبلغ علمي وطاقتي.

ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعليّ، فقال: نعم نعمل.

فرفع رأسه إلي سقف المسجد ويده في يد عثمان فقال: اللهمّ اسمع واشهد! اللهمّ إنّي قد جعلت ما في رقبتي من ذلک في رقبة عثمان. فبايَعَه.

فقال عليٌّ: ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا! «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَي مَا تَصِفُونَ»،[8] واللَّه ما ولّيتَ عثمان إلّا ليردّ الأمر إليک!! واللَّه کلّ يوم في شأن.

فقال عبد الرحمن: يا عليّ، لا تجعل علي نفسک حجّة وسبيلاً. فخرج عليّ وهو يقول:سيبلغ الکتاب أجله!

فقال المقداد: يا عبد الرحمن، أما واللَّه لقد ترکتَه وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون!

فقال: يا مقداد، واللَّه لقد اجتهدتُ للمسلمين.

قال: إن کنتَ أردتَ اللَّه فأثابک اللَّه ثواب المحسنين.

[صفحه 110]

فقال المقداد: ما رأيتُ مثل ما أتي إلي أهل هذا البيت بعد نبيّهم! إنّي لأعجب من قريش أنّهم ترکوا رجلاً ما أقول ولا أعلم أنّ رجلاً أقضي بالعدل ولا أعلم منه!! أما واللَّه لو أجد أعواناً عليه!

فقال عبد الرحمن: يا مقداد، اتّقِ اللَّه! فإنّي خائفٌ عليک الفتنة.

فقال رجل للمقداد: رحمک اللَّه! مَن أهل هذا البيت؟ ومن هذا الرجل؟

قال: أهل البيت بنو عبد المطّلب، والرجل عليّ بن أبي طالب.

فقال عليّ: إنّ الناس ينظرون إلي قريش، وقريش تنظر بينها فتقول: إن ولي عليکم بنو هاشم لم تخرج منهم أبداً، وما کانت في غيرهم تداولتموها بينکم[9] .1062- تاريخ اليعقوبي: کان عبد الرحمن بن عوف الزهري- لمّا توفّي عمر واجتمعوا للشوري- سألهم أن يُخرِج نفسَه منها علي أن يختار منهم رجلاً، ففعلوا ذلک، فأقام ثلاثة أيّام، وخلا بعليّ بن أبي طالب، فقال: لنا اللَّه عليک، إن وُلِّيت هذا الأمر، أن تسير فينا بکتاب اللَّه وسنّة نبيّه وسيرة أبي بکر وعمر. فقال: أسير فيکم بکتاب اللَّه وسنّة نبيّه ما استطعت.

فخلا بعثمان فقال له: لنا اللَّه عليک، إن وُلِّيت هذا الأمر، أن تسير فينا بکتاب اللَّه وسنّة نبيّه وسيرة أبي بکر وعمر.

فقال: لکم أن أسير فيکم بکتاب اللَّه وسنّة نبيّه وسيرة أبي بکر وعمر.

ثمّ خلا بعليّ فقال له مثل مقالته الاُولي، فأجابه مثل الجواب الأوّل؛ ثمّ خلا

[صفحه 111]

بعثمان فقال له مثل المقالة الاُولي، فأجابه مثل ما کان أجابه، ثمّ خلا بعليّ فقال له مثل المقالة الاُولي، فقال:

إنّ کتاب اللَّه وسنّة نبيّه لا يحتاج معهما إلي إجِّيرَي[10] أحد! أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عنّي!!

فخلا بعثمان فأعاد عليه القول، فأجابه بذلک الجواب، وصفق علي يده[11] .

1063- الأمالي للطوسي عن محمّد بن عمرو بن حزم: إنّ القوم حين اجتمعوا للشوري فقالوا فيها، وناجي عبد الرحمن رجل[12] منهم علي حدة، ثمّ قال لعليّ عليه السلام: عليک عهد اللَّه وميثاقه، لئن وُلّيت لتعملنّ بکتاب اللَّه وسُنّة نبيّه وسيرة أبي بکر وعمر.

فقال عليّ عليه السلام: عليَّ عهد اللَّه وميثاقه، لئن وُلّيت أمرکم لأعملنّ بکتاب اللَّه وسُنّة رسوله.

فقال عبد الرحمن لعثمان کقوله لعليّ عليه السلام فأجابه: أن نعم.

فردّ عليهما القول ثلاثاً، کلّ ذلک يقول عليّ عليه السلام کقوله، ويجيبه عثمان: أن نعم، فبايع عثمانَ عبدُ الرحمن عند ذلک[13] .

1064- مسند ابن حنبل عن أبي وائل: قلت لعبد الرحمن بن عوف: کيف بايعتم عثمان وترکتم عليّاً رضي الله عنه؟ قال: ما ذنبي؟ قد بدأت بعليّ فقلتُ: اُبايعک علي کتاب

[صفحه 112]

اللَّه وسنّة رسوله، وسيرة أبي بکر وعمر. فقال: فيما استطعتُ. ثمَّ عرضتها علي عثمان فقبلها[14] .

1065- الأمالي للطوسي عن أبي ذرّ: إنّ عليّاً عليه السلام وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن الخطّاب أن يدخلوا بيتاً ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم، وأجّلهم ثلاثة أيّام، فإن توافق خمسة علي قول واحد وأبي رجلٌ منهم، قُتِلَ ذلک الرجل، وإن توافق أربعة وأبي اثنان، قُتِلَ الاثنان، فلمّا توافقوا جميعاً علي رأي واحد، قال لهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام: إنّي اُحبُّ أن تسمعوا منّي ما أقول، فإن يکن حقّاً فاقبلوه، وإن يکن باطلاً فأنکروه. قالوا: قل....

فما زال يُناشدهم، ويُذکّرهم ما أکرمه اللَّه تعالي، وأنعم عليه به، حتي قام قائم الظهيرة ودنت الصلاة، ثمّ أقبل عليهم فقال: أمّا إذا أقررتم علي أنفسکم، وبان

[صفحه 113]

لکم من سببي الذي ذکرت، فعليکم بتقوي اللَّه وحده، وأنهاکم عن سخط اللَّه، فلا تعرضوا ولا تضيّعوا أمري، وردّوا الحقّ إلي أهله، واتّبعوا سنّة نبيّکم صلي الله عليه و آله وسنّتي من بعده، فإنّکم إن خالفتموني خالفتم نبيّکم صلي الله عليه و آله، فقد سمع ذلک منه جميعکم، وسلّموها إلي من هو لها أهل وهي له أهل، أما واللَّه ما أنا بالراغب في دنياکم، ولا قلت ما قلت لکم افتخاراً ولا تزکية لنفسي، ولکن حدّثتُ بنعمة ربِّي، وأخذتُ عليکم بالحُجّة. ثمَّ نهض إلي الصلاة.فتآمر القوم فيما بينهم وتشاوروا، فقالوا: قد فضّل اللَّه عليّ بن أبي طالب بما ذکر لکم، ولکنّه رجلٌ لا يفضّل أحداً علي أحد، ويجعلکم ومواليکم سواء، وإن ولّيتموه إيّاها ساوي بين أسودکم وأبيضکم، ولو وضع السيف علي أعناقکم، لکن ولّوها عثمان، فهوأقدمکم مَيلاً، وألينکم عريکة،[15] وأجدر أن يتبع مسرّتکم، واللَّه غفور رحيم[16] .

1066- تاريخ دمشق عن المنهال بن عمرو وعباد بن عبداللَّه الأسدي وعمرو بن واثلة: قال عليّ بن أبي طالب يوم الشوري: واللَّه لأحتجّنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيهم ولا عربيهم ولا عجميهم ردّه، ولا يقول خلافه.

ثمّ قال لعثمان بن عفان ولعبد الرحمن بن عوف والزبير ولطلحة وسعد، وهم أصحاب الشوري وکلّهم من قريش، وقد کان قدم طلحة:

أنشدکم باللَّه الذي لا إله إلّا هو، أفيکم أحد وحّد اللَّهَ قبلي؟

[صفحه 114]

قالوا: اللهمّ لا.

قال: أنشدکم باللَّه، هل فيکم أحد صلّي للَّه قبلي وصلّي القبلتين؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: أنشدکم باللَّه، أفيکم أحد أخو رسول اللَّه صلي الله عليه و آله غيري؛ إذ آخي بين المؤمنين، فآخي بيني وبين نفسه، وجعلني منه بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّي لست بنبيّ؟

قالوا: لا.

قال: أنشدکم باللَّه، أفيکم مطهّر غيري إذ سدّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أبوابکم وفتح بابي، وکنت معه في مساکنه ومسجده، فقام إليه عمّه فقال: يا رسول اللَّه غلقت أبوابنا وفتحت باب عليّ؟ قال: «نعم، اللَّه أمر بفتح بابه وسدّ أبوابکم»؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد أحبّ إلي اللَّه وإلي رسوله منّي؛ إذ دفع الراية إليّ يوم خيبر، فقال: لاُعطينّ الراية إلي من يحبّ اللَّهَ ورسولَه ويحبّه اللَّهُ ورسولُه، ويوم الطائر إذ يقول: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک يأکل معي، فجئت، فقال: اللهمّ وإلي رسولک، اللهمّ وإلي رسولک، غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد قدّم بين يدي نجواه صدقة غيري حتي رفع اللَّه ذلک الحکم؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم من قتل مشرکي قريش والعرب في اللَّه وفي رسوله

[صفحه 115]

غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه أفيکم أحد دعا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله له في العلم، وأن يکون اُذنه الواعية مثل ما دعا لي؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، هل فيکم أحد أقرب إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في الرحم، ومن جعله رسول اللَّه صلي الله عليه و آله نفسه، وأبناه أبناءه، ونساءه نساءه غيري ؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد کان يأخذ الخمس مع النبيّ صلي الله عليه و آله قبل أن يؤمن أحد من قرابته غيري وغير فاطمة؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم اليوم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله سيّدة نساء عالمها؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، هل فيکم أحد له ابنان مثل ابنيّ الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ما خلا النبيّين غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد له أخ کأخي جعفر الطيّار في الجنّة، المزيّن بالجناحين مع الملائکة، غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

[صفحه 116]

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد له عمّ مثل عمّي أسد اللَّه وأسد رسوله سيّد الشهداء حمزة غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد ولي غمض رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مع الملائکة غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد ولي غسل النبيّ صلي الله عليه و آله مع الملائکة يقلّبونه لي کيف أشاء غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد کان آخر عهده برسول اللَّه صلي الله عليه و آله حتي وضعه في حفرته غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتکم باللَّه، أفيکم أحد قضي عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعده ديونه ومواعيده غيري؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: وقد قال اللَّه عزّوجلّ: «وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ و فِتْنَةٌ لَّکُمْ وَ مَتَعٌ إِلَي حِينٍ»[17] [18] .

1067- شرح نهج البلاغة- في ذکر أحداث البيعة يوم الدار-: صفَق [عبد الرحمن ]علي يد عثمان وقال: واللَّه، ما فعلتَها إلّا لأنّک رجوتَ منه مارجا

[صفحه 117]

صاحبُکما من صاحبه، دقّ اللَّه بينکما عِطْرَ مَنْشِم[19] .

قيل: ففسد بعد ذلک بين عثمان وعبد الرحمن، فلم يکلّم أحدُهما صاحبَه حتّي مات عبد الرحمن[20] .

1068- الإمام عليّ عليه السلام: يابن عوف! کيف رأيت صنيعک مع عثمان؟ ربّ واثق خجل، ومن لم يتوخّ بعمله وجه اللَّه عاد مادحه من الناس له ذامّاً[21] .

1069- شرح نهج البلاغة: لمّا بني عثمان قصره طَمار بالزوراء،[22] وصنع طعاماً کثيراً، ودعا الناس إليه، کان فيهم عبد الرحمن، فلمّا نظر للبناء والطعام قال: يابن عفان، لقد صدّقنا عليک ما کنّا نکذّب فيک، وإنّي أستعيذ باللَّه من بيعتک. فغضب عثمان، وقال: أخرجه عنّي يا غلام، فأخرجوه، وأمر الناس ألّا يجالسوه، فلم يکن يأتيه أحد إلّا ابنُ عبّاس، کان يأتيه فيتعلّم منه القرآن والفرائض. ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وکلّمه فلم يکلّمه حتي مات[23] .

1070- تاريخ اليعقوبي: إنّ عثمان اعتلّ علّةً اشتدّت به، فدعا حمران بن أبان، وکتب عهداً لمن بعده، وترک موضع الاسم، ثمّ کتب بيده: عبد الرحمن بن عوف، وربطه وبعث به إلي اُمّ حبيبة بنت أبي سفيان، فقرأه حمران في الطريق، فأتي

[صفحه 118]

عبدَ الرحمن فأخبره.

فقال عبد الرحمن، وغضب غضباً شديداً: أستعمله علانيةً، ويستعملني سرّاً.

ونمي الخبر وانتشر بذلک في المدينة، وغضب بنو اُميّة، فدعا عثمان بحمران مولاه، فضربه مائة سوط، وسيّره إلي البصرة، فکان سبب العداوة بينه وبين عبد الرحمن بن عوف[24] .



صفحه 106، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118.





  1. صحيح البخاري: 3497:1356:3، تاريخ الخلفاء: 158.
  2. الفتح: 10.
  3. تاريخ الطبري: 238:4، تاريخ الإسلام للذهبي: 305:3، البداية والنهاية: 1061.
  4. ما ذُقْتُ غُمْضاً: أي ما ذُقْتُ نَوماً (لسان العرب: 199:7).
  5. التجّ الظلام: اختلط (المحيط في اللغة: 408:6).
  6. في المصدر «صدقت»، وما أثبتناه من تاريخ الطبري؛ وهو المناسب للسياق.
  7. في المصدر: «فتبسَّم»، وما أثبتناه من تاريخ الطبري.
  8. يوسف: 18.
  9. الکامل في التاريخ: 221:2 تا 224، تاريخ الطبري: 230:4 تا 233، تاريخ المدينة: 926:3 تا 931، العقد الفريد: 286:3 تا 288 کلّها نحوه.
  10. الإجِّيرَي: العادَة (تاج العروس: 13:6) والمراد هنا: الطريقة.
  11. تاريخ اليعقوبي: 162:2 وراجع الأمالي للطوسي: 1171:557 وشرح نهج البلاغة: 53:9.
  12. کذا في المصدر، والظاهر أنّ الصحيح: «کلّ رجل منهم».
  13. الأمالي للطوسي: 1512:709.
  14. مسند ابن حنبل: 557:162:1، المنتظم: 337:4، تاريخ الإسلام للذهبي: 304:3، تاريخ الخلفاء: 182.

    وفي الإمامة والسياسة 45:1: أنّ عبد الرحمن بن عوف أخذ بيد عثمان، فقال له: عليک عهد اللَّه وميثاقه، لئن بايعتک لتقيمن لنا کتاب اللَّه وسنّة رسوله وسنّة صاحبيک، وشرط عمر؛ أن لا تجعل أحداً من بني اُميّة علي رقاب الناس.

    فقال عثمان: نعم.

    ثمّ أخذ بيد عليّ عليه السلام، فقال له: اُبايعک علي شرط عمر؛ أن لا تجعل أحداً من بني هاشم علي رقاب الناس.

    فقال عليٌّ عليه السلام عند ذلک: ما لک ولهذا إذا قطعتها في عنقي؟ فإنّ عليَّ الاجتهاد لاُمّة محمّد حيث علمت القوّة والأمانة استعنت بها، کان في بني هاشم أو غيرهم.

    قال عبد الرحمن: لا واللَّه، حتي تعطيني هذا الشرط.

    قال عليّ: واللَّه لا أعطيکه أبداً.

  15. العَرِيکة: الطبيعة، يقال: فلان ليّن العريکة؛ إذا کان مُطاوِعاً مُنقاداً قليل الخلاف والنفور (النهاية: 222:3).
  16. الأمالي للطوسي: 545 و1168:553، إرشاد القلوب: 259 و263.
  17. الأنبياء: 111.
  18. تاريخ دمشق: 431:42 و ص 433 تا 435؛ الأمالي للطوسي: 667:333، بشارة المصطفي: 243 کلاهما نحوه.
  19. قال الأصمعي: مَنشِم- بکسر الشين-: اسم امرأة کانت بمکّة عطّارة، وکانت خزاعة وجُرهم إذا أرادوا القتال تطيّبوا من طيبها، وکانوا إذا فعلوا ذلک کثرت القتلي فيما بينهم. فکان يقال: «أشأم من عطر منشم»، فصار مثلاً (الصحاح: 2041:5).
  20. شرح نهج البلاغة: 188:1؛ الإرشاد: 286:1 عن حنش الکناني، الجمل: 122 کلاهما نحوه.
  21. شرح نهج البلاغة: 627:316:20.
  22. الزوراء: دار عثمان بن عفّان بالمدينة (معجم البلدان: 156:3).
  23. شرح نهج البلاغة: 196:1، الأوائل لأبي هلال: 129 عن أبي يعقوب السروي.
  24. تاريخ اليعقوبي: 169:2.